يمرّ محمد بن سلمان بأفضل مرحلة من تاريخ حكمه. زعماء العالم يتقاطرون نحوه ويطلبون ودّه. والرئيس الأميركي سيأتي في زيارة تقديم الطاعة والولاء بصورة مُذلّة—للرئيس الأميركي نفسه. كان الرجل (أي محمد بن سلمان) قبل بضع سنوات فقط منبوذاً من دول الغرب باستثناء ماكرون (لأن فرنسا بيسارها الاشتراكي ويمينها من أحرص دول الغرب على رعاية الطغيان السعودي والإماراتي. الثورة الفرنسية لم تعد إلا براميل نفط وصفقات سلاح). محمد بن سلمان نفسه لم يكن يحلم بقدوم هذه اللحظة. بات ضامناً للغطاء الغربي لصعوده على العرش. يأمن اليوم لو مات أبوه أن يصعد إلى العرش ويحظى بتأييد ما يسمّيه اللوبي الإسرائيلي اصطلاحاً بـ«المجتمع الدولي». كيف دارت الدوائر وأصبح الرجل المنبوذ الممنوع من زيارة عواصم الغرب—بحكم الرفض الشعبي له—زعيماً مطلوباً من دول الغرب؟ كيف تمّ نسيان جريمة قال الغرب عنها بأنها لا تُغتفَر؟
محمد بن سلمان لم يكن يوماً أميراً عاديّاً في الحكم السعودي. هو كان منذ انطلاقته من نسق جديد لم نعهده في تاريخ آل سعود. الحكم في المملكة كان نتيجة مفاوضات وتسويات وحسابات دقيقة، في داخل العائلة المالكة وفي خارجها، بين القبائل والحكم وبين القبائل ورجال الدين وبين العائلة والمُستعمرين الرعاة. لكن محمد بن سلمان قرّرَ أن يقضي على الفصائل والأجنحة في داخل العائلة المالكة، وبالتدريج. جفّفَ كل مصادر «مجتهد» الذي أصبح عاطلاً عن العمل. والأجنحة من سمات تركيبة العائلة منذ وفاة الملك المؤسّس. حسابات دقيقة دخلت في صعود الملك فيصل وتشكيل جناح السديريّين بالتحالف مع أجنحة أخرى. وكل أمير نافذ شكّل جناحاً بحدّ ذاته من أولاد المؤسّس وإن اختار بعضهم الابتعاد، مثل محمد بن عبد العزيز أو الملك خالد الذي سمح لنائبه فهد بالحكم فيما هو انصرف لشؤون العبادة والورع. محمد بن سلمان حكمَ ويحكم المملكة على طريقة المُستبدّ الحديث، كما في الأنظمة العسكريّة في بلادنا أو في بلاد بعيدة. يُحسب لهُ أنه قرّر نبذ كل الأعراف والتقاليد في المملكة كي يستقيم له الحكم وحيداً ومتفرّداً. وهذا قد يكون طريقه للديمومة في الحكم أو للحكم لمرحلة وجيزة. المرحلة المقبلة القصيرة ستقرّر أجلَه.
