تسلّط الأضواء الإعلامية والسياسية على الزيارة الأولى للرئيس الأمريكي جو بايدن الى الشرق الأوسط منذ وصوله الى البيت الأبيض في كانون الأول / يناير عام 2021. فهي تأتي مع اقتراب استحقاق الانتخابات النصفية الأمريكية المقرّرة في تشرين الثاني / نوفمبر 2022، حيث يسعى بايدن للعودة بأوراق تدعمه في الكونغرس، ثم ترفع من حظوظه في الانتخابات الرئاسية لعام 2024.
أما على المقلب الإسرائيلي، فإن الازمات المتلاحقة على المستويات كافة (السياسية، الأمينة، العسكرية) تجعل المسؤولين في الكيان ينظرون الى زيارة بايدن كـ “طوق النجاة”. الا أن موضوعين أساسيين يتوجب على الكيان “ترتيبهما” قبل وصول الرئيس الأمريكي.
_ أولاً، اتفاق التطبيع مع السعودية
قالت صحيفة “يديعوت أحرنوت” أنه “على خلفية الزيارة يجري سباق مع الزمن خلف الكواليس في محاولة للتوصل إلى اتفاقات تطبيع مع السعودية، بهدف حل الأمر حتى قبل وصول بايدن إلى الشرق الأوسط. وتشمل الجهود مع المملكة العربية السعودية النظام الإسرائيلي بأكمله، بداية من الجيش إلى الموساد ومجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية. وتعتقد إسرائيل أن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاقيات مع الرياض بشأن خطوات التطبيع الصغيرة والمتوسطة، مثل السماح للرحلات الجوية الإسرائيلية بالمرور من أجواء المملكة العربية السعودية، والسماح للحجاج الإسرائيليين بالسفر إلى الحج جواً إلى المملكة العربية السعودية، على أي حال فلا أحد يتوقع أن يكون هناك تطبيع كامل وإقامة علاقات مع السعودية قريباً”.
_ ثانياً، قضية الصحفية أبو عاقلة
ما يميّز الصحفية شيرين أبو عاقلة التي اغتالها قنّاص الاحتلال، أثناء أدائها لواجبها في تغطية أحداث مخيم جنين في أيار / مايو الماضي، أنها تحمل جواز السفر الأمريكي (الى جانب كونها من أصول فلسطينية). وقد صدر قرار الأمم المتحدة على لسان المتحدثة باسم المفوضة السامية لحقوق الإنسان رافينا شمدساني، في مؤتمر في “جنيف” بتاريخ 24 / 6 / 2022، أن “جميع المعلومات التي جمعناها – بما في ذلك من الجيش الإسرائيلي والنائب العام الفلسطيني – تؤكد حقيقة أن الطلقات التي قتلت أبو عاقلة وجرحت زميلها علي الصمودي صدرت عن قوات الأمن الإسرائيلية وليست طلقات عشوائية صادرة عن فلسطينيين مسلحين كما قالت السلطات الإسرائيلية في البداية”.
لذا تتوقع الأوساط الإسرائيلية أن تكون هذه القضية على جدول الأعمال خلال زيارة بايدن. وعشية الزيارة يسعى الاحتلال بكّل الأساليب لتخفيف حدّة الاتهامات الموجّهة الى جيشه. فقد ذكرت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية أن الجيش “يستعد لجولة أخرى من التحقيق في الحادثة… طواقم من وحدة الأقمار الصناعية 9900 التابعة للاستخبارات بالإضافة إلى ضباط متخصصين في رسم الخرائط ونائب قائد وحدة العمليات الخاصة في الاستخبارات في الأيام المقبلة سيعززون فريق التحقيق التابع للجيش الإسرائيلي الذي يحقق في ملابسات مقتل الصحفية”، فيما تنقل الصحيفة كلاماً المدعي العام العسكري اللواء يفعات تومر – يروشالمي يشير فيه الى أنه “لا يعتزم في هذه المرحلة إصدار الأمر بفتح تحقيق جنائي، لأن أبو عاقلة قُتلت في معركة واضحة، وليس في أعمال شغب أو احتكاك بين جنود ومواطن فلسطيني بريء. وقد يُفتح تحقيق جنائي في حالة اكتشاف تفاصيل جديدة حول الحادث، مثل الإهمال أو التعمد من قبل جنود الجيش”.
خلف الكواليس، يعتمد الاحتلال الطرق الملتوية ليمسح عن يده دم أبو عاقلة، حيث تكشف عائلة الأسير محمود الدبعي الذي اعتقلته قوات الاحتلال بعد يومين من قتلها الصحفية أنه يتعرّض لأقسى أنواع التحقيقات والتعذيب منذ أكثر من 44 يوماً، من أجل إجباره على الاعتراف بأنه أطلق النار على أبو عاقلة. وأوضحت العائلة أن الدبعي دخل منذ أكثر من أسبوع باضراب عن الطعام احتجاجاً على وحشية التحقيق. والدبعي يعدّ من المنتمين الى حركة الجهاد الإسلامي في مخيم جنين.
التصعيد على الجبهة الشمالية
بطبيعة الحال، لن يغيب البرنامج النووي الإيراني عن الطاولة التي ستجمع بايدن بالمسؤولين الإسرائيليين الذين يعارضون التوصّل الى اتفاق نووي مع إيران، خاصة مع عودة الحديث حول إحياء المفاوضات وإن كان من المرجّح هذه المرّة أن تُستأنف في دولة خليجية، هي قطر (حسب مصدر ايراني مسؤول)، بدلاً عن العاصمة النمساوية فيينا.
كذلك يسعى الكيان الى زيادة التنسيق مع الولايات المتحدة مع احتمال وقوع تصعيد عسكري بين جيش الاحتلال وحزب الله على خلفية استخراج الغاز من حقل “كاريش” المتنازع عليه. وأجرت كلّ من “تل ابيب” وواشنطن مناورة مشتركة تحاكي التصعيد على الجبهة الشمالية وكيفية التنسيق والتعاون. الا أن المحلل الإسرائيلي عاموس هرئيل يرى انه على الرغم من المناورة فان الولايات المتحدة لن تأخد دوراً نشطاً في الحرب الإسرائيلية ضد حزب الله”.
تبدأ زيارة بايدن في 13 تموز / يوليو المقبل وتستمر حوالي الـ 40 ساعة لتشمل لقاءات مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ثمّ مع رئيس حكومة الاحتلال الانتقالي يائير لابيد، ورئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو ومسؤولين آخرين. وكذلك سيلتقي بايدن برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
Discussion about this post