مضت 4 عقود على نشأة المقاومة الإسلامية في لبنان عام 1982، عرفت فيها مراحل عديدة ومختلفة، ولحظات دقيقة وحساسة، احتاجت إلى قرارات مصيرية وشخصيات استثنائية، وأثمرت إنجازات كبرى على مستوى لبنان والمنطقة، وصل تأثيرها إلى مختلف أقطار العالم.
واهتماماً بهذه المسيرة الطويلة والفريدة من المقاومة والمواجهة، كان لا بدّ من عملٍ يوثّق ظروف نشأة حزب الله، التي انطوت على تفاصيل كثيرة ومعقدة، لم تظهر كلها إلى العلن.
تأتي سلسلة “أربعون وبعد” (من إنتاج شبكة الميادين الإعلامية، وإعداد وتقديم الأستاذ غسان بن جدو) لتسهم في مهمة التوثيق الجادّ لهذه التجربة، واعتماداً على حورارات مطولة أجراها بن جدو مع السيد نصرالله قبل عشرين عاماً.
وفي الحلقة الثانية من السلسلة، يتطرق السيد نصرالله إلى طبيعة علاقة المرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله بحزب الله ودوره في نشأة وتطور المقاومة الإسلامية في لبنان، كما يكشف للمرة الأولى، عن طرح اسمه (السيد حسن) لتولي منصب الأمين العام الأول لحزب الله بشكل جدّي، ويشرح كيف تمّ انتخاب الأمين العام الأول الشيخ صبحي الطفيلي وتفاصيلها.
كما يفنّد الأمين العام لحزب الله الاتهامات بخصوص اغتيال قيادات في اليسار الماركسي في الثمانينات، ويكشف عن طبيعة ارتباط المقاومة الإسلامية والتنظيم الحزبي بتفجيرات المارينز والفرنسيين والسفارة الأميركية، ويتحدث عن التنظيمات الإسلامية الجهادية التي تبنتها، وعن خطف الطائرات والرهائن.
شهدت مرحلة الثمانينيات محطات انتصاراتٍ ضدّ الاحتلال، كما شهدت محطات انتكاسات بفعل الخلافات بين أبناء الخط الوطني والاسلامي الواحد. كان حزب الله يتصاعد بقوةٍ عسكرياً وشعبياً. ظلّ الحزب لفترة من دون قيادةٍ علنية، ومن دون قائدٍ علنيٍ محدد. حينها، برز اسم السيد محمد حسين فضل الله في الإعلام العربي والعالمي، ووصفته بأنّه المرشد الروحي لحزب الله.
هل كان السيد فضل الله المرشد الروحي لحزب الله؟ وما هي طبيعة علاقتكم معه؟
يؤكد الأمين العام لحزب الله أنّ السيّد فضل الله هو “أول من بادر ونفى ارتباطه التنظيمي بالحزب، ولكن لم يرد أحد في العالم أن يصدّقه، مما يعني أنّ المشكلة لا مشكلة السيّد ولا مشكلة حزب الله، الذي لم يعلّق أو يصدر نفياً قد يُفهَم فيه إساءة لشخص سماحة السيّد”.
وبيّن السيد نصرالله في الوقت نفسه، أنّ حزب الله “منذ الأيام الأولى عندما يتحدث عن قائده وإمامه ومرشده الروحي يتحدث عن الإمام الخميني، في الفكر والسياسة والشعارات والخطاب”.
وحول العلاقة مع السيد فضل الله، كشف الأمين العام أنّ الأخير هو من فضّل البقاء “خارج الإطار التنظيمي للمقاومة الإسلامية، ملتزماً منذ البداية بنشاط فكري ثقافي تعبوي، يخطب، يربّي، يحاضر، يدرّس، فقد كانت هذه ساحة نشاطه الفعلية”.
وأشار السيد إلى أنّه “تمّ كذلك التواصل مع الشيخ محمد مهدي شمس الدين، بعد اختطاف الإمام موسى الصدر، حول إمكانية القيام بعمل جماعي وتنظيم إطار جديد، ولكنه اعتذر عن ذلك معللاً بأنّه، كنائب لرئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، غير قادر على أن يكون في إطار تنظيمي محدد، وأنّ موقعيته تفرض أن يطلّ على الجميع”.