هناك نقاش دارَ في الصحافة الغربيّة قبل أن يقرّر بايدن زيارة المملكة. إعلام آلة الحرب الأميركيّة (وكل الإعلام الغربي هو أداة في يد آلة الحرب، وهو وسيلة نقل بروباغندا أجهزة الاستخبارات التي تمدّ الصحافة بكمّ من التسريبات التي تضمن الطاعة والولاء منهم. ليس هناك من فوارق وتمايز في الإعلام الغربي، وأزمة أوكرانيا أثبتت لمن ساورته شكوك أن الإعلام الغربي وحدة متراصّة وأن وجهة النظر الأخرى ليست في صحافة ليبراليّة أو محافظة بل في إعلام التيّارات السياسيّة التي هي خارج المروحة المقبولة: أي أقصى اليسار وأقصى اليمين). النقاش هنا كان حول ضرورة مصالحة بايدن مع النظامين السعودي والإماراتي. والنظامان لهما حظوة كبيرة في واشنطن ليس فقط بسبب الرعاية المادية للإعلاميّين البارزين في المدينة—على طريقة آخر سفير للشاه الذي كان يولم للإعلاميّين البارزين ويسبغ عليهم الهدايا النفيسة—بل لأن للنظامين دوراً نافذاً في مراكز الأبحاث خصوصاً تلك التي تتعامل مع مواضيع السياسة في الشرق الأوسط. وكل الإعلاميّين يريدون فرصة الحصول على زمالة سنة أو أكثر في مراكز الأبحاث إمّا لتأليف كتاب (غالباً يكون ذا قيمة متدنية مثل كتاب كيم غطّاس الأخير أو كتاب جنيف عبده أو كتاب شادي حميد) أو لكتابة بعض مقالات في الصحافة والظهور على الشاشات في دعاية للمركز الراعي. هكذا تعمل واشنطن على طريقة الإفساد المتبادل بين السفارات السخيّة ومراكز الأبحاث وبين الصحافة والمراكز وبين الحكومة والإعلاميّين المُطيعين.
الضغط على بايدن لتغيير وجهة السياسة نحو السعوديّة والإمارات تفجّر بعد إحجام النظام الإماراتي عن التصويت لقرار في مجلس الأمن ضد روسيا. هذه كانت من الكبائر واعتبر إعلام الإمبراطوريّة الحربيّة أن العلّة ليست في سلوك النظام الإماراتي المُستبدّ بل في سياسات أميركا التي لا تراعي الحلفاء بما فيه الكفاية، وأن إيلاء مسائل حقوق الإنسان يتعارض مع المبادئ الأساسيّة للواقعية في السياسة الدوليّة. والواقعيّة (الكلاسيكيّة أو الهجوميّة) في السياسة الدولية لا تزال هي الآمرة في السياسة الخارجية لأميركا منذ الحرب العالميّة الثانيّة (قبل ذلك كانت الواقعية عاملة لكن مع اختلاف التوجّه حسب المنطقة من العالم).
وهناك حاجة إلى تعديل دراستنا لدور الرئيس في صنع السياسة الخارجيّة. بعد الحرب العالميّة الثانية، وبروز دور فرانكلن روزفلت في إدارة السياسة الخارجيّة بقليل من المشورة مع الكونغرس، نتجت أدبيّات عن دور الرئيس الأميركي لخّصهُ المؤرّخ أرثر شلسنجر في كتاب «الرئاسة الإمبراطوريّة» وحاججَ فيه أن الرئيس يفضّل التعامل مع السياسة الخارجيّة لأنه يستطيع—خلافاً لتعاطيه مع السياسة الداخليّة—أن يعطّل أدوار الكونغرس والرأي العام والصحافة لقلّة متابعة مواضيع السياسة الخارجيّة من قبل العامّة. تحدّث أرون والدفسكي، الأكاديمي الراحل في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، عن «رئاستيْن»: واحدة في مضمار السياسة الخارجيّة ويكون فيها الرئيس قويّاً وأخرى داخليّة يكون فيها الرئيس ضعيفاً، لأن الكونغرس والإعلام والرأي العام لهم آراء يقينيّة في تلك المواضيع. لكن عهد الحروب الأميركيّة، خصوصاً بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، أسّس لبروز إمبراطوريّة حربيّة أكبر من الرئيس ودوره الإمبراطوري المفترض. ليس عابراً أن الرئيس أوباما وترامب حاولا أن يسحبا القوّات الأميركيّة من أفغانستان وفشلا فشلاً ذريعاً بسبب حجم اعتراض المؤسّسة العسكريّة والاستخباراتيّة في البلاد (والإعلام كعادته ماشى مواقف الجهاز الحربي). صحيح أن بايدن سحب بالفعل القوات الأميركيّة لكن قراره قوبل بحملة فظيعة في الإعلام والكونغرس وحتى الرأي العام المنجذب لآراء النخبة في السياسة الخارجيّة. السياسة لم تعد في عصر الإمبراطوريّة الحربيّة حكراً على الرئاسة بل هي انتقلت بقوّة إلى النخبة العسكرية والاستخباراتيّة الحاكمة ومعها يندرج الكونغرس والنخبة الإعلاميّة المتماثلة. تخيّل وتخيّلي أن الكونغرس يزيد في رصد ميزانيّة الدفاع عندما يتقدّم البنتاغون بطلب ميزانيّة ما. يعلم الكونغرس أن لا حدودَ سياسيّة منفعيّة في مردود تلبية طلبات البنتاغون والاستخبارات.
