دخل سباق التجديد النصفي في الولايات المتحدة مرحلته الأخيرة مع انتهاء الحملات الانتخابية في استحقاق يمكن أن يغيّر العهد الرئاسي لجو بايدن. الأخير حذّر أمام حشد لأنصاره قرب واشنطن، الاثنين، من أنّ فوز الجمهوريين قد يضعف المؤسسات الديمقراطية، فيما توجّه ترامب إلى ولاية أوهايو لدعم المرشح الجمهوري عنها، قائلاً إنّ “إعلاناً هاما جداً” سيصدر عنه الأسبوع المقبل، يُتوقع أن يكون الإعلان الرسمي لترشحه للانتخابات رسمياً.
وتبدأ اليوم الثلاثاء في الولايات المتحدة الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي، فما هي هذه الانتخابات؟ ما أهميتها؟ من الذي يحدد الفائز؟ ومن يملك الفرص الأكبر للفوز؟
الانتخابات النصفية الأميركية
يتنافس المرشحون من الحزبين الجمهوري والديمقراطي على 435 مقعداً في مجلس النواب، و35 مقعداً في مجلس الشيوخ، كما يتنافس الحزبان على 36 منصباً من مناصب حكّام الولايات الـ 50. وعادة ما تُعتبر انتخابات منتصف الولاية في الولايات المتحدة استفتاءً في رئيس البلاد الذي يميل حزبه إلى خسارة مقاعد في الكونغرس، خصوصا إذا كانت نسبة تأييده، كما هو الحال مع بايدن، أقل من 50%.
وتحدد هذه الانتخابات قدرة الرئيس على إنجاز أجندته السياسية اعتماداً على سيطرة حزبه على الكونغرس بمجلسيه، وتتغير هذه القدرة إذا خسر أحد المجلسين، وتنحسر قدرته بصورة شبه كاملة إذا خسر أغلبية المجلسين.
ويبدأ التصويت بدءاً من 8 تشرين الثاني/نوفمبر ليوم واحد، لكنّ بعض الولايات تسمح بالتصويت المبكر سواء بالبريد أو بالحضور الشخصي (ولاية كاليفورنيا مثلاً).
مجلس النواب الأميركي
تجري هذه الانتخابات مرة كل عامين في كل مقاعد المجلس البالغ عددها 435 مقعداً خلال انتخابات التجديد النصفي.
للديمقراطيين حالياً 222 عضواً في مجلس النواب مقابل 212 للجمهوريين، مع بقاء 3 مقاعد خالية لوفاة أو عزل شاغليها. وفي هذه الانتخابات، يهدف الحزب الجمهوري إلى استعادة الأغلبية في مجلس النواب التي خسرها في انتخابات التجديد النصفي عام 2018، وهو يحتاج إلى 5 مقاعد فقط لاستعادة الأغلبية.
ويحتاج الجمهوريون لضمان أغلبية مجلس النواب إلى إضافة 6 مقاعد لما لديهم الآن. وبسبب لا مركزية الانتخابات، يقوم المرشحون الجمهوريون والديمقراطيون بتركيز حملاتهم الانتخابية والنقاش العام وفي دوائرهم على قضايا محلية، سواء كانت في الاقتصاد أو الإجهاض أو العنف أو الهجرة.
مجلس الشيوخ
ينقسم مجلس الشيوخ حالياً مناصفة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، لكن الديمقراطيون يملكون الأغلبية حالياً من خلال امتلاك نائبة الرئيس كامالا هاريس حق “كسر التعادل في التصويت”، بوصفها رئيسة مجلس الشيوخ.
ويتم انتخاب ثلث أعضاء مجلس الشيوخ الـ 100 (35 مقعداً) في الانتخابات النصفية كل عامين. وهناك كذلك انتخابات لحكام الكثير من الولايات (36 ولاية)، إضافة لسكرتيري الولايات، والعديد من المناصب السياسية المحلية في الولايات والمقاطعات.
ومن بين الـ35 مقعداً في الانتخابات، يمثل الجمهوريون 21 مقعداً، في حين للديمقراطيين 14 مقعداً.
يحتاج الحزب الجمهوري إلى كسب مقعد واحد فقط لاستعادة الأغلبية في مجلس الشيوخ. ويسيطر الجمهوريون حالياً على منصب الحاكم في 28 ولاية، والديمقراطيون على 22 ولاية. وتجرى انتخابات الحكام في 36 ولاية، منها 20 يحكمها حالياً حاكم جمهوري، و16 ولاية حاكمها ديمقراطي.
من يحدد الفائز؟
على الرغم من أنّ مجلسي النواب والشيوخ هما سباقان فدراليان، فإنّه يقع على عاتق مسؤولي الولايات والمسؤولين المحليين الإشراف على الانتخابات، والتصديق على نتائجها.
وعلى عكس الانتخابات الرئاسية التي تختار خلالها الولايات ممثليها في المجمع الانتخابي، إذ يجري التصديق على النتائج من قبل الكونغرس، يتم اعتماد النتائج النهائية في سباقات مجلسي النواب والشيوخ من كل ولاية على حدة.
أما بالنسبة إلى إدارة الانتخابات نفسها، فيتم التعامل معها على نحو غير مركزي بصورة كبيرة، إذ تقوم المقاطعات والبلدات بالدور الرئيسي، وفيها يتم فرز الأصوات، وهناك أكثر من 10 آلاف دائرة انتخابية يشرف على إدارتها مجموعة محلية غير حزبية في معظمها.
لدى العديد من الولايات سكرتير منتخب يمثل أعلى سلطة في الانتخابات، وهو الذي يصدّق على النتائج. ولدى البعض الآخر مسؤول انتخابي آخر تختاره الهيئة التشريعية أو الحاكم. ولدى بعضها الآخر مجلس انتخابي أو لجنة مستقلة للإشراف على الانتخابات.
