منذ لحظة إعلان الناطق العسكري لكتائب القسّام “أبو عبيدة” عن تدهور طرأ على صحة أحد الأسرى الإسرائيليين، انشغل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي العبرية وكذلك المستوى السياسي الإسرائيلي بطلب التوضيح والتفاصيل. هكذا أدارت حركة حماس جولة حرب نفسية على الكيان المؤقت قبل أن تبثّ فيديو من 36 ثانية فقط، عرضت خلالها هوية الأسير (هشام السيد) ومشاهده مع زجاجة الاوكسيجين.
فيما رأت الأوساط الفلسطينية أن هذا الإعلان يثبت مصداقية المقاومة والتزامها بقضية الأسرى وإبرام صفقة جديدة تحرّرهم من قيد الاحتلال، فقد وقع صداها في السياق المطلوب لدى الأوساط الإسرائيلية، حيث بدأت تعلو الأصوات سواء من “الجمهور” فطالبت مجموعة من النشطاء اليهود المتابعون لعائلات الأسرى بتزويدهم “بمعلومات موثوقة وواضحة لا لبس فيها فيما يتعلق بحالة الأسرى لدى حماس، وعدم الاكتفاء بالتقييمات والتخمينات”. كذلك شدّد المنسق السابق لأسرى الحرب والمفقودين لدى جيش الاحتلال، الجنرال موشيه تال، على ضرورة “تعامل الحكومة الإسرائيلية بجدية” مع هذا الملف، ورأى تصريح المتحدث باسم القسام “بمثابة دعوة لاستيقاظ الحكومة الإسرائيلية”. ومع مراوغة الاحتلال في إتمام صفقة تبادل جديدة خشية من تقديم التنازلات أمام “حماس”، يرى المحلل العسكري للقناة 12 العبرية، نير دفوري، ان “إعلان القسام حول مصير أحد الجنود الإسرائيليين الأسرى يُشكل ضغطًا كبيرًا من أجل التقدم في المفاوضات خلال الفترة المقبلة لإبرام صفقة تبادل”.
حكومة الاحتلال: لا تقدّم في الملف
4 أسرى في جعبة “حماس” منذ 8 سنوات، فشلت خلالها حكومة رئيس وزراء الاحتلال السابق بنيامين نتنياهو من إيجاد “حلّ” أو من تتبّع أثرهم وسط استنفار “القسّام” لوحدة “الظل” الخاصة بتأمين الأسرى الإسرائيليين، والتي دخلت الى هيكليتها منذ عملية الوهم المتبدّد حين تم أسر الجندي جلعاد شاليط قبل الافراج عنه مقابل أكثر من 1000 أسير فلسطيني. هذه الصفقة التي “كلّفت الاحتلال كثيراً” جرت في عهد نتنياهو أيضاً. اليوم يدعي رئيس الحكومة الانتقالي وزير خارجية الاحتلال يائير لابيد أن “إسرائيل ستواصل بذل قصارى جهدها لإعادة جنودها المحتجزين لدى حماس”. لكنّ واقع المشهد السياسي الإسرائيلي المعقّد لا يجب أن يبشّر الرأي العام الإسرائيلي بعودة الأسرى إذ ما استجاب الاحتلال لشروط المقاومة.
600 أسير فلسطيني يعاملهم الاحتلال خلافاً للقوانين الدولية
من ناحية ثانية، زعم لابيد أن “القسام” ببثها هذه المشاهد “تدوس على كل حدود الاخلاق” داعياً المجتمع الى “مطالبتها بالعمل وفق القانون الدولي”. في المقابل يعتقل الاحتلال 600 أسير فلسطيني مريض في سجونه وسط ظروف قاسية لا تراعي القانون والاتفاقيات الدولية التي ترعى حقوق الإنسان. ومن بين هؤلاء الأسرى 200 أسير يعاني من أمراض مزمنة، و33 مصاباً بأورام سرطانية، و6 أسرى ثبتت إصابتهم بالسرطان منذ آب / أغسطس الماضي لغاية حزيران / يوليو الجاري، ويعانون الى جانب أوجاعهم من سياسة الإهمال الطبي التي تتعمّدها مصلحة سجون الاحتلال.
كما اعتبرت أوساط الاحتلال أن “حماس” تسعى من خلال هذا الإعلان الى عرض صفقة أولية يتم بموجبها الافراج عن الـ 600 أسير فلسطيني مريض مقابل الأسير المريض هشام السيد، الا أن والد الجندي الأسير هدار غولدن قال إنه “لا يمكن تصور أن تروج الحكومة لاتفاق دون هدار وآرون”.
جولة جديدة تكسبها المقاومة مقابل استدراجها الاحتلال نحو فخّ الارتباك أمام جمهوره بما يضيف اليه مشكلة أخرى وسط مسلسل الأزمات السياسية التي تعصف بحكومته و”الكنيست”.
Discussion about this post