محمد بن سلمان حلمَ بهذه اللحظة منذ اغتيال الخاشقجي، أن ينسى العالم حوله الجريمة التي هي من إنجازات الحاكم السعودي
بايدن فاز بسبب تأييد القطاع الليبرالي النافذ في الحزب الديموقراطي. وهذا القطاع أجبره على انتهاج مواقف جذريّة في السياسة الخارجيّة نحو الخليج بالنسبة إلى سياسي موغل في التقليديّة في السياسة الخارجيّة. هو قال أثناء حملته إنه لا يرى جانباً إيجابيّاً في شخص محمد بن سلمان وإن المملكة يجب أن تكون منبوذة. هذه المواقف، زاد عليها بعد انتخابه برفضه التحادث هاتفيّاً مع محمد بن سلمان وإصراره على عدم تواجده في المحادثات مع والده (طبعاً الطلب ساذج لأنه لا يمكن لبايدن عن بُعد التأكد من خروج محمد بن سلمان من غرفة أو مكتب أبيه). ومقتل الخاشقجي شكّل حملة إعلاميّة واشنطونيّة معارضة للتعامل مع السعوديّة. لكن هناك إسرائيل وهي تستطيع أن تؤثّر على الكونغرس والإعلام والبيت الأبيض. اللوبي الإسرائيلي باتَ يعبّر ليس عن مصالح إسرائيل فقط بل عن مصالح السعودية والإمارات والتنسيق بين الأطراف الثلاثة كبير، وكان السفير الإماراتي يوسف العتيبة من طابخي هذا التنسيق. لكن ما الذي دفعَ بايدن لتغيير وجهة سياسته نحو محمد بن سلمان؟
أولاً، الهوس بالحرب الأوكرانيّة وضرورة الانتصار على روسيا أصبح أولويّة السياسة الخارجيّة. هذا الإنفاق والتسليح بالمليارات لا بدّ أنهما أثارا شهيّة الدولة التي لا تشبع من المساعدات والأسلحة الأميركيّة. والحرب الأوكرانيّة أصبحت مثل الحرب الباردة: مجمعٌ عليها في الدولة والمجتمع بين الناس (والسقوط الذريع في هذه الحرب كان لليبراليّين واليساريّين في الكونغرس الذين ساروا بلا مساءلة مع إمبراطوريّة الحرب. وحدها مجموعة صغيرة من الجمهوريّين الليبرتاريّين شذّوا عن الإجماع وتعرّضوا—طبعاً للتخوين). إسرائيل تريد توحيد صف حلفاء الصهيونية في العالم العربي للتحضير لحروب مستقبليّة وضمان دعم غربي قوي كما ظهر في أوكرانيا.
مخطئ من يختزل أسباب انبطاح بايدن لمحمد بن سلمان ومحمد بن زايد بالحاجة إلى إنتاج الطاقة لتخفيض أسعار النفط في أميركا. صحيح، ليس هناك ما يثير غضب ونقمة الناخب هنا أكثر من أسعار النفط. جيمي كارتر في معركة إعادة الانتخاب في عام 1980 احتاج إلى الدعم السعودي وناله. الانتخابات النصفيّة على الأبواب واستطلاعات الرأي تضع بايدن المتعثّر (حرفيّاً ومجازيّاً) في واحد من أضعف المواقف لرئيس أميركي. إمكانية إعادة ترشيحه في داخل حزبه غير مضمونة على الإطلاق وخصوصاً أن نائبة الرئيس تفتقر إلى الكفاءة وإطلالاتها باتت مدار سخرية وتندّر. صحيح أن إنتاج النفط من أولويّات الزيارة لكن هناك مسألة إعادة تشكيل المنظومة الإقليميّة ودفن المجموعة العربيّة بضربة واحدة. يريد بايدن أن يبني—تماماً على طريقة الحرب الباردة—جبهة عالميّة عريضة من مختلف المناطق في العالم من أجل تفويت الفرصة على الصين وروسيا في بناء جبهة عالميّة مغايرة. والإمارات والسعوديّة أمعنتا في الدلال في الأشهر الماضية في محاولة لجذب الاهتمام الأميركي. كانت السعوديّة والأردن يهدّدان في آخر سنوات الحرب الباردة بالتوجّه نحو موسكو، لكن الخيار السوفياتي لهما في النهاية لم يكن جديّاً. أميركا تعيد تشكيل العالم اليوم، وهي—من أجل إخضاع المنافسة—تحتاج إلى الدول العربية النافذة المُسيطرة بالقوّة والمال على مقدّرات الجامعة العربيّة.
