ذكر موقع “Responsible Statecraft” الأميركي، في مقال نُشر اليوم الاثنين، أنّ “الولايات المتحدة تُعاني من عجز في الدبلوماسية بعد عقودٍ من نقص التمويل، وإهمال إحدى أهم أدوات فن الحكم”.
وأضاف الموقع أنّ “واشنطن عانت في تعزيز مصالحها من خلال المشاركة الدبلوماسية، لأسبابٍ عديدة، أهمها عدم كفاية الموارد، والافتقار إلى الإرادة السياسية، والعداء المتأصل في الثقافة السياسية للتنازلات التفاوضية”.
وأشار إلى أنّ هذا “الإهمال للدبلوماسية لا يترك الولايات المتحدة في وضع غير مواتٍ في أجزاء كثيرة من العالم فحسب، بل إنّه يفرض أيضاً على صنّاع السياسات رفض الخيارات الدبلوماسية واتخاذ بدل عنها تدابير قسرية تأتي على شاكلة عقوبات غير فعَّالة وعمل عسكري غير ضروري، ومن ثم التراجع عنه أيضاً”.
وتابع: “من الناحية العملية، لا تعطي الحكومة الأميركية قيمةً كبيرة للدبلوماسية، ونتيجةً لذلك فهي لا تكرّس الكثير من الموارد لها، مما يجعل الولايات المتحدة أضعف، وأقل اطّلاعاً، وفي نهاية المطاف أقل أمناً مما ينبغي”.
وأوضح الموقع أنّ “كل إدارة تؤكّد أهمية الدبلوماسية كوسيلة لتأمين المصالح الأميركية، لكنّ معظمها متردد في تحمل المخاطر السياسية من أجل النجاح الدبلوماسي”، مضيفاً أنّ “جميع هذه الإدارات فشلت في توفير التمويل الذي يحتاجه الدبلوماسيون الأميركيون لبناء علاقات أقوى مع الدول الأخرى”
وبحسب الموقع، فإنّه في هذه الحالة، أي “عندما تفتقر المؤسسات الدبلوماسية إلى القدرة الكافية على معالجة مشكلة معينة لأنّها حرمت من الموارد، يلجأ صانعو السياسات إلى الجيش ويعتمدون على حلول عسكرية على حساب البلدان المتضررة والجيش نفسه”.
وفي السياق، لفت الموقع إلى أنّ “الدبلوماسية السابقة إليزابيث شاكلفورد شهدث ذلك بشكل مباشر خلال فترة عملها في السلك الدبلوماسي”، ووصفته في كتابها “قناة المعارضة”.
شاكلفورد كتبت: “نظراً إلى أنّ وكالات الشؤون الخارجية المدنية لدينا أصبحت أقل قدرة على تلبية الطلبات المتزايدة بسبب تناقص الموارد، يتطلع البيت الأبيض والكونغرس بشكل متزايد إلى الجيش لبذل المزيد من الجهد”.
وبيّن الموقع أنّ “ما يزيد من ضعف الدبلوماسية الأميركية، هو الخلل السياسي الذي يمنع التوظيف الكامل داخل السفارات الأميركية في جميع أنحاء العالم، إذ لا تزال عشرات المناصب المتعلقة بالسفراء شاغرة بسبب تعثر الترشيحات في مجلس الشيوخ بعد ولاية الرئيس الأميركي جو بايدن، ولا تزال بعض المناصب تنتظره (بايدن) لاختيار مرشح”.
وأكدت شاكلفورد أن عملية تأخير الترشيحات لا علاقة له بمؤهلات المرشحين، بل أصبحت هذه أيضاً “سياسة تأخير معتمدة بشكل متزايد لعرقلة العمل الإداري، بدافع الحقد الحزبي أو الأيديولوجي بين الجمهوريين والديمقراطيين”.
كذلك، نقل الموقع عن مقال في صحيفة “بوليتيكو”، تناول الآثار الضارة لهذا العجز الدبلوماسي الأميركي.
واعبتر مقال “بوليتيكو” إنّ “مشكلة العجز الدبلوماسي هي بشكل رئيسي بسبب المنافسة مع الصين”، لكن “Responsible Statecraft”، لفت إلى أن هذه المشكلة هي “نقطة ضعف خطيرة في السياسة الخارجية الأميركية قبل وقتٍ طويل من انشغال واشنطن بمنافسة القوى العظمى”.
ثمَّ عقَّب الموقع أنّ “التركيز الحالي على التنافس مع الصين حالياً، أصبح بالفعل عائقاً أمام المشاركة الدبلوماسية الناجحة مع العديد من الدول الأصغر، لأنّ حكوماتها حذرة من الانجرار إلى منافسة القوى العظمى… ويمكننا أن نرى أنّ الزيادة الأخيرة في الجهود الرامية إلى إقامة علاقات أفضل مع دول المحيط الهادئ وأفريقيا، كانت مدفوعة إلى حدٍ كبير بالمخاوف من تنامي النفوذ الصيني والروسي”.
وأضاف: “لقد اعتاد صناع السياسات والقادة السياسيون على إعطاء الدبلوماسية القليل من الاهتمام، ولأنّ المشاركة الدبلوماسية يمكن أن تكون بطيئة وغير برَّاقة في كثير من الأحيان، فهناك عدد قليل نسبياً من أعضاء الكونغرس الذين يدافعون عنها بنشاط”، مشيراً إلى أنّه “من المرضي أكثر لأعضاء الكونغرس والرؤساء تجنب المفاوضات وتقديم مطالب متطرفة مدعومة بالتهديدات بدلاً عن الدبلوماسية”.
لكن في الوقت نفسه، أشار الموقع إلى أنّه “عندما يكون هناك جهد في المفاوضات، فإنّه عادةً ما يقترن بمطالب غير واقعية وبعيدة المدى لن يقبلها الطرف الآخر أبداً”، مؤكّداً أنّه “يجب ألاّ تخاف الولايات المتحدة أبداً من التفاوض، إذ إنّ رفض القيام بذلك غالباً ما يترك الولايات المتحدة وحلفاءها في وضع أسوأ مما لو كانوا قد بذلوا جهداً للمشاركة فيه”.
Discussion about this post