كتب ستيفين إم والت، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد، مقالاً في مجلة “فورين بوليسي”، عن الحسابات الأخلاقية للحرب في أوكرانيا كما يراها الغرب.
وناقش والت الصورة الأخلاقية المرسومة عن الحرب في أوكرانيا عند الغربيين، ووصف الأحكام المسبقة تجاه كل من ينتقد أو حتى يحاول التفكير بحلول لا تتوافق مع رؤية الحزب الداعم للحرب.
ورأى أنه منذ أن بدأت الحرب في أوكرانيا، سعى “حزب الداعمين للحرب” وهم أولئك الذين يفضلون إعطاء أوكرانيا “كل ما يلزم” لأطول فترة ممكنة، إلى تصوير الحرب بالطريقة الأميركية المعتادة.. “باعتبارها منافسة مباشرة بين الخير والشر”.
ووفقاً لروايتهم، فإن روسيا هي المسؤولة الوحيدة عن الحرب، ولم يكن للسياسة الغربية أي علاقة على الإطلاق بالمأساة الناتجة. كما يصورون أوكرانيا على أنها “ديمقراطية متعثرة ولكنها شجاعة، تعرضت لهجوم وحشي من قبل دكتاتورية إمبريالية فاسدة”.
ويرون أن “المخاطر الأخلاقية” لفوز روسيا، “تكاد تكون لانهائية، لأن نتائج الحرب من المفترض أن تخلف تأثيراً بعيد المدى على مستقبل الديمقراطية، ومصير تايوان، والحفاظ على النظام القائم على القواعد”، وما إلى ذلك.
وتابع أنه ليس من المستغرب أن يسارعوا إلى “إدانة أي شخص يتحدى هذا الرأي”، متهمينه بالمهادنة والسذاجة، وخدمة روسيا،أو حتى اتهامه بالافتقار إلى أي حس “للحكم الأخلاقي”.
بعد بدء الحرب، ظهر بقوة الادعاء بأن “السياسة الغربية لا علاقة لها بالحرب”، وهو أمر مثير للسخرية وفق الكاتب.
والافتراض بأن نتيجة هذا الصراع سيكون لها تأثير عميق في جميع أنحاء العالم هو “أمر غير مقنع”؛ إذ انتهت الحرب الكورية إلى “طريق مسدود”، وتم التوصل إلى هدنة عن طريق التفاوض، وفق المقال.
ويضيف: “كذلك كانت الحروب في فيتنام والعراق وأفغانستان بمثابة هزائم واضحة للولايات المتحدة، لكن العواقب الجيوسياسية لهذه الإخفاقات كانت محلية في الغالب؛ ومن المرجح أن يصدق هذا على أوكرانيا، أياً كانت النتيجة النهائية”.
وبالمناسبة، فإن الأمر نفسه ينطبق على العكس (انتصار الغرب على روسيا): “فالنصر الساحق الذي حققه الغرب في حرب الخليج الأولى، وهزيمة صربيا في حرب كوسوفو، لم يشعل شرارة نهضة ديمقراطية دائمة”.
ولفت الكاتب إلى أنّ “الديمقراطية تواجه مشاكلاً في العديد من الأماكن”، بما في ذلك الولايات المتحدة. كما أنّ النكسات العسكرية في الخارج “ليست السبب الرئيسي”.
وأضاف: “النصر في أوكرانيا إن حصل، لن يعيد الحزب الجمهوري الأميركي إلى عقله، أو يرغم مارين لوبان في فرنسا وفيكتور أوربان في المجر على التخلي عن برامجهما السياسية غير الليبرالية”.
ويورد: “إذا كنا نتحدث عن حياة البشر، فيتعين علينا أن ننظر إلى ما هو أبعد من المبادئ المجردة، وننظر في العواقب المترتبة على الاختيارات المختلفة في العالم الحقيقي. فلا يكفي أن نعلن أن الأخيار يجب أن يفوزوا؛ بل يجب على المرء أيضاً أن يفكر جدياً في تكلفة تحقيق هذه النتيجة، وما إذا كان من الممكن تحقيقها بالفعل”.
وتقدم لنا الحرب الطويلة في أفغانستان مثالاً واضحاً لهذه المشكلة، والخشية أن يحدث شيء مماثل الآن في أوكرانيا، وفق “فورين بوليسي”.
ويتابع: “الحجة الأخلاقية للسعي إلى السلام، تكمن في الاعتراف بأن الحرب تدمر البلاد، وأنه كلما طال أمدها، كان الضرر أكثر اتساعاً واستدامة”.
“من المؤسف بالنسبة لأوكرانيا أن كل من يشير إلى هذه الحقيقة ويقدم بديلاً جدياً، من المرجح أن يتعرض لإدانة شديدة وبصوت عالٍ، ويكاد يكون من المؤكد أن يتجاهله الزعماء السياسيون المعنيون”، يختم المقال.
Discussion about this post