يتظاهر أنصار استقلال كاتالونيا في شوارع برشلونة، اليوم الأحد، بالرغم من الانقسامات التي أضعفتهم، في إطار تجمعهم التقليدي الذي يجري سنوياً في 11 أيلول/سبتمبر.
ويأتي تجمعهم هذا العام من دون رئيس حكومة منطقتهم بيري أراغونيث، الذي ينتقده جزء منهم بسبب حواره مع مدريد.
وهذه السنة، اختارت منظمة “الجمعية الوطنية الكاتالونية” شعار “عدنا لنفوز. استقلال!” في العيد السنوي للمنطقة “ديادا”، الذي شهد في الأعوام العشرة الماضية تظاهرات ضخمة.
وتقود هذه المنظمة، التي تمكنت من جمع نحو 1.8 مليون شخص في 2014، حركة الاستقلال في هذه المنطقة الواقعة في شمال شرق إسبانيا.
ويتمثّل التحدي حالياً عند هذه الحركة، التي واجهت فترة من عدم اليقين منذ فشل محاولة الانفصال التي قامت بها في تشرين الأول/أكتوبر 2017، في إحياء حكومة المنطقة بقيادة كارليس بوتشيمون، التي أعلنت الاستقلال بعد استفتاء على تقرير المصير عدّته مدريد “غير قانوني”.
وقالت “الجمعية الوطنية الكاتالونية” في بيان: “لم نعد نتوقّع أي شيء من الأحزاب، فقط الشعب والمجتمع المدني المنظّم سيكونان قادرَين على إتاحة تحقيق الاستقلال”.
وترى هذه المنظمة المؤثّرة، التي تنتقد المفاوضات بين مدريد وحكومة الاستقلالي المعتدل بيري أراغونيث، أنّ الحركة الانفصالية “تبقى في موقع قوة، خصوصاً بسبب الأغلبية التي تتمتع بها في البرلمان الكاتالوني”، وقالت في بيانها إنّ “وضعاً كهذا لا يمكن إفساده في مفاوضات مع الدولة الإسبانية ومشاجرات داخلية”.
من جهته، أعلن أراغونيث، وهو على خلاف مع المنظمين، أنه “لن يشارك في التظاهرة”، بعد أن كان واجه العام الماضي تشويشاً على كلامه من جزء كبير من المتظاهرين، الذين بلغ عددهم نحو 108 آلاف بحسب الشرطة، وهو ثاني أدنى عدد من المشاركين منذ 10 سنوات.
وقال أراغونيث لتلفزيون المنطقة العام، الأربعاء الفائت، إنه “لن يكون من المنطقي أن يتمّ استخدام وجودي هناك ضدّ الحكومة التي أديرها”، في إشارة إلى ائتلافه الانفصالي الذي يضمّ مجموعة “اليسار الجمهوري الكتالوني” وحركة “معاً لأجل كتالونيا” المتشدّدة.
وسيتغيّب عن التجمع أيضاً أعضاء حكومة المنطقة المنبثقة عن حزبه “اليسار الجمهوري الكاتالوني”، لكن أعضاء حزب “معاً من أجل كاتالونيا” شريك “اليسار الجمهوري الكاتالوني” في الحكومة والمدافع عن نهج متشدّد حيال مدريد سيشاركون في المسيرة.
“الوضع تغيّر”
وقال معلقون إنه “ولّى الزمن الذي كانت تشلّ فيه المسيرة برشلونة”، فبعد 5 سنوات على أزمة العام 2017 التي دفعت مدريد إلى وضع المنطقة تحت وصايتها، وتوقيف القادة الاستقلاليين الذين لم يفرّوا إلى خارج البلاد، تُواجه الحركة الانفصالية صعوبة في استعادة الزخم.
ويأتي ذلك بسبب الخلافات على الاستراتيجية التي يجب تبنّيها، فقد اختار “اليسار الجمهوري الكاتالوني” الحوار مع حكومة الاشتراكي بيدرو سانشيز التي يدعمها في مجلس النواب الإسباني. واستمر هذا المسار رغم فضيحة تجسّس أجهزة الاستخبارات الإسبانية على عدد من القادة الانفصاليين التي كُشف عنها في الربيع.
ويعترض الأكثر تشدداً من الاستقلاليين على هذا النهج، مدافعين عن فكرة الانفصال من جانب واحد، وقالوا إنّ “صبرهم بدأ ينفد في ظل غياب ردود على مطالبهم”، وسيكون عدد المتظاهرين في شوارع برشلونة مؤشراً على ميزان القوى داخل الحكومة الاستقلالية.
وبعدما علمت أنّ أراغونيث لن يشارك في تجمع “ديادا”، قالت “الجمعية الوطنية الكاتالونية” إنها “لا تفهم سبب موافقة رئيس حكومة كاتالونيا على التقاط صورة مع حكومة مدريد وليس مع مئات الآلاف من الكاتالونيين الذين يطالبون بالاستقلال”.
ويأتي قرار رئيس المنطقة في لحظة حساسة جداً.
وتقول أنا صوفيا كردينال، أستاذة العلوم السياسية في جامعة كاتالونيا المفتوحة: “تغيّر الوضع بشكل جذريّ في ظلّ الجائحة، والآن مع الحرب في أوكرانيا”، وتضيف: “تغيّرت توقّعات المواطنين حتى الذين يدعمون الاستقلال”، مشيرةً إلى أنهم يريدون “أن يحلّ السياسيون المشاكل اليومية الملموسة”.
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2017، أجرت سلطات إقليم كاتالونيا برئاسة كارليس بوتشيمون آنذاك استفتاء على الاستقلال، رغم حظره من قبل المحكمة الدستورية. وردت مدريد بوضع المنطقة تحت الوصاية، واعتقال القادة الانفصاليين، الذين لم يفروا إلى الخارج مثل بوتشيمون.
Discussion about this post