وسط صعوبات متنامية مع الدول الأفريقية، وبعد صدمة مالي وخروج فرنسا منها، يحاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تجسير ما انقطع من صلات أو تفادي حصول هزات جديدة. فقد طلب ماكرون من المؤرخين “تسليط الضوء” على أعمال فرنسا أثناء الاستعمار وبعد الاستقلال.
وخلال زيارته للكاميرون اقترح “عملاً مشتركاً للمؤرخين الكاميرونيين والفرنسيين” وأعلن عن الافتتاح “الكامل” للأرشيف الفرنسي.
“تسليط الضوء” على ما قامت به فرنسا في الكاميرون خلال فترة الاستعمار وبعد استقلال هذا البلد، لاستكشاف الحظات “المؤلمة” و”المأساوية” التي تسببت بها آلة الاستعمار الفرنسي، وما ارتكبته من جرائم ونهب للثروات في عديد من الدول الأفريقية.
ماكرون وخلال مؤتمر صحافي عقده في ياوندي مع نظيره الكاميروني، بول بيا، تمنّى “أن نتمكن من إطلاق عمل مشترك بين المؤرخين الكاميرونيين والفرنسيين معاً”. وللتذكير فإنه قبل استقلال الكاميرون عام 1960، قمعت السلطات الفرنسية بشكل دموي المناضلين الوطنيين الذين شاركوا في الكفاح المسلح ضد المستعمر.
رئيس الدولة الفرنسية يترك مقولاته عن الديمقراطية وحرية التعبير والرأي الحر وراء ظهره ليلتقي مع نظيره بول بيا، 89 عاماً، الذي يحكم الكاميرون بقبضة من حديد منذ ما يقرب من 40 عاماً. كان ينوي أن يناقش بعيداً عن الكاميرا “دون أي محرمات في جميع الموضوعات”، مثل الانتقال السياسي الذي يلوح في الأفق بسبب عمر نظيره، لكن الأمر لم يحصل ولم تقدم أي تبريرات.
الالتزام بأمن القارة الأفريقية
“لن نتخلى عن أمن القارة الأفريقية”.. هذا ما وعد به إيمانويل ماكرون في وقتٍ سابق خلال كلمة ألقاها أمام الجالية الفرنسية في ياوندي.
وبذلك أكد مجدداً رغبته في “إعادة اختراع” “الجهاز العسكري والأمني” الفرنسي ، لا سيما في منطقة الساحل، بينما يتعين على آخر جنود عملية “برخان” مغادرة مالي في نهاية الصيف وإعادة انتشارهم في منطقة الساحل.
وشدد رئيس الدولة على أنّ “فرنسا ستظل ملتزمة التزاماً حازماً بأمن القارة دعماً وبناءً على طلب شركائنا الأفارقة”، قبل أن يضيف: “سنواصل التعبئة جنباً إلى جنب مع دول حوض بحيرة تشاد لمساعدتها على القتال ضد الإرهابيين الذين ثكلوا أقصى شمال الكاميرون لسنوات عديدة “، حيث تنشط “بوكو حرام”.
ولكن ما لم يقله ماكرون هو أنّ الأرض تهتز تحت أقدام فرنسا في أفريقيا، ويشعر الإليزيه ومستشاروه بأنّ دولاً كثيرة في مقدمتها الصين وروسيا بدأت تحل في مواقع هامة في القارة.
لذلك لم ينسَ تحميل موسكو مسؤولية أزمة الغذاء التي تعصف بأفريقيا عل وجهٍ خاص، وقال: “لقد هاجمنا البعض ممن أوضحوا أن العقوبات الأوروبية هي سبب أزمة الغذاء العالمية، بما في ذلك في أفريقيا”. وقال إنه “خطأ تماماً، لأنّ ببساطة بات الغذاء مثل الطاقة أسلحة حرب روسية “، مؤكداً أنّ الاتحاد الأوروبي “يريد الاستجابة للطوارئ الغذائية” التي تؤثر على القارة الأفريقية.
وكان في ذلك إشارة ضمنية إلى المقال الذي نشره، يوم الإثنين، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في صحيفة “لو ديبيش دي برازافيل”، وهي الصحيفة اليومية الوحيدة في جمهورية الكونغو، حيث ينتقد الأخير العقوبات الأوروبية المفروضة على بلاده، وكذلك “الدعاية الغربية والأوكرانية التي تدعي أنّ روسيا “تصدر المجاعة” وتتفاخر بأنّ روسيا “لم تلوّث سمعتها بجرائم الاستعمار الدموية”.
Discussion about this post