لا شك أن حلم امتلاك مشروع خاص، يراود أغلب الشباب في الوقت الحالي، ولكن هناك مجموعة من الضغوط والمسؤوليات التي تترافق مع تأسيس المشروع، وعلى رائد الأعمال أن يمتلك مجموعة من الصفات الفريدة ليتحمّل كل هذه الأعباء، لكن ما هي تحديدًا صفات رائد الأعمال الناجح؟ وكيف يمكن أن تكون رائدًا بمشروعك؟
ما هي ريادة الأعمال؟
ريادة الأعمال هي القدرة على بناء مشروعٍ خاص من أجل تحقيق الربح أو الفائدة، بواسطة التوسع وإدارة المشروع بشكلٍ ناجح. ويتعدى مفهوم ريادة الأعمال هذا التعريف خصوصٍا في الوقت الحالي، فريادة الأعمال هي القدرة على القيام بأي حركة أو ابتكار منتج أو القيام بأي تغيير جذري في المجتمع. بكلمات أخرى، ريادة الأعمال هي القيام بالأعمال وإدارتها بالشكل الذي تريده.
أما رائد الأعمال هو الشخص الذي ينشئ المشاريع والأعمال من الصفر، ويكون هو المشرف والمدير على أعماله، بما في ذلك تحمّل المخاطر والربح من هذه المشاريع، ثم أن رائد الأعمال يُعدّ العنصر الأهم لنجاح أي مؤسسة ناشئة.
ما أهميّة ريادة الأعمال؟
قبل التوسع في الحديث عن أهمية ريادة الأعمال في المجتمع، تخيّل أن تمتلك جميع الموارد دون أي قدرة على استغلالها! هكذا تمامًا سيبدو العالم دون وجود المبادرين للقيام بالمشاريع، أي إن ريادة الأعمال هي المحرّك الأساسي لإنجاح أي مشروع، ولكن يمكن تلخيص أهميّة ريادة الأعمال في مجموعة من النِّقَاط:
- خلق الوظائف الجديدة
تحتاج المشاريع لأيادٍ عاملة، وتبدأ رحلة التوظيف والعمل منذ تأسيس رائد الأعمال لها. ومع توسّع المؤسسة، ستحتاج إلى المزيد والمزيد من العاملين والموظفين.
- زيادة في الدخل القومي
كلما زادت وتيرة إنشاء المشاريع الجديدة، زاد الدخل القومي. هذه حقيقة واقعية، لهذا تشجّع أغلب الحكومات حول العالم ريادة الأعمال.
- التغيير العالمي
لا تنشأ الأعمال الجديدة من حاجة رائد الأعمال للنجاح فقط، فواحدة من أهم صفات رائد الأعمال هي السعي للتغيير والتطوير، لذلك نشأت ريادة الأعمال من أجل إحداث التغيير في المجتمع، وتطوير الموارد الحالية من أجل القيام بمشاريع مستقبلية.
- الصالح العام
على عكس المشاريع التشاركية التي تخلق من أجل المصالح الشخصية للمؤسسين أو لرأس المال، فإن ريادة الأعمال تساهم في خدمة الصالح العام، أكثر من فائدتها للأفراد عمومًا.
- الابتكار
الإبداع هي واحدة من صفات رائد الأعمال الأساسية، فريادة الأعمال تسعى لتطوير الأدوات الحالية لأدوات أكثر تقدّمًا وأكثر فائدة للمجتمع، أي أنها تحاول استثمار الموارد الحالية لصنع موارد جديدة.
ما هي صفات رائد الأعمال الناجح؟
هل تظنّ أن سمات رائد الأعمال تقتصر على حسن التدبير وإدارة الموارد البشرية والمادية فقط؟ في الواقع، هناك مجموعة من الصفات الإنسانية التي تساهم في صناعة رائد الأعمال الناجح، بعيدًا عن الأمور التقنية والإمكانات المادية. وفي الوقت نفسه، على رائد الأعمال أن يسعى لامتلاك العديد من المهارات، إذًا، ما هي صفات رائد الأعمال الناجح؟
1. الإبداع والابتكار
يمتلك العالم اليوم ملايين المنتجات و الأفكار، وإمكانية المنافسة بالمنتجات التقليدية شبه مستحيلة. لذلك يجب على رائد الأعمال التفكير بطريقة عمليّة عن طريق إيجاد الأفكار الخلّاقة، أو دمج مجموعة من الأشياء بطريقة إبداعية لصناعة مشروع ناجح. لذلك يُعدّ الإبداع المفتاح الأول، وأكثر صفات رائد الأعمال أهميّة.