وتابع: “ذهب الإخوة وشكّلوا من بين الفعاليات من ذلك الجيل القيادة الجماعية، وكنّا حريصين أن نستفيد من حكمة وآراء كل كبارنا الموجودين في الساحة اللبنانية، هذه هي طبيعة العلاقة التي كانت معهم”.
مهدي عامل وحسين مروة .. هل كان لحزب الله دور في عمليات تصفية جسدية لعدد من رموز اليسار الماركسي؟
اعتبر السيّد نصرالله أنّ اتهام الحزب بهذه العمليات هو “اتهام ظالم”، مؤكداً أنّ “حزب الله لم يدخل في كلّ هذه العمليات والأعمال، ولم يكن يؤمن بها ولم يكن يعتقد بها على الإطلاق، وحتى الذين يتّهمون حزب الله هم يظنون ليس لديهم أي دليل، فليقولوا فلان اعتُقل واعترف أنه نفّذ عملية اغتيال”، مؤكداً أنه “حتى نحن الأجهزة التي في الحزب، التنظيمات في الحزب لا صلة لها ولا علاقة لها أساساً بهذا.
وعلّق السيد نصرالله : “فليُحضروا (يقصد المتّهمِين) دليلاً حسّياً أو دليلاً مادياً، أبداً! هم اتّهمونا في ذلك الحين وقالوا القوى الظلامية، ونحن نفينا بشكل قاطع”. وأكمل موضحاً: “نعم، أنت تعرف أنّ بعض القوى اليسارية في لبنان كانت على قتال وعلى صراع حاد مع بعض التنظيمات الإسلامية في لبنان، لكن نحن كحزب الله لم نكن طرفاً في هذا الصراع”.
وأضاف السيد: “كان هناك صراع بين نفس الأحزاب اليسارية، بين الأحزاب اليسارية وأمل، بين الأحزاب اليسارية والأحزاب اليمينية، بعض أجهزة المخابرات المحلية أيضاً كانت تشتغل من أجل إضعاف بعض القوى وبعض التنظيمات، وساحة لبنان كانت ساحة مفتوحة أمام العمليات الأمنية”.
هل ارتبطت المقاومة بعمليات خطف طائرات وخطف رهائن في السابق؟
حذّر السيد نصرالله من أنّه “لا نريد خلط الملفين ببعضهما، فبخصوص اغتيال بعض رموز الأحزاب اليسارية مثلاً، أقول لك لا حزب الله ولا تشكيلات داخل حزب الله ولا منظّمات جانب حزب الله كان لها علاقة بهذا النوع من العمل،” مشيراً إلى أنّه “أصلاً لم يكن أحد يفكر بهذا، يعني أنا لا أنفي العمل فقط، أنا أنفي أن يخطر هذا في بال حزب الله أو أحد في حزب الله أن يعمل بهذه الطريقة.
وبيّن الأمين العام أنّ “حزب الله كان يضع في رأسه إسرائيل ومواجهة إسرائيل، ومن اليوم الأول هو مُبرمَج على هذا المستوى من المقاومة والقتال، هو لا يفكر بهذه الطريقة”.
وحول ملفّ الرهائن والمارينز والفرنسيين وتفجير السفارة الأميركية وبعض خطف الطائرات، قال السيد: “هذا ملف آخر.. في الثمانينيات كان في الساحة حزب الله، التنظيم الأساسي الذي يضمّ أعداداً ضخمة من الكوادر، وشكّل مقاومة إسلامية قاتلت إسرائيل”، لكنه أوضح أنه “في نفس الوقت كان يوجد في الساحة مجموعة من المنظمات الصغيرة، غير مرتبطة بحزب الله، لا بتشكيلات حزب الله ولا بقيادة حزب الله ، أعني منظمة الجهاد الإسلامي في ذلك الوقت اللبنانية، ومنظمة العدالة الثورية، ومنظمة المستضعفين في الأرض، وغيرها..”.
وأضاف: “الشباب في حينها كان عندهم قناعات خاصة ورؤى خاصة في التعاطي مع الأحداث، حزب الله كانت قناعته أنه يجب قتال الإسرائيلي كأولوية، بينما هؤلاء الشباب كانوا يرون أنّ الأميركيين يحمون الإسرائيليين، فلماذا الإنشغال بالإسرائيلي؟ فليدفع الأميركي أيضاً ثمن حمايته للاحتلال في لبنان، وهذا كان موضع نقاش بيننا”.
