الفراغات في المؤسسات اللبنانية ليست بأمر مستجد ففي العقدين الاخيرين عاشت المؤسسات فراغات لوقت اطول من فترات الاشغال والاملاء.
تمديد لمجلس النواب بلا مبرر او مسوغ الا صفقة بين اركان الطبقة السياسية للحفاظ على التوازنات والمصالح.
وسبقها اقفال ابواب ام المؤسسات المجلس النيابي وتعطيل قسري لدوره في التشريع والرقابة.
فراغ في القصر الجمهوري بعد الرئيس لحود لم يملأ الا بعد جولة عنف كاسرة في ٧ ايار ٢٠٠٨.
ثم رئيس لا لون ولا طعم ولا وزن ملأ الفراغ شكلا فيما تعطلت الرئاسة الاولى فعلا ودورا وصلاحيات.
ثم فراغ في القصر الرئاسي طال و استوجب تسويات وتغيرات في بنية التيار الوطني الحر وانقلاب على العونية وانجازاتها الكبيرة التي تجسدت في تفاهم مار مخايل وقيادة المارونية لإعادتها الى اصلها الشرقي والسوري. فملأ الفراغ جنرال عنيد، وقائد صلب وجريء بلا عدة حرب، وبلا جيش قوي قادر بعد ان اضعف التيار الوطني وهمشت قاعدته وطردت كادراته الفاعلة فخسر الجنرال العنيد وخسر تياره وخسر المسيحيون وتقلص حديا وزنهم العددي والنوعي، وانهارت السنية السياسية مع انهيار الحريرية، فانكشفت الشيعية السياسية التي الت اليها ابوة النظام في اتفاق الدوحة على اعطاب نوعية اكدت عدم قدرتها ولا كفاءتها على قيادة النظام والدولة والمجتمع الى تغير نوعي سلس وعبر المؤسسات والدستور لإنتاج نظام قادر على الحياة وتجديد وظائف للكيان تؤمن استمراريته وترتقي بدوره الى مستوى انجازات المقاومة التاريخية والى تضحيات الكتلة الشيعية.
فراغات الحكومات حدث ولا حرج من تكليف يطول حتى تقع المخاصة بالتأليف الى حكومة عرجاء فاقدة للميثاقية، مرورا بتعطيل الجلسات وتعليق وزراء للمشاركة وانشغال رؤساء حكومات بالسفر والجولات ومناسبات الافراح والاصطياف .
عقدين ونيف مرت على لبنان سمتها الاساسية الفراغات وقد اعتاد الناس والمنظومة واركان الطبقة وارتاحوا للفراغات فقد امنت لهم استمرار النظام والصيغة وتمويلها وتمويل حسابات وجيوب الاركان من بركة الودائع واموال الصناديق والبلديات والنقابات والضمان وتعويضات المتقاعدين وفوائض اموال المصارف التي تجمعت من الاموال الهاربة من سورية والعراق وليبيا واليمن واستجرار ديون بفوائد فلكية لتمويل عجز الموازنات وتضخم القطاع العام بحشو الازلام لتعزيز النفوذ السياسي لأركان المنظومة والطبقة وسارت امور البلاد والعباد بالوهم على افضل ما يكون ولم يتنبه احد ولا استجاب من بيدهم الحل والربط للتنبيهات وقرع الاجراس و الانذارات بان الافلاس على الابواب.
نجحت المنظومة بترويج الاوهام والاكاذيب عن مؤتمرات دولية وعن هبات وودائع واموال اتيه وعن وظائف وفرص واستمرار الانفاق والعيش برغد واستهلاك فاجر وغير منطقي..
فالسر في استمرار ديناميات عمل النظام برغم الفراغات المديدة كان في بركة الودائع ومخاتلة ولصوصية القطاع المصرفي والايهام بفرادة وذكاء حاكم المصرف المركزي امين سر خزنه المنظومة والطبقة السياسية اللصوصية والبلطجية.
وعندما تم افراغ البركة ونضبت مصادر الاموال وشحت وقيدت التحويلات انفجرت الازمة وتشكلت عاصفة ١٧ تشرين ٢٠١٩ بتحفيز سبب تافه كإشاعة فرض ٦ دولار شهريا على الواتس اب وانعقدت من جهات لبنان الاربعة ثورة الكرامة وحقوق الانسان في عاميتها الوطنية الاولى منذ تأسس الكيان ونزل الى الشارع الشعب اللبناني كله يهتف؛ كلن يعني كلن…
ايام مجيدة عاشتها الحركة الشعبية في ثورتها الوطنية الاجتماعية الشاملة جاوز فيها اللبنانيون ولاءاتهم وانقساماتهم وعلبهم وتظاهروا تحت علم واحد وهتاف واحد، واختلط فيها الحابل بالنابل ثم اخليت الساحات من اصحاب المصلحة بالتغير بقرار وبنداء فتفردت بها جماعات ال ngosوالسفارات والقوات اللبنانية واركان من قوى وزعامات وبيوتات ١٤ اذار.
انكفأت وتراجعت الحشود صاحبة المصلحة بالتغير وانتهت الهبة الثورية على ١٣ نائب يسمون انفسهم تغييرين ولا من تغييري واحد بينهم.
انتهى عهد الجنرال العنيد، والقائد الصلب المشهود له بالجرأة والاقدام وخرج من القصر قبل يوم من نهاية العهد باحتفالية شعبية وبوعد استمرار المعركة من الرابية تاركا البلاد خراب وفوق الخراب تدمير وانفجار المرفأ والقضاء والعدليات خرائب وركام.
فليست مصادفة ابدا ان فراغ القصر الجمهوري هذه المرة ترافق مع فراغ القصر الحكومي، والت السلطة الى مجلس نيابي في هندسة نتائج انتخاباته المحكمة انتجت الفوضى غير الخلاقة النيابية على مشروع ورغبة السفيرة شيا ليكون في حالة شلل اشبه بالفراغ.
هكذا استقر النظام على فراغات اتسعت دائرتها وتقاطعت في ان؛ فراغ رئاسي، وفراغ حكومي، وفراغ قضائي، وفراغ مؤسساتي وتعطيل الدولة ومؤسساتها واجهزتها، وفوضى اقرب للفراغ في مجلس النواب وتوازناته. فمن اعتاد وامتهن الادارة بالفراغ ساق البلاد والدولة الى تعميم الفراغ بعد ان افرغت بركة الاموال ايضا ولم يعد من مداد بالأموال لتمويل الفراغات الدستورية التي احكمت منظومة النهب الاستفادة والاستثمار بالفراغ وافراغ البركة وجيوب المواطنين وشفط مدخراتهم ونتاجات ابنائهم العاملين في الخارج لتامين ابسط حاجات الحياة فتصب تحويلاتهم لإعالة ذويهم في بركة الفراغ المثقوبة بأنابيب الشفط لتصب في حسابات الزعماء والشركاء..
البلاد في حالة تعميم الفراغات … وبربرا معاونة وزير الخارجية الامريكية تبشر بانهيار اخر قلاع الدولة واجهزتها وضابط الاستقرار المؤسسة العسكرية لتفرغ ساحتها ايضا.. فهل تنجح الطبقة ومنظومتها في ترميم النظام بهندسة وانتاج انتخابات رئاسية….
وهل لبلاد تقيم فيها الفراغات ان تنجز انتخابات…؟؟
غدا نعالج ونستعرض الاحتمالات…
Discussion about this post