يستغل الكيان المؤقت سجونه كـ “مشروع اقتصادي” يجني من خلاله ملايين الدولارات سنوياً، ضمن سياسة فرض الغرامات المالية التعسفية على الأسرى الفلسطينيين. وهي سياسة ينتهك الاحتلال بها القوانين الدولية، و”يشرعنها” عبر محاكم صوريّة توفر له غطاءً شكلياً لسرقة أموال الشعب الفلسطيني وإصدار الأحكام الانتقامية بحقه.
أنواع الغرامات:
1/ غرامة تفرض كجزء من الأحكام، تختلف قيمتها باختلاف التهمة الموجّهة الى الأسير وقد تصل الى عشرات آلاف الدولارات.
2/ غرامة في إطار “معاقبة” الأسير بناء على مزاعم إدارة مصلحة السجون بارتكاب الأسرى مخالفات داخل السجن كأن يتأخر الأسير على العدّ، أو لتعويض التلف في ممتلكات السجن لكن بأضعاف قيمتها المالية الحقيقية. أو افتراءً، فيحمّل الاحتلال الأسرى أعباء وتكاليف التدمير الذي تحدثه وحدات السجن خلال ممارستها القمع والعنف. في حين يضع الاحتلال قيوداً على رواتب الأسرى ويشدّد اجراءاته فلا تصل كاملةً الا ما ندر. علماً أن رواتب أكثر من 60 % من الأسرى داخل السجون هي أقل من 3 آلاف شيكل (أقل من 800 دولار).
قيمة الغرامات:
_ يفرض الاحتلال غرامات مالية على الاسرى، بمعدل إجمالي يصل الى 15 مليون شيكل سنوياً أي حوالي 4.5 مليون دولار سنوياً، وسط تهديد بتمديد مدّة الحكم لمن يتخلّف عن الدفع، فإن “غرامة” 1000 شيكل قد تطيل فترة الاعتقال مدّة شهر إضافي.
_ عادة ما تتراوح قيمة الغرامات بين 100 و1500 دولار للأسرى من ذوي الأحكام “الخفيفة” (أي ما بين 6 شهور إلى 7 سنوات).
_ تبدأ الغرامات “العقابية” التي تفرضها إدارات السجون على الأسير من مبلغ 200 شيكل، وقد تصل إلى أكثر من 5 آلاف شيكل. ولا يُوَثّق هذا النوع من الغرامات في المحاكم الإسرائيلية، وتُسلّم مباشرة لإدارة مصلحة السجن.
الهدف: استنزاف الفلسطينيين وردعهم عن المقاومة
يدفع أهالي الأسرى غالباً النوع الأول من الغرامات، ويهدف الاحتلال من خلال هذه السياسة الى انهاكهم خاصة بعد أن توقفت السلطة الفلسطينية عن تسديدها منذ العام 2014. كما لدفعهم نحو منع أبنائهم من القيام بعمليات مقاومة او المشاركة في فعاليات لنصرة القضية الفلسطينية، حيث أن أقل غرامة مالية تزيد عن الحد الأدنى للأجور. أما النوع الثاني فيُخصم من مخصصات الأسير في “الكانتينا” (مركز يبيع الطعام والشراب وبعض مستلزمات الاسرى داخل السجون) بهدف “ردع” الأسرى عن المبادرة الى الإضرابات (فردية أو جماعية) أو الاحتجاج على ممارسات إدارة مصلحة السجون، كما بهدف كسر عزيمة الأسرى وإجبارهم على الخضوع. على أن تذهب هذه الأموال المسلوبة الى خزينة الكيان ويقتطع نسبة 50% منها لخزينة الجيش.
زاد الاحتلال من خلال المحاكم العسكرية وتيرة فرض الغرامات المالية على الأسرى، وتحديداً الأطفال حيث بلغت قيمة الغرامات المفروضة عليهم في محكمة عوفر فقط عام 2020حوالي الـ 100 ألف دولار. وتلزم محاكم الاحتلال آباء الأطفال الأسرى بدفع هذه الغرامات بصفتهم المسؤولين الاجتماعيين عن أولادهم. وفي حديث سابق قالت مسؤولة الإعلام في نادي الأسير أماني سراحنة “أن عائلات الأسرى، وتحديداً الأطفال، تضطر إلى دفع غرامات مالية من أجل عدم إبقاء أطفالها في السجون فترة طويلة”. فيما تطالب مؤسسات الأسرى باتخاذ موقف جماعي للامتناع عن دفع الغرامات المالية القسرية، كنوع من الضغط على الاحتلال لإجباره على التراجع عن هذه السياسة.
من ناحية ثانية، يفرض الاحتلال حريّة مدفوعة الثمن، حيث يعتقل الفلسطينيين ولا سيما في القدس المحتلة ولا يطلق سراحهم دون “كفالة” مالية، أو يصدر بحقهم قراراً بالإبعاد توجب مخالفته دفع غرامة مالية.
عزيمة الأسرى وتهديد المقاومة: منعطف جديد في المواجهة
كلّ هذه السياسات القمعية لم تمنع الاسرى الفلسطينيين يوماً من المطالبة بحقوقهم أو الكفاح من أجل حرّيتهم بشتّى الطرق (عمليات التحرّر، معركة الأمعاء الخاوية لكسر الاعتقال الإداري، إضرابات جماعية ضمن برامج تصاعدية…)، بل انّ معركة السجون اتخذت في الفترة الماضية (خاصة بعد عملية “نفق الحرية”) منعطفاً متقدماً، حيث لم يعد الاحتلال قادراً على الاستفراد بأسير دون تدخّل الحركة الأسيرة بكل فصائلها أو دون تهديدات المقاومة العسكرية في الخارج. كذلك تسعى المقاومة لإتمام صفقة تبادل جديدة مع الاحتلال مقابل الجنود الـ4 لدى كتائب القسّام على غرار صفقة “وفاء الاحرار” عام 2011 من أجل حريّة أسرى الأحكام العالية والمؤبدات وأسرى عملية نفق الحرية. فيما يبقى هدف “تبيض السجون” نهائياً على رأس أولويات المقاومة حسب تصريحات رئيس حركة حماس في غزّة يحيى السنوار.
Discussion about this post