الأسبوع الماضي، تلقى وزير الخارجية الكويتي سالم عبدالله الجابر الصباح، دعوة رسمية لزيارة إيران، وسط خلاف بين كل من الكويت والسعودية من جهة، وطهران من جهة أخرى، بشأن حقل قريب من الحدود البحرية للدول الثلاث.
الدعوة الإيرانية، تأتي بعد شهرين من بيانات صحفية متتالية صدرت عن الجانبين الكويتي والسعودي، حول أحقيتهما بالتنقيب عن الثروات الطبيعية في حقل الدرة.
كما تأتي الدعوة، بعد أيام من تصريحات وزير النفط الإيراني جواد أوجي، قال فيها إن بلاده لن تتسامح مع أي انتهاك لحقوقها في الحقل، الذي يعد موضع خلاف بين طهران والكويت.
وأفاد أوجي في تصريحات بالعاصمة طهران، أن بلاده لطالما دعمت الحلول السلمية بشأن قضايا الحدود البرية والمائية مع دول الجوار، بحسب وكالة أنباء “ارنا” الإيرانية الرسمية.
يقع الحقل في مياه الخليج، وتقول الكويت والسعودية إنه يتبع مياههما الإقليمية، بينما أكدت إيران منذ القرن الماضي، أحقيتها بالمنطقة وحقل الدرة الذي تطلق عليه “آرش”.
والخميس من الأسبوع الماضي، أعلنت السعودية والكويت، “التمسك بالحق في ملكية حقل الدرة بكامله” المتنازع عليه مع طهران، ودعا البلدان الخليجيان “إيران إلى التفاوض حول الحد الشرقي من المنطقة المغمورة بينهم”.
وسبق في يوليو/ تموز الماضي، أن جددت السعودية الدعوة لإيران للتفاوض بشأن “المنطقة المغمورة المقسومة” والتي يقع فيها الحقل، مؤكدة أن “ثروات تلك المنطقة بما فيها حقل الدرة، ملكية مشتركة للمملكة والكويت فقط”.
ووقتها، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، إن بلاده تتابع تطورات حقل غاز “آرش”، أو ما يعرف بحقل “الدرة” الواقع على الحدود المشتركة مع كل من الكويت والسعودية.
وفي 30 يوليو الماضي، قال وزير النفط الإيراني جواد أوجي، إن بلاده لن تتسامح مع أي انتهاك لحقوقها في حقل “آرش” الذي يعد موضع خلاف بين طهران والكويت.
وفي مارس/ آذار 2022، وقعت السعودية والكويت على اتفاقية لتطوير حقل “الدرة”، فيما ادعت إيران أن الاتفاقية “غير قانونية” لتعلن البدء بأعمال التنقيب في المنطقة.
** نبذة تاريخية
اكتشف حقل الدرة عام 1960 في مياه الخليج، عندما منحت الكويت شركة “رويال داتش شل” العالمية، امتياز التنقيب، وذات الوقت منحت إيران شركة النفط الأنغلو-الإيرانية، حق امتياز مماثل، ليبدأ الخلاف عام 1967.
المعلومات حول كميات الغاز الطبيعي في الحقل قديمة تعود إلى ستينات وسبعينات القرن الماضي، ولم يتم تحديثها بناء على عمليات مسح جديدة، إذ تشير التقديرات إلى احتواء الحقل على 220 مليار متر مكعب من الغاز.
ولتصور حجم هذه الكمية من الغاز الطبيعي، فهي تعادل حاجة بلد مثل مصر للغاز لمدة تقترب من 4 أعوام، وتناهز تقريبا 85 بالمئة من صادرات روسيا من الغاز للاتحاد الأوروبي قبل الحرب مع أوكرانيا.
وعلى الرغم من محادثات منذ القرن الماضي، بشأن ترسيم الحدود البحرية بين الكويت وإيران، إلا أن البلدين لم يتوصلا إلى أي اتفاق نهائي وملزم.
وتعتبر إيران دولة نفطية ومنتجاً عالميا للغاز الطبيعي، وتبلغ كميات الإنتاج السنوية نحو 260 مليار متر مكعب، بحسب بيانات صادرة عن وزارة النفط في البلاد.
وتقوم طهران حاليا بتطوير حقل الشمال المشترك مع قطر والذي اكتشف عام 1971، وتشير تقديرات إيرانية أنه أكبر حقل للغاز عالميا، إذ يقوم البلدان بتوسعة مشاريع الإنتاج تدريجيا منذ ذلك العام.
وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وقعت السعودية والكويت من خلال شركتي “أرامكو لأعمال الخليج” و “الشركة الكويتية لنفط الخليج”، مذكرة تفاهم لتطوير حقل الدرة للغاز المشترك بين البلدين.
وبتاريخ 21 مارس/ آذار 2022، اتفقت وزارتا الطاقة السعودية والنفط الكويتية في محضر الاجتماع الموقع بينهما، على العمل لاستغلال الحقل الواقع في المنطقة المغمورة المقسومة.
ويأتي تطوير الحقل تنفيذاً لمُقتضى مذكرة التفاهم التي وقَّعتها المملكة والكويت في 24 ديسمبر/كانون الأول 2019، والتي تضمنت العمل المشترك على تطوير واستغلال حقل الدرة.
وبعيدا عن حقل الدرة، وبعد خلاف دام 5 سنوات، نجحت السعودية والكويت عام 2019 في التوصل إلى اتفاق تاريخي بشأن استئناف إنتاج النفط للمنطقة المقسومة الحدودية (برية).
وتشمل المنطقة المحايدة بين الكويت والسعودية حقلي “الخفجي” و”الوفرة”، ويتراوح إنتاجهما بين 500 و600 ألف برميل نفط يوميا، مناصفة بين الدولتين.
Discussion about this post