وأعاد السيد نصرالله التأكيد أنّ هذه المنظمات “إسلامية وجهادية، وهؤلاء مجاهدون وقاموا بأعمال جيدة وبأعمال قد يوافق عليها حزب الله نظرياً وقد لا يوافق عليها حزب الله نظرياً”، كاشفاً أنّ “اختطاف الرهائن لم يكن هدفاً، ولكنه أصبح ضرورة عندهم عندما اعتقل رفاق لهم في العمل الجهادي وكان الخطف سبيلاً لهم للتأمين على حياة المعتقلين في السجون”.
كيف تفسّرون الرعاية الإيرانية المشتركة بينكم وبين هذه التنظيمات الإسلامية، لا سيما بعد تدخّل طهران في إطلاق سراح رهائن؟
“حقيقة العلاقة لم تكن هكذا”، أكدّ السيد نصرالله، “هذه المجموعات كانت تفعل ما تعتقد، لكن عندما كانت تفعل كان التدخل الإيراني يساعد في معالجة بعض المشاكل، التدخل السوري كان أحياناً يساعد في معالجة بعض المشاكل.. الإيرانيون كانوا يبذلون جهود مضنية مع هؤلاء الشباب، وأنا أعرف أنه كان أحياناً يستمر أسبوع واثنين وشهر واثنين وثلاثة دون أن يُقبَل منهم تدخلهم”.
واستخلص أنّ هذه المجموعات “لم تكن خاضعة لإرادة الجمهورية الإسلامية في إيران.. أنا أحدّثكم عن عشرة شباب و15 شاب وتشكيل نوعي وسري جداً وفي بلد متفلّت، هؤلاء ماذا يحتاجون؟ يحتاجون ميزانية ضخمة؟ لا يحتاجون لشيء”.
أين كنتم عند نشأة حزب الله وانطلاق المقاومة؟ وما هي أبرز محطات العشرية الأولى لكم قبل توليكم موقع الأمين العام لحزب الله؟
أوضح السيد نصرالله: “في البداية في 82، بالاصطلاحات التنظيمية، أنا بدأت مسؤول الاستقبال، يعني استقبال متطوعين لنرسلهم الى الدورات العسكرية، لاحقاً أصبحتُ بما يمكن أن نصطلح عليه الآن مسؤول الشأن التنظيمي للأفراد. ولاحقاً، بدأ يتشكّل الوضع التنظيمي، تحملت مسؤولية التشكيل التعبوي الجهادي العسكري في البقاع”.
وأضاف: “قمنا لاحقاً بتشكيل تنظيمي أوسع وكامل، يعني أصبح هناك ثقافي واعلامي واجتماعي وتعبئة ونشاط كشفي ونشاط نسائي، فأصبح هناك شيء اسمه المنطقة التنظيمية. وكان وقتذاك تشكيل الحزب عبارة عن قيادة مركزية وهي الشورى، ويوجد لجنة سياسية ولجنة أمنية عسكرية وثلاث مناطق، هذا كل هيكل الحزب”.
وتابع السيد: “أنا كنت مسؤول منطقة البقاع وعضو اللجنة السياسية المركزية حتى 1985.. في 85 نزلنا الى بيروت، وكنت مسؤول التشكيلات العسكرية الجهادية في منطقة بيروت.. لاحقاً صرت مسؤول منطقة بيروت”.
وبيّن أنه “بعد سنة 1987، تحرر البقاع، بيروت، جبل لبنان، وصيدا وصور والنبطية إلى الشريط الحدودي، فصار عندنا مجموعة مناطق ومجموعة تشكيلات، فاستحدثوا منصب سموه المسؤول التنفيذي العام الذي أصبح رئيس المجلس التنفيذي، والإخوان اقترحوا أن أكون المسؤول التنفيذي، يعني عليّ أن أكون أحد أعضاء الشورى، فصرت أحد أعضاء الشورى والمسؤول التنفيذي العام في الحزب”.
وأردف السيد: “بقيت المسؤول التنفيذي لفترة، انقطعت فقط سنة واحدة عندما ذهبت الى قم لمواصلة الدراسة، يومئذ كان سماحة الشيخ نعيم قاسم هو نائب المسؤول التنفيذي العام، فصار هو رئيس المجلس التنفيذي، عندما عدت أنا أكمل سماحة الشيخ في هذا الموقع الى الأمانة العامة للسيد عباس.. وعندما أصبح السيّد عباس الأمين العام الشيخ نعيم أصبح نائب الأمين العام، أنا اشتغلت رئيس المجلس التنفيذي من جديد لمدة سنة، استشهد سماحة السيّد عباس رحمة الله عليه وانتُخبت للأمانة العامة”.