2. المرونة
تعلم المرونة في تسيير أعمالك، فالكثير من الشركات العالمية بدأت بطريقة بسيطة، وتحولت فيما بعد إلى شركات عملاقة، ثم أن بعض الشركات تغيرت تمامًا عن بداية نشأتها. ورائد الأعمال عليه إدراك هذه التفاصيل، وأن يكون قادرًا على التغيير في أي وقت، دون التقيد بالخطة الأساسية بشكلٍ صارم، فالمرونة هي مفتاح النجاح في ريادة الأعمال.
3. القيادة
في الفترات الأخيرة، ازداد الحديث عن الفوارق بين الإدارة والقيادة. بالنسبة لرائد الأعمال، يجب عليه أن يكون صاحب حسّ عالي بالمسؤولية، بمعنى يكون أول من يصل إلى العمل وآخر من يغادر، وأن يكون قادرًا على إتمام أي عمل ناقص، والأهم أن يكون الداعم الأول للفريق، وهناك مجموعة من المهارات القيادة التي يجب على رائد الأعمال معرفتها قبل البَدْء بأي مشروع ريادي.
4. الشغف
التخطيط والتنفيذ وحدهما لا يمكن أن يصنعا أي نتيجة حقيقية، بل يجب على رائد الأعمال أن يملك الشغف للقيام بمشروعة بشكل حقيقي. فبالإضافة للصفات العمليّة لرائد الأعمال، يجب أن يمتلك بعض السمات العاطفية أيضًا مثل الشغف، وهو أن تفعل ما تحب، وليس ما يجب عليك فعله، لذلك إذا أردت أن تكون رائد أعمال ناجح، عليك أن تمتلك الشغف لما تفعله، وأن تكون طموحًا.
5. المخاطرة
من أهم صفات رائد الأعمال، أن يكون قادرًا على المخاطرة والتحدي في مشروعه، فغالبية الأفكار الجديدة يمكن أن تُقابل بالرفض أو الاستنكار عمومًا. ويجب لرائد الأعمال أن يؤمن بفكرته وأن يكون واثقًا من قدراته على التنفيذ، ولكن يجب ألاّ يكون مجازفًا. وإذا كنت تسير على طريق ريادة الأعمال، عليك أن تحسب خطواتك الأولى في ريادة الأعمال بشكلٍ صحيح كي لا تكون مجازفًا بمشروعك.
6. المثابرة
في الواقع، أغلب المشاريع الريادية ستخفق في البدايات، قبل تكللها بالنجاح. ومن صفات رائد الأعمال المهمة، هي المثابرة على العمل، والتمكن من السير بأعماله حتّى في حال فشلها للمرة الأولى، كما يمكن لرائد الأعمال الاستعانة ببعض المصادر والأعمال ليتزوّد بالقدرة على المثابرة عن طريق تحفيز نفسه على الإنجاز.
7. تكوين الصداقات
تكوين علاقات عامة ناجحة، هو من أكثر الأمور محورية في عالم الأعمال. وهذا الأمر لا يتحقق إلا بوجود قدرة استثنائية على تكوين المزيد من الصداقات في وَسَط العمل عمومًا. ثم أن القدرة على تكوين الصداقات ستلعب دورًا مهمًا في التواصل مع أعضاء الفريق ومع المستثمرين والإداريين، وهي أكثر صفات رائد الأعمال التي يجب أن تحرص على امتلاكك لها لتبدأ مسارك.
8. الحزم
بالرغْم من وجود العديد من صفات رائد الأعمال التي تستلزم أن تكون مرنًا، ولكن يجب عليك أن تكون حازمًا في الوقت نفسه. فالتساهل مع المشاريع الناشئة يمكن أن يكون السبب الأول في دمارها، ثم أن التأجيل والمماطلة والتأخير في عالم الأعمال يعدّ مرفوضًا بشكلٍ قاطع.
