صدر حديثاً عن “دار سؤال” و”دار استفهام للنشر والتوزيع” في بيروت، كتاب “نظرية عالم متعدد الأقطاب” للمفكر الروسي ألكسندر دوغين.
ويقول دوغين في الطبعة التي نقلها إلى العربية كل من ثائر زين الدين وفريد حاتم الشحف إن: “هذا حدث مهم جداً. ذلكَ أن عالمنا ينتقل بثبات من القطبيّة الأحاديّة إلى التعدديّة القطبيّة. وهذا ليس مجرد اتجاه لا رجعة عنه، بل هو تغيير جذري في البناء الدولي برمّته”.
ويضيف أن “التعدديّة القطبيّة ليست شعاراً، بل نظرية ذات طابعٍ ديالكتيكي منذ النظام الويستفالي إلى نظام العالم ثنائي القطب، ومن ثمَّ بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، إلى نظام العالم أحادي القطب. لا تتغير في كل مرحلة العلاقةُ بين الدول فحسب، بل مفهوما السيادة والاستقلال نفساهما، وتَظهرُ وتختفي المعايير الأيديولوجية، ويُنسى ثمَّ يُذكِّرُ بنفسهِ من جديد عامل الحضارة والثقافة. لذلك، لا بدّ اليوم لأي بلد وأي ثقافة أن تعرف ما هي التعدديّة القطبيّة”.
ويتألّف الكتاب من قسمين. في الأول منهما ثمّة افتراض وتأسيس لمفهوم التعددية القطبيّة بالاستناد إلى اللغة والمصطلحات، ونظرية العلاقات الدوليّة. وتتطلّب التعدديّة القطبيّة في الوقت نفسه نظرية أخرى تختلف عن النظريات الموجودة جميعها – الليبرالية، والواقعية، والماركسية، ومجموعة واسعة من نظريات ما بعد الوضعية. ويمكن في الوقت نفسه، أن يكون لـ “نظرية عالم متعدد الأقطاب” علائقُ مشتركة مع كل منها. لذلك، فإن وصف نظرية عالم متعدد الأقطاب، بمصطلحات نظريات العلاقات الدولية سيعطي صورة أكثر اكتمالاً لجوهرها.
أما القسم الثاني فمكرس للجغرافيا السياسيّة (الجيوسياسة) للعالم متعدد الأقطاب. توصف هنا التعدديّة القطبيّة في نظام إحداثيات مختلف – جيوسياسي صارم هذه المرّة.
في نظريّة التعدديّة القطبيّة تترابط الحضارات فيما بينها باعتبارها الهويّة الثقافية للمجتمعات (غالباً ما ترتبط بالدين والتقاليد) والتوجه الجيوسياسي، وكذلك عامل “الفضاء الكبير”. ومن هنا، فإنّ النتيجة الرئيسة في نظرية عالم متعدد الأقطاب هي ظهور فاعل جديد في العلاقات الدولية. يعرّف هذا الفاعلَ العالمُ الصيني جانغ فييفي بشكل دقيق على أنه “الدولة – الحضارة”. وقد استخدم فلاديمير بوتين هذا المصطلح في خطاباته، ودخلت النسخة الجديدة من المفهوم الروسي إلى السياسة الخارجية.
Discussion about this post