يقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمام تحديات سياسية واقتصادية عمّقتها الأضرار والأزمات التي تسبب بها الزلزال الأخير الذي ضرب تركيا. فأردوغان الذي يتحضّر لجولة رئاسية جديدة بعد حوالي شهرين، يتعرض لانتقادات دولية أعادت إلى الواجهة التوتر بين أنقرة وباريس على وجه التحديد.
في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2020، وصلت العلاقات بين كل من فرنسا وتركيا إلى مستويات غير مسبوقة من التوتر في خضم الحرب الكلامية بين زعيمي البلدين. فبينما نصح اردوغان نظيره بـ “فحص صحته العقلية”، رد ماكرون على سؤال صحفي بلزوم “تحلّي اردوغان بالاحترام”.
اليوم، يُعدّ الزلال فرصة سانحة لتجديد الهجمات ضد أنقرة. حيث شنّت صحيفة “لوموند” الفرنسية في افتتاحيتها بعنوان “وقت المحاسبة… الحساب للرئيس أردوغان”. وقالت في تقريرها ان أردوغان، يعلم أكثر من أي شخص بأن الكوارث الطبيعية يمكن أن تكلف السياسيين ثمناً باهظاً، وإلى أي مدى يمكن لهذه الكارثة أو تلك، أن تكون بمثابة كاشفة للأخطاء وعمليات الفساد التي تضعف البلد المعني وتكشف عيوبه عند وقوعها.
وأضافت الصحيفة ان أردوغان يعرف ذلك لأنه هو نفسه مدين بشكل غير مباشر لعواقب الزلزال الرهيب الذي وقع في إزميت، بالقرب من اسطنبول في عام 1999 فيما يتعلق بصعوده إلى قمة الدولة التركية. فهذا الزلزال، الذي قتل فيه أكثر من 18 ألف شخص، زعزع بشدة ثقة الأتراك في النظام الكمالي وأبويته، لدرجة أن الدولة فشلت في إدارة الكارثة.
هذا الشرخ الممزوج بالشعور بالتخلي أو الهجر والمتبوع بأزمة اقتصادية خطيرة، كان بمثابة نقطة انطلاق لأردوغان، الذي أنشأ، بالارتكاز على مهمته الناجحة كرئيس لبلدية إسطنبول، حزب العدالة والتنمية، ووعد بالتغيير وبوجود مخزون سكني قوي متاح للجميع. فاز في انتخابات عام 2002، قبل أن يتم تعيينه رئيسًا للوزراء في العام التالي. ولم يترك السلطة منذ ذلك الحين.
وتقول “لوموند” أن أردوغان على موعد، بعد حوالي شهرين، مع أصعب انتخابات في حياته المهنية الطويلة. ورغم صعوبات تنظيم الاقتراع في عشر مقاطعات تضررت من الزلزال الأخير الذي أودى بحياة نحو 44 ألف شخص، إلا أنه حافظ على موعدها. فمن الناحية الدستورية، ليس باستطاعته تأجيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية إلى ما بعد يوم 18 حزيران/ يونيو المقبل. لكن قد نتصور أن الرئيس التركي له مصلحة كاملة في عدم انتظار الناخبين لقياس مسؤولية السلطات العامة في حجم الكارثة.
وتساءلت “لوموند” إلى أي مدى سيكون الرئيس التركي قادرًا، بعد هذه الكارثة، على إخفاء الأثر الضار لحكمه، الذي دام عشرين عامًا، على مؤسسات البلاد، الموكلة إلى أصدقاء تم اختيارهم لولائهم أكثر من كفاءتهم؟. من الواضح اليوم أنه لا خدمات الطوارئ والإنقاذ العامة ولا الجيش أنجزوا مهامهم في الأيام الأولى التي أعقبت الزلزال.
كما أن هناك تساؤلات حول هشاشة الإنشاءات، وعن البنايات مثل البيوت المصنوعة من الورق، فيما قاومت المباني الأخرى الأكثر صلابة. وتوضح الصحيفة، أنه بعد مرور 25عامًا على زلزال إزميت، استنكر الخبراء مرة أخرى افتقار السلطات إلى الترقب، وفساد مطوري العقارات وتواطؤهم مع المسؤولين الكبار في الدولة التركية: العلاقات الوثيقة بين حزب العدالة والتنمية وقطاع البناء والأشغال العامة ليست سراً بالنسبة لأي أحد.
على الرغم من الوسائل المستخدمة لإسكات المنتقدين، تواجه المعارضة والمجتمع المدني الآن المهمة الصعبة المتمثلة في تسليط الضوء على هذه الانتهاكات الإجرامية. وبحسب “لوموند” فإن الوقت يمر، وأنه من حق المواطنين الأتراك الحق في معرفة الحقيقة، لأخذ الدروس يوم 14 مايو المقبل.
المصدر الخنادق
Discussion about this post