9. الذكاء
تسير الأعمال العادية بمبدأ التدبير بالشكل الأمثل للموارد، ولكن عندما يأتي الأمر لريادة الأعمال الابداعيّة، يجب عليك أن تكون خلّاقًا وتتمكن من استثمار الموارد بطريقة استثنائيّة، أي أنك يجب أن تفكّر بطريقة مختلفة، فإن أهم ما يميّز رائد الأعمال عن غيره، هو الذكاء والقدرة على التدبير بالشكل الأمثل.
10. الرؤية بعيدة المدى
ريادة الأعمال لا تتعلّق بالنتائج القريبة، ومن صفات رائد الأعمال المهمة، أن يكون قادرًا على التنبؤ بمصير مشروعه ليتمكن من إدارته منذ البداية. ثم أن امتلاك رؤية بعيدة المدى للمشاريع تلعب دورًا مهمًا في معرفة الموقف الحالي، والتخطيط للنمو والتوسع بشكلٍ صحيح دون توقّع نتائج أكبر من الواقع.
ما هي أنماط روّاد الأعمال؟
يتشارك معظم رواد الأعمال الناجحين بمجموعة من الصفات الأساسية، ولكن يختلف نمط التنفيذ لكلّ نوع باختلاف شخصيّة رائد الأعمال. كما تنقسم أنواع رياديي الأعمال إلى 4 فئات رئيسية، يبدع كلّ نوع منهم في بناء مشروعه الخاص:
النمط الأول: رائد الأعمال الباني
يسعى هذا النوع لبدء المشاريع القابلة للتطور بشكل تدريجي، ومن صفات رائد الأعمال الباني الصبر. فغالبًا ما يفضّل هذا النوع بناء قاعدة قويّة للأعمال، وتوظيف فريق مناسب لإدارة المشروع دون الاستعجال في العمل، وغالبًا ما تكون مشاريع هذه الفئة هي الأكثر ثباتًا في السوق وأكثرها تطورًا مع مرور الزمن.
النمط الثاني: راد الأعمال الانتهازي
تتمتع هذه الفئة من رواد الأعمال بالذكاء الحاد، والقدرة على استثمار أي مشكلة من أجل ابتكار الحل المناسب في الوقت المناسب. أي إن روّاد الأعمال الانتهازيين يسعون دائمًا للنمو والتوسع بشكلٍ سريع، ولكن من أهم صفات رائد الأعمال أن يكون مثابرًا وصبورًا، كما يجب عليه أن يحسب جميع خطواته بشكلٍ دقيق، لذلك كثيرًا ما تنتهي العديد من مشاريع روّاد الأعمال الانتهازيين بسرعة.
النمط الثالث: رائد الأعمال المبتكر
هذا النوع، غالبًا ما يحاول السير في الاتجاه المعاكس من أجل إيجاد أفضل الحلول الممكنة للقضاء على المشكلات الناشئة. ويتمتع هؤلاء الأفراد بواحدة من أهم سمات رائد الأعمال، وهي الإبداع، ليتمكن من التفكير بمشاريع لم يفكر بها أحد من قبل. غالبًا ما تتكلل مشاريع هذه الفئة بالنجاح السريع والفعال بنفس الوقت نظرًا لحاجة المجتمع للأفكار والمشاريع الخلاقة.
النمط الرابع: رائد الأعمال المتخصص
يفتقر هذا النوع لمجموعة من صفات رائد الأعمال، فهم أشخاص لا يحبون المخاطرة بل يفضلون البَدْء بمشاريع لديهم معرفة كبيرة بها بشكل مسبق. أي أنهم يؤسسون أعمالهم بناءً على الخبرة بالمجال أكثر من الحاجة المجتمعية للمجال، ولكن مع وجود تخطيط صحيح وخبرة كافية، يمكن لهذه المشاريع أن تبصر النور وأن تنمو بشكل ممتاز في فترات قياسية.
