كشفت وكالة “بلومبرغ” الأميركية عن مواجهةٍ محتدمة بين فرنسا وألمانيا، أوضحتها خلافات البلدين بشأن ما سمّته امتلاك “تاج الصناعة الأوروبي”.
وأوضحت الوكالة أنّ باريس وبرلين قد دخلتا في مواجهةٍ كأكبر اقتصادين في الاتحاد الأوروبي، حيث تسعى كل منهما للحصول على ميزةٍ إضافية بقيادة التصنيع في أوروبا.
ولفتت إلى أنّ المواجهة تخاطر بتقويض الجهود الأوروبية المبذولة لمواجهة الولايات المتحدة والصين اقتصادياً وصناعياً، كون الخلافات مِن شأنها إبطاء عدّة مسارات للتقدم وضعها القادة الأوروبيون.
وبينما يدور الخلاف حول دور الطاقة النووية ومكانتها في مزيج الطاقة المستقبلي للكتلة الأوروبية، فإنّ الأمر يتعلق في النهاية بمكان وجود القلب الصناعي في أوروبا، وهو الأمر الذي يهم كلاً مِن باريس وبرلين بشدّة.
وحتى مع الانخفاضات التي شهدتها أسعار الطاقة، هبوطاً مِن المستويات القياسية التي شُوهدت العام الماضي، تصلّبت المراكز إذ تسعى فرنسا وألمانيا إلى تجنّب التخلّف عن الركب، حسب ما أوضحت “بلومبرغ” في تقريرها، ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى أن يعتمد سياسات الطاقة الخضراء البعيدة عن استخدام الكربون.
وتناولت الوكالة تصريحاً لكبير الباحثين في مركز أبحاث “CEPS” في بروكسل، كريستيان إغنهوفر، أوضح فيه أنّ “الحكومات في كل من باريس وبرلين تبحث عن كيفية توفير الكهرباء بأقل تكلفة ممكنة”، مؤكّداً أنّها تُعدّ “مسألة بقاءٍ سياسي تقريباً”.
وذكّرت “بلومبرغ” بما شهدته أسعار الطاقة مِن اهتزازٍ بسبب ما اصطُلِح على تسميته احتجاجات “السترات الصفراء”، التي تفجّرت في فرنسا قبل قرابة خمس سنوات، في أيّار/مايو 2018، مؤكّدةً أنّها ما تزال موضوعاً خطيراً ومتفجراً لحكومة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون.
كما تطرّقت أيضاً إلى مواجهة تحالف المستشار الألماني، أولاف شولتس، ضغوطاً شديدة نتيجة تراجع الدعم الحكومي بعد “إصلاحٍ فوضوي هذا الربيع لتحويل التدفئة المنزلية بعيداً عن الوقود الأحفوري”.
ومما يزيد حدّة المواجهة، لزوم تحقيق حكومتي البلدين الأوروبيين ما يمكن أن يطلق عليه “إنجاز”، خصوصاً وأنّ أحزاب المعارضة في كلا البلدين تغتنم هذه القضية للضغط على الجهات الحاكمة.
“بلومبرغ” شدّدت على أنّ الاتحاد الأوروبي لا يستطيع تحمّل صراعٍ طويل الأمد داخل جوهره الصناعي، خاصةً مع قراءة ما أثاره قانون خفض التضخم الذي أصدره الرئيس الأميركي، جو بايدن، في آب/أغسطس الماضي، مِن مخاوف بشأن جذب الولايات المتحدة للاستثمار.
يُذكر أن قانون خفض التضخم الأميركي، أو ما سُمي بالخطة الأميركية لدعم الاقتصاد الأخضر، كان قد أثار انتقاداتٍ على أعلى المستويات داخل الاتحاد الأوروبي، حيث عدّه مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، “لا يحترم قواعد التجارة الدولية في العديد من جوانبه”.
كما يعكس التحقيق الأخير في الإعانات الصينية لشركة صناعة السيارات الكهربائية، قلقاً أوروبياً متزايداً بشأن “التهديد التنافسي الذي تشكّله القوة العظمى الآسيوية”، حسب ما أوضحت الوكالة الأميركية.
Discussion about this post