ثانياً، مسيرة اتفاقات ابراهام لم تتوقّف منذ إطلاقها في آخر عهد ترامب (وشارك لبنان فيها بإعلان قرار المفاوضات في الناقورة مع «حكومة إسرائيل» كما جاء على لسان نبيه برّي، قائد الحركة التي تعتبر إسرائيل «شراً مطلقاً»). وبايدن، عندما اعترف أمام الصحافة بأنه بالفعل سيعاكس ما كان قد وعد به (أثناء الحملة الانتخابيّة) من عداء نحو النظام السعودي وإصرار على معاقبة محمد بن سلمان، ذكر مصلحة إسرائيل وضرورة السلام بينها وبين العرب كحجّة (صفيقة). وحجّة خدمة مصالح إسرائيل فعّالة في السياسة الأميركيّة لأنها تُسكت المعترضين الجمهوريّين والديموقراطيّين على حد سواء. أميركا تحضّر لجبهة أمن قومي إسرائيلي في الشرق الأوسط. دول الخليج، بعد أن أنفقت المليارات على شراء السلاح الذي هو بمثابة خوّة تدفعها لدول الغرب كي تتكفّل بحمايتها (هي المقايضة الشهيرة التي كان ترامب صريحاً عنها)، ستلزّم إسرائيل الدفاع عن أنظمتها. محمد بن سلمان اعترف قبل أشهر أنه لا يعتبر إسرائيل عدوّاً بل هي حليف («محتمل»). وحكومة العدوّ اعترفت أنها تنسّق عسكرياً واستخباراتيّاً مع الدول العربيّة لحماية مصالحها المشتركة مع أنظمة الخليج. ويعلم محمد بن سلمان أن ثمن الحصول على اعتراف أميركي بشرعية صعوده إلى العرش—الشرعيّة الأميركيّة وليس السعوديّة—سيتضمّن السلام مع العدوّ لكن ليس على أساس صيغة «الأرض-مقابل-السلام»، كما في مشروع السلام العربي الذي رفضته إسرائيل، بل على أساس السلام مقابل لا شيء على الإطلاق. الدول العربيّة باعت القضية الفلسطينيّة التي لم تكن يوماً جدّية في الدفاع عن مصالحها. اتفاقات أبراهام ألغت جامعة الدول العربيّة والسعوديّة تعمل كي يصبح النموذج الإماراتي في التحالف مع إسرائيل هو نموذج التطبيع الوحيد.