ذهبت إلى قم، لماذا؟ هل كان انزعاجاً من كوادر داخلية أم فقط رغبة منك في استكمال الدراسة؟
قال السيّد نصرالله: “ذهبت إلى قم لعام واحد للدراسة، وخبر أنّ سفري كان انزعاجاً من أوضاع داخلية كان متوقَّعاً أن يُقال، بالنهاية عضو قيادة مركزية ومسؤول تنفيذي عام يترك العمل ويذهب للدراسة في الوهلة الأولى لن يكون مفهوماً، والإخوة أيضاً عندما أذنوا لي بالذهاب للدراسة وقفوا وتوقفوا عند هذه الإشكالية”.
وتحدّث السيد عن تجربته التنظيمية في العلاقة مع كوادر المقاومة، قائلاً: “أنا خلال كل عملي في حزب الله من 82 لم يكن عندي أي مشكلة داخلية، معروف بهذا الموضوع، كنت متعاون مع الجميع، طريقتي بالعمل وعلاقاتي واتّصالاتي وصداقاتي مع الإخوة… فكان عندي إمكانية التعاون مع الكل، ولم أكن أعاني من أي متاعب داخلية ولا في أي مرحلة من المراحل”.
لم تنزعج قط سماحة السيّد من انتخاب الشيخ صبحي الطفيلي أمين عام لحزب الله في المرة الأولى؟
السيّد نصرالله: “لا”.
ألم تكن تحبّذ وقتذاك الشهيد السيد عباس الموسوي؟
أجاب السيّد نصرالله: “بطبيعة الحال أنا كنت عاطفياً ونفسياً أميل للسيد عباس لكن لم يكن عندي مشكلة أن يكون الشيخ صبحي أمين عام حزب الله، لا يوجد خلاف ولا نزاع ولا خصومة، بل بالعكس يوجد ود، ولكن هذا الود مع السيد عباس كان أكبر وكان سببه طبيعي، أنا في سنة 76 عندما غادرت الى النجف الأشرف للتحصيل العلمي أول شخص تعرفت عليه في النجف هو السيد عباس، وبالتالي أنا درست عند السيد عباس، وهو كان بالنسبة لي ليس فقط أستاذ، مربّي ومرشد وأنا شاب عمري 16 سنة”.
لمَ عدت بعد عام من إيران؟
أجاب السيّد نصرالله: “للأسف في 89 تجددت الفتنة التي كانت قائمة بين أمل وحزب الله، الإخوان أجمعوا أنّ المرحلة صعبة قليلاً وعلينا أن ندخل في معالجات لهذا الموضوع، طبعاً في تلك المرحلة أيضاً كأي فتنة داخلية، أنا أقول لك حزب الله قل له أن هناك حرب ليس مع إسرائيل، بل مع الحلف الأطلسي، ترى في وجوههم النور والبشر ولا مشكلة، حين تقول له فتنة داخلية حتى لو كان مظلوم يدافع عن نفسه سيكون منزعج ومتألم وإنا لله وإنا إليه راجعون ومصيبة!”.
وشرح السيد سبب عودته مؤكداً أنّ “الإخوة أصرّوا على عودتي لأنّ وقتذاك أنا كنت أستطيع أن أتحدث مع الجميع، رغم أنهم أساتذتي، لكن الله سبحانه وتعالى منحني في قلوبهم هذه الثقة وهذه المحبة. فوصلنا الى مرحلة أنه كان وجود حزب الله كله مهدَّد بالخطر في تلك المحنة، وأنّه إما يبقي حزب الله أو لا يبقى، هم عندئذ قالوا لي الإخوان نحن أرسلناك لتدرس لمستقبل حزب الله والآن نقول لك أنه غير معلوم إذا دام حزب الله أو لا، كان الموضوع صعب، وأنا قلت لهم سمعاً وطاعة، أنا ذهبت للدراسة بإذنكم وسأعود بإذنكم، أنتم تقولون ارجع إذاً أرجع”.
