من منظور دمشق تبدو زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المنطقة باهتة من حيث الشكل والمضمون. والنتائج التي تمخضت عنها هذه الزيارة لا تعدو كونها تأكيد للمؤكد من حيث حدود القدرة التي يمكن من خلالها لأدوات واشنطن في المنطقة تقديم الدعم لها وللكيان الصهيوني بعدما أعاد الحليفان اجترار الحديث المملول نفسه عن منع إيران من امتلاك السلاح النووي ووضع الخيار العسكري على الطاولة فيما عرف بـ “إعلان القدس”.
بينما تبقى الدول العربية أسيرة عجزها ورغبتها في أن تكون مطية واشنطن في سياساتها وإن كان هنالك من يتحدث عن محاولة “خروج عن النص” تسعى هذه الدول للقيام بها وخصوصاً لجهة رغبة ضمنية أبدتها في عدم مسايرة واشنطن بمساعيها الحثيثة لتعويض النقص في الطاقة المتأتي من دورها المريب في إشعال فتيل الأزمة بين روسيا و أوكرانيا.
محدودية القدرة الأمريكية
يرى عضو مجلس الشعب السوري الدكتور محمد خير العكام أنه ليس المهم أن يوقع رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد مع الرئيس الأمريكي جو بايدن اتفاقا مشتركا أطلق عليه “إعلان القدس” ويقضي بمنع إيران من حيازة السلاح النووي، فيما يبقى السؤال الملح الذي يجب على الأمريكيين والإسرائيليين وضع الجواب عليه والمتعلق بمدى قدرتهم على تحويل هذه التهديدات إلى واقع.
وفي حديث خاص بموقع “العهد” الإخباري، أشار العكام إلى أن ذلك ينسحب على التزام واشنطن ببناء هيكل إقليمي لتعميق علاقات “إسرائيل” وشركائها ودمجها في المنطقة وتوسيع دائرة السلام لتشمل دولًا عربية وإسلامية أخرى وفق ما جاء في بيان التوقيع.
وحول هذه المسألة أكد العكام في حديثه لموقعنا أن الحديث عن تطبيع المزيد من الدول العربية والإسلامية العلاقات مع الكيان الصهيوني لن يقوي هذا الكيان سيّما وأن ما ستقوم به هذه الدول في العلن تقوم به الآن من تحت الطاولة “فليس ثمة قيمة مضافة يمكن أن يقدمها هذا التعهد الأمريكي تجاه إسرائيل في الوقت الذي ستتعرى فيه هذه الدول العربية والإسلامية ذات الميول التطبيعية أكثر وأكثر أمام شعوبها”.
وأضاف عضو مجلس الشعب السوري والوفد الوطني إلى مباحثات جنيف بأن حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي عن أن الطريقة الوحيدة لمنع إيران من الحصول على السلاح النووي هو ضرورة أن تدرك أن العالم الحر سيستخدم القوة وعبر فرض تهديد عسكري موثوق هو “حديث تمني” على اعتبار أن الندم ينهش تفكير هذا “العالم الحر” بعدما سار كالقطيع وراء الولايات المتحدة في إشعال فتيل الأزمة بين اوكرانيا وروسيا وما ترتب على الاقتصاديات الأوروبية من تداعيات خطيرة جراء السياسة الأمريكية في إشعال هذه الحرب.
وشدد العكام على أن قول الرئيس الأمريكي أثناء المؤتمر الصحفي مع لابيد “إن الدبلوماسية هي السبيل الأفضل لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي” لا يعكس حالة التعقل بمقدار ما يعكس حالة الخشية من المواجهة وعواقبها، وبالتالي فإن خشية الكيان الصهيوني هي خشية مضاعفة عن تلك التي تعيشها واشنطن تجاه الجمهورية الإسلامية في إيران.
زيارة فاشلة
وأشار عضو مجلس الشعب السوري في حديثه لموقعنا الى أن توقيت زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المنطقة يرتبط بالمصالح الأمريكية فيها وبالموقف من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا لاستنهاض مواقف معادية لروسيا وإيران في المنطقة، مضيفاً إن العامل الموحد لما يسمى دول الاعتدال العربي هو ايمانهم واعتقادهم أن العدو في المنطقة هو إيران وهذه فكرة أمريكية ولمصلحة الكيان الصهيوني لذلك تأتي زيارة الرئيس الأمريكي في هذا الإطار بغية زيادة استعداء إيران.
وأضاف العكام بأن هناك أمرًا هامًا جدًا بالنسبة لأهداف هذه الزيارة يتعلق بسوق النفط والغاز، فالرئيس بايدن يريد التزامًا سعوديًا وخليجيًا بزيادة ضخ النفط في العالم والتأثير على أسعاره: “ولكن لا أعتقد انه سوف يحقق هذا الهدف من قبل دول الخليج لأن هذه الدول تولد لديها احساس متزايد بأن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد الدولة الموثوق بها أو التي يمكن الاعتماد عليها وهناك دول أخرى صاعدة لا بد من إعادة توازن دول الخليج معها وهي الصين وروسيا والهند ودول البريكس”، مشيراً إلى أن “دول الخليج لا يمكن أن تضحي بمصالحها مع هذه الدول لمصلحة الولايات المتحدة الأمريكية وفي موضوع الطاقة تحديداً، لذلك أعتقد أن الرئيس الأمريكي لن يحصل على التزام فيما يتعلق بسوق النفط والغاز من شأنه أن يرضي طموحات الولايات المتحدة الأمريكية”.
Discussion about this post