مخطئ من يختزل أسباب انبطاح بايدن لمحمد بن سلمان ومحمد بن زايد بالحاجة إلى إنتاج الطاقة لتخفيض أسعار النفط في أميركا
سعت السعوديّة وأميركا كي يتغيّر نمط التطبيع الجاري في الأردن ومصر، حيث التطبيع يقتصر على المستوى الرسمي. والسيسي حصل على تغطية غربيّة على استبداده مقابل المزيد من التقرّب لإسرائيل والمزيد من حصار غزّة والمقاومة الفلسطينيّة. وزيارة محمد بن سلمان للأردن كانت بنفس المسار. الشعب في الأردن يرفض التطبيع بصورة قاطعة لكنّ النظام الرسمي الخليجي سيضغط على الأردن أكثر: لم تمنح السعوديّة مساعدات للأردن منذ عام 2018. والسعودية كانت ضالعة في محاولة الانقلاب (التي أدارها، بصبيانيّة وخفّة، الأمير حمزة) لكنها تريد التطبيع مع النظام مقابل شيء غير ملموس: لم يُعلن عن مساعدات أو استثمارات سعوديّة في الأردن كما حصل بعد زيارة محمد بن سلمان لمصر. الأردن بات معزولاً في الإقليم: بين النظام السوري المنتمي إلى فريق الممانعة وبين النظام المصري الغارق في التطبيع على النمط الإماراتي، فيما تحاول إسرائيل نزع صلاحية النظام الأردني في الوصاية على الأقصى، لصالح النظام السعودي نفسه في صفقة مستقبليّة يمكن أن يستفيد منها محمد بن سلمان عندما يُجاهر بالتطبيع الواضح (البيان السعودي-الأردني الرسمي كرّرَ عناوين جريدة «عكاظ»).
ثالثاً، يريد جو بايدن وإدارة الحرب الأميركيّة محاصرة إيران أكثر. المفاوضات النوويّة متعثّرة لأن بايدن—كما في مواضيع أخرى—نكثَ بوعوده في الحملة الانتخابيّة. تريد أميركا المزيد من التنازلات من إيران، غير تلك التي نصّ عليها الاتفاق النووي في عام 2015. وبايدن لم يحاول حتى أن يزيل العقوبات الإضافيّة التي فرضتها إدارة ترامب. وإيران في حيرة من أمرها: هل توقّع على اتفاق يتطلّب منها المزيد من التنازلات مع إمكانيّة خرق الاتفاق، مرّة أخرى، في حال وصل رئيس جمهوري إلى البيت الأبيض، أم هي تمتنع عن التوقيع وتستمرّ في التعامل الذكي (نسبيّاً) مع نتائج الحصار؟
محمد بن سلمان حلمَ بهذه اللحظة منذ اغتيال الخاشقجي، أن ينسى العالم حوله الجريمة (وجريمة قتل الخاشقجي ليست أسوأ جرائم النظام السعودي الذي لم يتورّع عن خطف وتعذيب سعد الحريري والذي كان يعدّ للمزيد من المغامرات قبل أن تتعثّر كل مغامرات الأمير المتهوّر في اليمن وفي القنصليّة في إسطنبول) التي هي من إنجازات الحاكم السعودي. هو حصل على زحف تركي نحو السعودية. إردوغان، الذي هدّد بنشر تسجيلات تثبت بما لا يقبل الشك مسؤوليّة النظام السعودي عن قتل الخاشقجي—صديق الحكم التركي، نسي مسألة الخاشقجي وتعهّد بعدم فتح الموضوع في السرّ أو في العلن. والإخوان المسلمون (بشخص عماد الحوت) غفروا للنظام السعودي حربَه—المستمرّة—ضد حركة الإخوان مقابل مجرّد التعاطي مع الحركة. والنظام الأردني تصنّع نسيان مسؤوليّة الحكم السعودي عن محاولة انقلاب الأمير حمزة وضلوع باسم عوض الله، مستشار محمد بن سلمان. والنظام القطري لم يعد يُحرج النظام السعودي و«الجزيرة» التي تبخّر مجدها منذ 2011 لم تعد تشغل بال النظام السعودي، والإعلام القطري لم يعد ينشغل بخروق حقوق الإنسان في المملكة—التي كانت الشغل الشاغل للإعلام القطري. الساحة العربيّة كلّها خلت لتآمر التحالف السعودي-الإماراتي-القطري، والأنظمة المعترضة أضعف من أن تشكّل جبهة معارضة. والرئيس التونسي الذي فاز بالرئاسة على وعد تجريم التطبيع نسيَ الأمر وهو اليوم بحاجة إلى دعم أنظمة الخليج في استبداده المتنامي، الذي لم يستحق العقوبات الأميركيّة التي تُفرض باسم الديموقراطيّة عندما يخالف نظام ما مشيئة أميركا وإسرائيل.
Discussion about this post