هل كان للقيادة الإيرانية وقتذاك دور في عودتك لتكون فاعلاً في حزب الله؟
أكّد السيّد نصرالله: “لا.. لم يتدخلوا.. سماحة السيد عباس رحمة الله عليه تكلّم مع بعض الإخوة في ذلك الحين في طهران إن كنتم تساعدوننا على صاحبنا، فهم قالوا له هذا شأن داخلي وهو حرّ بماذا تتفقون وبماذا تشخصون فهذا موضوع داخلي نحن لا علاقة لنا به، ويومئذ السيد عباس ناقشني طويلاً ولم يقنعني، وأنا لم أقتنع وقتذاك ولم أعد مع السيد عباس، لكن عندما رجع السيد عباس إلى لبنان واجتمعت الشورى فأخذت القرار بالعودة، أنا التزمت”.
كيف تمّ انتخاب أول أمين عام للحزب؟
أوضح السيّد نصرالله: “نحن في أواخر ال89.. بعد أن وفّق الله سبحانه وتعالى الانتهاء من الفتنة الداخلية التي كانت تشغل حزب الله بشكل كبير مع أمل، المقاومة استمرت بشكل طبيعي، حصل مؤتمر داخلي في الحزب للتقييم. من جملة الأمور التي نوقِشَت في ذلك الحين هي مسألة الأمين العام، عندنا شورى قيادة وعندنا مسؤول تنفيذي، لكن نحن كلنا سبعة نطلّ على العالم، ولكن بالإدارة نحن أصبحنا محتاجين لشخص يكون هو مدير الحزب بشكل عام، مسؤول العلاقات السياسية، ناطق رسمي، بالتراتبية الحزبية رقم واحد، نحن لا نريد أن نعيّن قائد يعني لا نريد أن نتحوّل الى القيادة الفردية، نحن نريد أن نبقى قيادة جماعية لكن نريد مدير واحد، نريد رأس لهذه القيادة الجماعية”.
وأضاف: “التجربة التي أوصلتنا من اللامركزية الإدارية في التنفيذ الى مسؤول تنفيذي عام بعد عدة سنوات كان طبيعياً أن توصلنا الى أمين عام، اتّفقنا أن يكون أمين عام ويتمّ انتخابه من قبل أعضاء الشورى، يعني الكادر الأساسي بالحزب ينتخب الشورى والشورى هي تنتخب الأمين العام”.
وتابع: “بعد إقرار هذا المبدأ جئنا لننتخب الأمين العام، الأمين العام المحتمل هو واحد من الإثنين، السيّد عباس أو الشيخ صبحي، ورغم أنهما كانا من الشباب لكن نحن كنّا نسميهما “ختيارية الحزب”.
في يوم من الأيام طلبا منّي الاجتماع، هما الاثنان، وهذه من الأمور الخاصة جداً التي لم يجري حديث بها سابقاً، نريد أن نراك، نتحدث عن 89 يعني كان عمري 29 سنة، قالا لي نحن تداولنا في موضوع الأمين العام، فتبيّن معنا بالدراسة أنّه إذا يكون السيد عباس ممكن الإيجابيات الفلانية والسلبيات الفلانية، إذا كان الشيخ صبحي الإيجابيات الفلانية والسلبيات الفلانية، نحن الاثنان اللذان سلّم لنا الجمع أن يكون واحد منا أمين عام اتّفقنا أن تكون أنت أمين عام”.
وأكمل السيد: “طبعاً أنا تفاجأت لأنني لست في هذا الجو ولا في هذا الوارد، فكان ردّ فعلي سريعاً أنه ماذا تقولون! ماذا تحضرون وماذا تفعلون؟! أخذا يتحدثان ويستدلّان، طالت الجلسة لساعتين ونصف الساعة بيني وبينهما، وأنا في آخر الجلسة قلت لهما مستحيل أنا لا يمكن أن أكون أمين عام لحزب الله، أنا مسؤول تنفيذي، مسؤول المنطقة، ترسلونني الى الجبهة فأنا في خدمتكم، وقتذاك مزحت معهما مزحة ثقيلة بعض الشيء، قالا لماذا؟ قلت لهما طالما أنتما الاثنان موجودان أنا لا أكون أمين عام حزب الله، بعد أن تموتا أنا أقبل”.
وشرح السيد أنه لاحقاً “تُرك الموضوع للشورى لتختار، وكنّا عشرة، وصار تصويت على انتخاب أول أمين عام، حصل تعادل لعدة جولات بين السيد عباس والشيخ صبحي.. لجأنا إلى القرعة لحسم الامر وكانت لصالح الشيخ وصار الشيخ صبحي الطفيلي الأمين العام الأول لحزب الله.”
Discussion about this post