تعهّد المستشار الألماني أولاف شولتس، أمس الأربعاء، عدم تجاهل القضايا الجدلية خلال زيارة مرتقبة للصين هذا الأسبوع، قوبلت بسيل من الانتقادات.
وكتب في صحيفة “فرانكفورتر ألغيماينه تسايتونغ”، قبيل الزيارة المقررة يوم غد الجمعة برفقة وفد من رجال الأعمال، إنّ بلاده تسعى للتعاون، وهو أمر “يصب في مصلحة الجانبين”، مشيراً إلى أنّ برلين “لن تتجاهل القضايا المثيرة للجدل”.
وعدد شولتس سلسلة “مواضيع صعبة” سيطرحها، تشمل احترام الحريات المدنية وحقوق الأقليات العرقية والتجارة الدولية الحرة والمنصفة، وفق قوله.
وسيكون المستشار الألماني أول زعيم في الاتحاد الأوروبي يزور الصين منذ أواخر العام 2019، قبل تفشي وباء كوفيد-19، في وقت تواصل بكين تطبيق سياستها “صفر كوفيد”.
لكن زعيم أكبر قوة اقتصادية في أوروبا واجه انتقادات على خلفية الزيارة، حتى أنّ أعضاء ضمن ائتلافه الحكومي أعربوا عن قلقهم حيال اعتماد ألمانيا الشديد على بكين.
وتفاقمت حدة هذه المخاوف بعدما وجدت ألمانيا نفسها في وضع صعب جراء اعتمادها على واردات الغاز الروسي، إذ عانت أزمة طاقة بعدما خفضت موسكو الإمدادات على وقع ارتفاع منسوب التوتر جراء العملية العسكرية في أوكرانيا.
ولفت شولتس إلى أنّ ألمانيا ستطالب بـ”المعاملة بالمثل” في علاقاتها مع الصين.
وأكد أن الجانبين “بعيدان” عن هذا الهدف، معدداً مجالات بينها الوصول إلى السوق والأمن القانوني وحماية الملكية الفكرية.
وسعى شولتس للتخفيف من حدة المخاوف من أن تكون ألمانيا تتحرّك وحدها وتسعى لمصالحها منفردة خلال الزيارة، رغم قلق شركائه في الاتحاد الأوروبي.
وكتب: “عندما أسافر إلى بكين كمستشار ألماني، فإنني أقوم بذلك أيضا كأوروبي”، ومن المقرر أن يلتقي الرئيس شي جين بينغ ورئيس الوزراء لي كه تشيانغ.
وشدد شولتس على أنّه لن يتحدث نيابة عن الاتحاد الأوروبي بأكمله، لافتاً إلى أنّ سياسة ألمانيا الخارجية “لن تكون ناجحة إلا إذا كانت جزءاً من إستراتيجية أوروبية مشتركة تجاه الصين”.
وأشار إلى أنّ “آخر زيارة قام بها أي زعيم ألماني للصين كانت قبل ثلاث سنوات”.
وتابع: “لم يكن هذا النوع من الاجتماعات ممكناً لمدة طويلة بسبب جائحة كوفيد، وسياسات بكين المتشددة في احتواء فيروس كورونا… يمنح ذلك المحادثات المباشرة أهمية أكبر الآن”.
من جانبها، أبدت واشنطن امتعاضاً من الزيارة، فيما قال مسؤول رفيع في الخارجية الأميركية للصحافيين، يوم أمس، إنّ واشنطن تعتقد أنّه خلال السنوات القليلة الماضية، هناك “توافق متزايد بينها وبين أوروبا في ما يتعلق بالتحديات التي تمثلها الصين”.
ويرجّح بأن يطرح الأمر للنقاش خلال اجتماع مرتقب بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ونظيرته الألمانية أنالينا بيربوك، اليوم الخميس، على هامش اجتماعات مجموعة السبع المقررة في مدينة مونستر (غرب). والجدير بالذكر أنّ بلينكن وصل إلى ألمانيا مساء الأربعاء.
وتناولت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية في تحقيق مطول الضغوط الأميركية على ألمانيا لتقليص علاقاتها الاقتصادية مع الصين، وخصوصاً وقف استحواذ شركة صينية على حصة في محطة حاويات في هامبورغ.
وفي 25 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، اعتزمت الحكومة الألمانية منح ترخيص للصينيين لاستغلال حصة في محطة في ميناء هامبورغ أثار جدلاً في السابق، وسيتم ذلك بتخفيض الحصة إلى 24,9%، وهو حلّ وسط أمام رفض المستشار الألماني إلغاء الصفقة، على ما أفاد مصدر حكومي الثلاثاء.
وأعربت الولايات المتحدة على وجه الخصوص عن قلقها حيال سماح ألمانيا لمجموعة الشحن الصينية العملاقة “كوسكو” بشراء حصة في ميناء في مدينة هامبورغ (شمال).
وقال دبلوماسي أميركي رفيع آخر إنّ “السفارة كانت واضحة للغاية بشأن مسألة أننا طرحنا بقوة ألا تكون هناك مصالح مهيمنة من قبل الصين”.
وكشف مصدر مطّلع، في الـ22 تشرين أول/أكتوبر، أنّ المفوضية الأوروبية حذّرت ألمانيا من الاستثمار الصيني في ميناء هامبورغ. ووفق وكالة “فرانس برس”، فإنّ تحذير المفوضية كان قبل نحو شهر.
وفيما رفض شولتس الاستجابة لدعوات ست وزارات لرفض الصفقة على خلفية مخاوف أمنية، سمح للشركة بدلاً من ذلك بشراء حصة أصغر.
Discussion about this post