قد ننتظر أياماً قبل إعلان النتيجة النهائية. ويتم الانتظار بعد ذلك لتصديق كل ولاية على نتائجها النهائية، لكن مع إغلاق صناديق الاقتراع نهاية اليوم الثلاثاء، يستطيع الخبراء المتخصصون تحديد اتجاه النتائج النهائية.
ويجتمع الكونغرس بتشكيله الجديد في 3 كانون الثاني/يناير 2023، في دورة برلمانية تستغرق عامين.
بايدن وترامب يستقطبان الناخبين
يؤدي الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، وسلفه دونالد ترامب، دورين رئيسيين لجذب الناخبين إلى صناديق الاقتراع في انتخابات اليوم التي يقول الرئيس الأمركي إنها تُمثل لحظة “حاسمة” للديمقراطية الأميركية.
ويواصل قادة الحزب الديمقراطي زيارة عدد من الولايات خاصة المتأرجحة لمحاولة التأثير في الناخبين، وبعد التجمعات التي نظمها الحزبان السبت في ولاية بنسلفانيا، زار بايدن نيويورك، فيما زار ترامب ميامي لحشد المناصرين.
وقال بايدن في جامعة “سارة لورنس” شمالي نيويورك: “إذا ذهبتم جميعاً للتصويت، ستُحفظ الديمقراطية. هذه ليست مزحة”.
وأضاف: “حان الآن الوقت بالنسبة إلى جيلكم للدفاع عنها (الديمقراطية)، والحفاظ عليها، واختيارها”، مذكراً بهجوم 6 كانون الثاني/يناير 2021 الذي شنّه أنصار لترامب على مبنى الكابيتول.
بدوره، اختار ترامب الأحد ولاية فلوريدا المؤيدة للجمهوريين للتحدث أمام أنصار الحزب الجمهوري. وفي ميامي، واصل الرئيس السابق تغذية التوقعات بشأن إعلان وشيك عن ترشحه للرئاسة في العام 2024.
وقال ترامب: “ربما سيتعين علي القيام بذلك مرة أخرى”، فيما هتف أنصاره: “سنوات أربع أخرى! سنوات أربع أخرى!”، في إشارة إلى مدة الولاية الرئاسية في الولايات المتحدة.
استطلاعات الرأي
منذ ما قبل الانتخابات بشهرين تقريباً، ونحن نسمع بتراجع شعبية بايدن في استطلاعات الرأي، وتراجع فرص الديمقراطيين.
وفيما يسعى الناخبون للتخلص من الإحباط بسبب التضخم الأكثر ارتفاعاً منذ أربعة عقود والهجرة غير الشرعية المتزايدة في البلاد، أظهرت استطلاعات الرأي أنّ الجمهوريين متقدمون في السباق، فيما وُضع الديمقراطيون في موقف دفاعي.
وفي أحدث استطلاع رأي أجري قبل ساعات من بدء سباق التجديد النصفي في الولايات المتحدة، تعززت التوقعات بأنّ الحزب الديمقراطي في طريقه إلى الخسارة.
وهوت شعبية الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن هذا العام إلى مستوى متدنٍ لامس 36% في شهري أيار/مايو وحزيران/يونيو. ويستمر السخط الاقتصادي في التأثير في الانتخابات، ليساهم في حشد الناخبين لمصلحة الحزب الجمهوري ضد الرئيس الحالي.
وتظهر استطلاعات الرأي أنّ الاقتصاد هو القضية الرئيسية التي ستؤثر في تصويت الأميركيين في الانتخابات المقبلة، خصوصاً بعد أن ساءت أحوالهم المادية في عهد بايدن.
القبول بالنتائج
مع تكثيف ترامب نظريات المؤامرة إزاء التصويت في انتخابات منتصف الولاية وإلقاء العديد من مرشحي حزبه بظلال من الشك على النتائج المقبلة، سعى قادة الحزب الجمهوري لطمأنة الناخبين بأنّ الجمهوريين سيقبلون بالنتيجة، حتى لو خسروا.
وأعلنت رئيسة اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري، رونا ماكدانيال، أنّ مرشحي حزبها لانتخابات التجديد النصفي المقبلة سيقبلون بالنتائج سواء فازوا أم لا.
وأعربت ماكدانيال عن اعتقادها بوجود “زخم جيد” لدى الجمهوريين يمكنهم من استعادة السيطرة على مجلسي الشيوخ والنواب في انتخابات اليوم، ما سيؤدي في حال حدوثه إلى إعاقة عمل بايدن خلال النصف الثاني من ولايته.
وقالت ماكدانيال: “يريدون ضمان أن تجري بشكل نزيه وشفاف، وبعد ذلك نترك العملية تأخذ مجراها ونقبل بالنتائج”.
وعندما سئلت بشكل مباشر إن كان جميع المرشحين الجمهوريين سيقبلون بالنتائج حتى في حال خسارتهم، أجابت: “سيقبلون”.
من جهته، لخص السناتور ريك سكوت، رئيس اللجنة الوطنية لمجلس الشيوخ الجمهوري، المزاج السائد بالقول إنّ حزبه يتوقع “ليلة عظيمة” في مجلسي النواب والشيوخ.
وقال زميله الجمهوري غلين يونغكين، حاكم ولاية فرجينيا، إنّ معسكره هو الآن “من يقدم حلولاً منطقية” لقضايا ملحة مثل التضخم المرتفع والجريمة، وأضاف: “سيشكل الأمر تنبيهاً للرئيس بايدن”.
Discussion about this post