ما هي المهارات الريادية لرائد أعمال الناجح؟
قد تمتلك كلّ الصفات التي تؤهلك لتكون رائد أعمال ناجح، ولكن هناك مجموعة من المهارات التي يجب عليك اكتسابها من أجل البَدْء بشكل صحيح في عالم ريادة الأعمال، لأن سمات رائد الأعمال لا يمكن أن تبني مشروعًا، فالقدرة على التخطيط والمعرفة بمجالات متنوعة هي شرط أساسي للقيام بأي مشروع، وأبرز مهارات ريادة الأعمال التي يجب عليك تعلمها هي:
1. غزارة المعرفة
التخصص هو لغة العصر، ولكن لا يكفي أن تمتلك معرفة كبيرة في مجال واحد، بل يجب أن تتعلم عن الإدارة والتخطيط والتنفيذ والعلاقات العامة. باختصار شديد يجب عليك أن تكون على علم بشيء من كلّ شيء لتتمكن من النهوض بمشروعك الناشئ، ثم أن تعلّمك وقراءتك عن مجال ريادة الأعمال ستساعدك على تكوين صورة واسعة عمّا تريد فعله.
2. القدرة على تحديد المشكلات وحلها
المشاريع لا تبدأ بشكل فكرة، بل عادةً ما تبدأ عن طريق وجود مشكلة بحاجة إلى حلّ. ومن سمات رائد الأعمال أن يكون فضوليًا يحب استكشاف ما حوله. لذلك عليك أن تبحث عن مشكلة يمكن لك حلّها عن طريق ابتكارك لمشروع محدد، ولكن عليك أن تحاول تحديد مشكلة تمتلك معرفة كبيرة عن إمكانيّة حلها بكفاءة وفاعليّة، وبذلك يمكن أن تضمن نجاح مشروعك.
3. تأمين التمويل أو الاحتضان
فكرة البَدْء بمشاريع من نقطة الصفر هي أمر مستبعد نسبيًا، وعليك تأمين غطاء مالي، أو جهة تحتضن مشروعك منذ البَدْء. ثم أن فكرة المشروع الناجح لن تجد صعوبة لتأمين غطاء مالي في الواقع، خصوصًا في حال وجود العديد من الجهات التي تشجع المشاريع الجديدة، وعليك في هذه الحالة تمييز حاضنات الأعمال عن مسرعات الأعمال لتعرف ما هي الجهة المناسبة لبدء العمل معها.
4. تكوين شبكة علاقات قوية
مع أنّ روّاد الأعمال يحبّون الاعتماد على نفسهم، ولكن البَدْء بالمشاريع بشكل منفرد سيحمّل عليك ضغوطات هائلة، ولن تتمكن بسببها من إكمال العمل على مشروعك. هنا يجب عليك أن تمتلك واحدة من أهم سمات رائد الأعمال، وهي أن تشبّك مع المزيد من الجهات التي تعمل في إطار مماثل لمشروعك، لتأمين الدعم ولإزاحة جزء كبير من الضغوط عنك.
5. الاجتهاد في العمل
يحتاج الموظفين في الأعمال الناشئة لقدوة تسيّرهم، وعليك أن تكون القدوة لجميع الموظفين أو لأي جهة تبدأ معك في تنفيذ المشروع، وذلك يكون عن طريق العمل باستمرار، والحرص على مراقبة كافّة الأعمال بشكلٍ احترافي دون أي تغيّب. قد يبدو الأمر صعبًا في البداية، ولكنك ستتمكن من إنجاح مشروعك بشكل سريع وفعّال عن طريق مراقبته خطوة بخطوة.
الخلاصة
عالم ريادة الأعمال عالم واسع وكبير، ويمكن لأي فرد أن يكون صاحب مشروع وانطلاقة مميّزة في حال امتلاكه صفات رائد الأعمال الناجح، لذلك عليك أن تزيح عنك التردد، وأن تطلق العَنان لإبداعك في صناعة مشروع ناشئ، كما يمكنك الحصول على توجيهات من قبل بعض الخبراء عن طريق استشارات الأعمال لتتأكد من أنك تسير على الطريق الصحيح.
Discussion about this post