ترجمة – د. محمد بناية :
نواجه في منطقة الشرق الأوسط قضية باسم “حرب المياه”. ويمكن ملاحظة آثار تورط بعض الأطراف في افتعال حرب المياه مثل: “إسرائيل وأميركا وتركيا”؛ وأحيانًا “الهند”؛ بحسب ما استهل “فرشيد عابدي”، التقرير المنشور بصحيفة (شرق) الإيرانية.
الدور الإسرائيلي..
والواقع أن “إسرائيل” تفتقر إلى مصادر المياه الداخلية؛ وتعتمد على مصادر الماء الخارجية، وعلى عكس اتفاقية “وادي عربه” ترفض منح الماء لـ”الأردن”. وقديمًا احتلت “إسرائيل”؛ جنوب “لبنان”، بهدف تحريف مسّار نهر “ليتاني”، بحيث يصب في “إسرائيل”، لكنها تراجعت في العام 2000م؛ تحت وطأة المقاومة.
وفي عهد “أنور السادات”؛ كان الإسرائيليون بصّدد شق قناة من “نهر النيل” تمر أسفل “قناة السويس” وصولًا إلى “سيناء”، لكن الرئيس المصري رفض الفكرة.
وحاليًا نجحت “”إسرائيل” في إجبار “إثيوبيا” على بناء سّد كبير باسم: “النهضة”، ما أدى إلى تراجع حصة “مصر” و”السودان” من المياه، وبالتالي تهديد الأمن الاستراتيجي للبلدين.
الدور التركي..
و”تركيا”؛ باعتبارها عضو “حلف شمال الأطلسي”، أنشأت على نهري “دجلة” و”الفرات” عدد: 22 سّد؛ ما أثر على تراجع حصص “العراق” و”سوريا” بشدة من المياه، الأمر الذي ترتب عليه تجفيف كل مصادر المياه جنوب “العراق”، وبالتالي تعرض “العراق” لطوفان من الأتربة أثرت بدورها على جودة الهواء الإيراني.
وبالنظر إلى متانة العلاقات “التركية-الإسرائيلية”، من غير المسّتبعد أن يكون لـ”تل أبيب” دور في هذا الموضوع.
وفي خطوة جديدة؛ تقوم “تركيا” بإنشاء سّد على نهر “أرس”، الذي يحد أو يكاد يقضي على الزارعة في “مغان”؛ باعتبارها مخزن غلال “إيران”.
وفي فترة الحرب الباردة، سّاهمت المنافسة بين القوى الكبرى في الشرق والغرب للسّيطرة على “أفغانستان”، في استثمار “الولايات المتحدة” و”الاتحاد السوفياتي” مبالغ طائلة في “أفغانستان”. ووفق المسّتندات الدولية الموثقة، فقد شهدت “أفغانستان” أكبر استثمار أجنبي في قطاع المياه خلال القرن العشرين؛ حيث جرى إنشاء سّد “كجكي” بدعم أميركي؛ وقيل إن الجيش الأميركي قدم مسّاعدات للحكومة الأفغانية للانتهاء سريعًا من بناء هذا السّد على نهر “هيرمند”.
والسّدود التي أنشأتها “تركيا” كذلك تنّدرج تحت إطار الحلم الوهمي للعثمانية الجديدة. فالهندسة الاجتماعية هي أحد أهداف بناء السّدود الأفغانية والتركية.
والنظام التركي بتنفيذ مشروعات مثل (جاب) وغيرها؛ إنما يسّعى إلى فرض الصبغة التركية على المناطق الكُردية جنوب البلاد وتغيّير النسّيج المجتمعي. كذلك تتطلع “أفغانستان” إلى تحقيق هدف مشّابه.
حرب المياه..
ونحن نخوض حاليًا حربًا إقليمية باسم “المياه”؛ ضحيتها دول مثل: “إيران، ومصر، وسوريا، والعراق، وباكستان، وتُركمانستان، وأوزبكستان، وطاغيكستان” وغيرها من الدول التي لم تسّتعد لمثل هذه المعركة.
وتمتلك “أفغانستان” خمسة مستجمعات مياه تُضاعف سنويًا من مخزون “أفغانستان” المائي من الدول المجاورة.
وعليه تحظى “كابول” من جهة باليد العليا على دول الجوار، ومن جهة أخرى يتشارك: 90% من الشعب الأفغاني الحياة على هذه المسّتجمعات، كما تتشارك “أفغانستان” بنسّبة: 84% في هذه الأحواض مع دول الجوار، ولذلك تخوض مباحثات مائية على مسّتويات مختلفة مع هذه الدول. وتدفق المياه الزائدة عن الأحواض الأفغانية على دول الجوار، دفع القيادة الأفغانية إلى استغلال هذه المسّألة كأداة اقتصادية وسياسية؛ ومن ثم فقد أصبحت سّيطرة هذا البلد على المياه السّطحية أحد أهم الأسس في السياسات المائية الأفغانية.
وقد تقدمت “الهند” بعد إنشاء سّد “سلما”؛ بعروض بناء: 12 سّد على “نهر كابول”، بتكلفة حوالي: 30 مليار دولار، في إطار جهود تهديد الأمن المائي والغذائي الباكستاني بالنظر إلى التوتر السياسي والعسكري بين “الهند” و”باكستان”.
ومع الأخذ في الاعتبار للقوميات الأفغانية المتعددة، فقد أدى الهيكل القومي؛ وخاصة بين قبائل “البشتو”، التي تُسّيطر في الغالب على السلطة والخلاف مع سّائر القوميات الأخرى، إلى عدم تحقق مفهوم “الحكومة-الشعب”.
الأمر الذي حفز حكام “البشتو” الأفغان؛ سواءً في فترة الجمهورية أو فترة (طالبان)، جعل الانتشار على جدول أعمال “البشتو” بهدف المحافظة على بناء موازنة القوة والمحافظة على وحدة الأرض.
و”باكستان”؛ سوف تتعامل بحسّم مع التحركات المائية، لكن السّيطرة على “نهر كابول”، الذي يُعتبر منشأ “نهر السّند”، سوف تتحول إلى تحدي للأمن الغذائي الإقليمي. والمناقشات المائية الأفغانية مع دول الجوار، لها تداعيات أمنية واقتصادية واجتماعية على الكثير من دول الجوار.
Discussion about this post