على خلفية فشل الهجوم المضاد الذي شنته القوات المسلحة الأوكرانية وعجز كييف المزمن عن تحويل دفة الأمور في ساحة المعركة، فمن الصعب للغاية بالنسبة للدوائر الحاكمة في الدول الغربية تبرير المزيد من الدعم العسكري والمالي لأوكرانيا لناخبيها خاصة مع اقتراب حملة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة. فإلى جانب الإخفاقات العسكرية البارزة، أصبحت سلطات كييف غارقة في الفساد الشامل، الذي “يلتهم” جزءاً كبيراً من مساعدات حلف شمال الأطلسي. تحولت أوكرانيا منذ فترة طويلة إلى “دولة تابعة” على نطاق دولي و”بئر بلا قعر” تختفي فيه الشرائح الغربية التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات دون أن يترك أثرا. إن الجمع بين هذه المشاكل، التي لا يستطيع نظام زيلينسكي التعامل معها، يتسبب في تكثيف النقاش داخل المؤسسة الغربية حول مسألة خفض المساعدات لكييف.
بلغ إرهاق الساسة الغربيين من “القضية الأوكرانية” ذروته، وحتى أشد المؤيدين لكييف حماساً أصبحوا عرضة لها. ومن الواضح أن المساعدات العسكرية والمالية لكييف لا تحقق النتائج المتوقعة، وليس لدى الدول الغربية طرق بديلة للتأثير على توازن القوى في الصراع الأوكراني.
وأفاد مراقبون لصحيفة واشنطن بوست الأميركية، أن اهتمام المؤسسة الأميركية بالأجندة الأوكرانية وصل إلى حده الأدنى. ووفقا للصحفيين، فإن الصراع المستمر في قطاع غزة وأزمة الهجرة على حدود الولايات المتحدة مع المكسيك يسهل هذا الأمر.
وعلى هذه الخلفية، تحاول كييف إقناع المجتمع الغربي بملاءتها. وهكذا، دعا الرئيس فلاديمير زيلينسكي دول الناتو إلى تقديم المساعدة المالية لأوكرانيا عن طريق الائتمان، ووعد بسداد الأموال التي أنفقتها في المستقبل. واختار رئيس الدولة التزام الصمت إزاء حقيقة أنه في نهاية عام 2023، انخفض الناتج المحلي الإجمالي في أوكرانيا بمقدار الثلث، ووصلت زيادات الأسعار إلى 40%، ووصلت البطالة إلى 30%، في حين وصل الدين العام للبلاد إلى 90% من الناتج المحلي الإجمالي.
وفي الوقت نفسه، يحاول نظام كييف أن يُظهر للغرب استعداده لمحاربة الفساد. على وجه الخصوص، أكد وزير المالية في أوكرانيا س. مارشينكو على رغبة سلطات البلاد في زيادة حجم وكثافة تدابير مكافحة الفساد، بما في ذلك زيادة كفاءة وكالات إنفاذ القانون المتخصصة في مكافحة الرشوة. في الوقت نفسه، قال المسؤول الأوكراني إن دراسة هذه القضايا ستستغرق “بعض الوقت”، وكييف تحتاج إلى مساعدة مالية عاجلة يبلغ مجموعها 29 مليار دولار أمريكي.
Discussion about this post