المطران إيلاريون كبوجي – ذكرياتي في السجن كما رواها – الصحافيان أانطوان فرنسيس – سركيس أبو زيد – دار أبعاد – ط 1 – 2018 – بيروت – لبنان
عندما احتلت “إسرائيل” الضفة الغربية في الخامس من حزيران 1967 أسس مطران القدس “إيلاريون كبوجي” أول خلية فدائية في المدينة المقدسة، جاعلاً من عباءته الكهنوتية درعاً لمقاومة سلطات الإحتلال.
وتحوّل راعي الأبرشية إلى همزة وصلٍ سرّية بين المقاومين في الداخل وقيادتهم في الخارج، فراح ينقل من الخارج كل ما يحتاج إليه الداخل، متسلّحاً بإيمانه، وشجاعته، وحصانته الدبلوماسية.
وطوال ست سنوات استمرت رحلاته المكوكية بين لبنان وفلسطين غير عابئٍ بالخطرِ على حياته، مزدرياً الإسرائيليين الذين اعتقلوه في 18 آب 1974، وضبطوا كمّية من الأسلحة والمتفجرات في سيارته.
وبعد إستجواب طويل، ومحاكمة مضنية، حُكِم عليه بالسجن 12 سنة، قضى منها أربع سنوات في سجون الإحتلال، فكاد يلفظ أنفاسه على أرض زنزانةٍ نتِنة لولا تدخُل الفاتيكان لإطلاق سراحه…
يجمع هذا الكتاب ذكريات مطران القدس إيلاريون كبوجي، ومواقفه السياسية، ويستعرض مراحل من حياته، وحقبات نضاله في سبيل القضية الفلسطينية، ويوثّق ظروف إعتقاله ومحاكمته ورحلة عذابه الشاقة في داخل سجنه… كما رواها للكاتبين أنطوان فرنسيس وسركيس أبو زيد، وسجّلها بصوته في منفاه في روما عام 1979 إلا أنها لم تُنشَر إلا في 2018 أي بعد أربعون عاماً.
أنشرُ منها هذه الفقرات للمطران كبوجي، وهي مقتطفات لا تُغني عن قراءة الكتاب.
– إن اجمل لحن يمكن أن أسمعه في حياتي هو صوت أجراس كنائس القدس والآذان من مساجدها
– كيف يكون الإنسان حيادياً عندما يصبح وطنه في خطر؟
– عندما عَجِزوا (الإسرائيليين) عن تدجيني (المطران إيلاريون كبوجي)، ولَجْم اندفاعي الوطني الجامح، طلبوا في عام 1970 من البطريرك (مكسيموس الخامس) حكيم (الروم الكاثوليك) ان يعزلني عن مركزي في القدس ويرسلني إلى أي مكان خارج الحدود، للتخلص من نشاطاتي المعادية لهم، لكن البطريرك رفض طلبهم.
– فور اعتقالي (الإعتقال الأول للمطران ايلاريون كبوجي في 8 آب 1974) وَكّلَتْ بطريركية الروم الكاثوليك المحامي “عزيز شحادة”، وكان يومها نقيب المحامين العرب في الضفة الغربية، ليتولى الدفاع عني. كذلك اشترك في هيئة الدفاع محاميان دوليان هما الفرنسيان، “رولان دوماس” (الذي أصبح وزيراً للخارجية الفرنسية بعد عشر سنوات عام 1984)، و “كريستيان بورجيه” “ناشط دولي في الدفاع عن حقوق الانسان”.
– في بداية الجلسات (خلال الاعتقال) سألني المدعي العام: “كيف يحق لكَ وأنت رجل دين أن تعمل بالسياسة وتقوم بنشاطات سياسية؟”. قلتُ له: “إن رجال الدين ينتمون إلى الوطن أيضاً وعليهم أن يدافعوا عن وطنهم”.
– إن خشب الزيتون كان يُهرَّب من الخارج فننحته في داخل السجن ونُعيد تهريبه إلى أهلنا في الخارج كرمز لتمسُّكا بالأرض (فلسطين) والقضية.
– كل عمل أقدمتُ عليه منذ اعتقالي كان موجّهاً صوب الهدف الأساس أي فضح وحشية “إسرائيل”.
– ما دام هدفي كان تحويل سجني إلى منبر لمواجهة “إسرائيل” فلا بدّ من أن أقوم بأي شيءٍ ممكن لكي ألفتُ أنظار العالم إلى وجودي في السجن، وأسلّط الضوء على أسباب سجني التي هي أسباب وطنية نضالية لا إجرامية كما يريد العدو أن يصوِّرها للعالم.
– كلنا يعلم بأن سمعة “إسرائيل” المُصطنعة هي كل شيء لديها.
– خيرٌ أن يموت إنسان عن الأمة من أن تموت الأمة بكاملها.
– أنا عنيد، عندما أصمم على أمرٍ لا بدّ من أن أنفّذه مهما كانت الظروف.
مساء يوم الأحد في السادس من تشرين الثاني عام 1977 أفرَجت السلطات الإسرائيلية عن المطران “كبوجي” الذي نُقل من سجن الرملة مباشرة إلى مطار اللد في قافلة من أربع سيارات عسكرية وسط حراسة أمنية مشددة.
Discussion about this post