فى 20 يناير 2020 كتب نتنياهو تغريدة قال فيها ((ان غايتنا هى القضاء على التهديد الايرانى .. مثلما تغلبنا من قبل على التهديد الكبير الذي تمثل بالقومية العربية))
***
فى الايام القليلة الماضية صدر مشروع قانون بالكونجرس ينص على تكليف البنتاجون باتخاذ ما يلزم لدمج الدفاعات الجوية لاسرائيل مع عدد من الدول العربية لمواجهة المخاطر الايرانية. والدول هي: المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين وعمان والكويت وقطر، وكذلك الأردن ومصر والعراق.
ولقد علق “مايكل معلوف” المستشار السابق بالبنتاجون لقناة روسيا اليوم ((بان اسرائيل هى التى ستتولى القيادة وان الدول العربية بدأت بالفعل تعتمد على التكنولوجيا الاسرائيلية))
***
· فى عام 1994 قال بيريز لعدد من رجال الأعمال العرب على هامش مؤتمر الدار البيضاء عام 1994 وفقا لما ورد في كتاب “سلام الأوهام” لمحمد حسنين هيكل: ((ان مصر قادت الشرق الأوسط 40 سنة وهذه هى النتيجة، واذا تركتم اسرائيل تقود ولو عشر سنوات فسوف ترون)).
· فى ذلك الحين لم يتوقف أحد أمام هذا التصريح أو يأخذه على مأخذ الجد، واحتاج الأمر الى ما يقرب من ربع قرن، ليروا نبوءته تتحقق امام اعينهم.
· وفى عام 2016 نشرت جريدة الاهرام “ورقة” أعدها الجنرال “مايكل فلين” مستشار الامن القومى المستقيل من ادارة ترامب بمشاركة عدد من الشخصيات العسكرية والإستخبارية من أعضاء مركز لندن لأبحاث السياسات فى العاصمة الأمريكية واشنطن، تتحدث عن تأسيس منظمة جديدة باسم ((منظمة اتفاقية الخليج والبحر الأحمر)) لتكون بمثابة حلف عسكرى جديد تحت قيادة الولايات المتحدة الامريكية وعضوية مصر والسعودية والكويت والإمارات وقطر والبحرين وسلطنة عمان والأردن، تحتل فيها اسرائيل صفة المراقب، وتكون لها ثلاثة أهداف محددة هى القضاء على داعش، ومواجهة ايران، والتصدى للإسلام المتطرف. وهى بمثابة إتفاقية دفاع مشترك، يكون الإعتداء على أى دولة عضوا فى المعاهدة، بمثابة إعتداء على الدول الأعضاء جميعاً، كما ورد بالنص فى الورقة المذكورة.
· وفى هذه المرة ايضا، لم يتوقف كثير من المحللين العرب امام هذا المشروع، واعتبروه احدى شطحات ترامب وفريق ادارته. ليروه يتحول بحذافيره الى مشروع قانون متداول بشكل رسمى داخل الكونجرس بعدها بستة سنوات وبعد رحيل ترامب وادارته.
***
ولكن فى الشهور والسنوات القليلة الماضية بدأ مقدمات وتفاصيل مشروع الحلف العربى الاسرائيلى الجديد تتضح للجميع شيئا فشيئا:
· ففى 9 يونيو 2022 ذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن (إسرائيل) قامت بنشر منظومة رادارية في عدة دول في الشرق الأوسط بما في ذلك الإمارات والبحرين بهدف مواجهة تهديدات إيران الصاروخية.
· وفى 30 يناير 2022 كانت القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية قد اعلنت عن بدء أكبر تدريب بحري في منطقة الشرق الأوسط،(IMX/CE 2022) ويضم التدريب 9000 فرد وما يصل إلى 50 سفينة تابعة لأكثر من 60 دولة شريكة ومنظمات دولية من بينها (مصر) والسعودية وباكستان وسلطنة عمان واليمن والإمارات والبحرين بالإضافة الى تركيا وباكستان ودول اخرى و(اسرائيل) فى سابقة هى الأولى من نوعها. وهي المناورات التى قال عنها الفريق بحرى تشارلز برادفورد قائد القوات البحرية بالقيادة المركزية الامريكية قائد الاسطول الخامس والقوات البحرية المشتركة: ((انها تهدف الى تعزيز علاقات القوات البحرية للدول المشاركة))
· وفى ذات السياق وصلت الأمور الى حد صدور فى 13 يناير 2021 دعوة صهيونية للامارات للمشاركة فى مراقبة القوات المصرية فى سيناء! حيث كتب “اساف اوريون” الرئيس السابق للقسم الاستراتيجى فى مديرية التخطيط بهيئة الاركان العامة لجيش الدفاع الاسرائيلى، مقالا فى معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى قال فيه ((لا تزال معاهدة السلام المصرية-الإسرائيلية ذروة الإنجازات الأمريكية في الشرق الأوسط، وقد لعبت القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون دوراً حيوياً في دعمها منذ عام 1982.. وإن دعوة دول الخليج للمشاركة من شأنه أن يساعد على تحسين الأمن، وتقليل العبء والمخاطر الأمريكية، وتقليل التكاليف، وتعزيز هيكل السلام الإقليمي)).
· والقائمة تطول وتتضمن عشرات ومئات التفاصيل والمعلومات الأخرى المتداولة التى تتعلق بتنسيقات وترتيبات امنية وعسكرية واتفاقيات وصفقات تجارية كبرى جارية على قدم وساق.
***
وقفات وتساؤلات:
حينما يحيطنا (العار) من كل جانب ويتدهور بنا الحال الى الدرجة التى تتحالف فيها دول وانظمة حكم عربية مع (العدو) بل وتنضوى تحت قيادته وحمايته، فانه لا يكون هناك اى مجال لتذكيرهم بالثوابت الوطنية والعقادية والحقوق التاريخية وبقضايا فلسطين والعروبة والامة الواحدة والقومية العربية، فمثل هؤلاء لم يعودوا يفهمون هذه اللغة او يتعاطون معها. ولذا سنخاطبهم بلغة المصالح التى لا يفهمون سواها:
· لقد اعلنت (اسرائيل) والامارات والبحرين رسميا ترحيبهم بهذا المشروع والانخراط فيه، فهل ستقبل مصر والعراق والسعودية والاردن بذلك؟
· بعد أن اعلنت والامارات والبحرين رسميا ترحيبهم بهذا المشروع وفتحوا اراضيهم بالفعل للرادارات الاسرائيلية، هل ستقبل مصر والعراق والسعودية والاردن بذلك؟
· وهل سينتهى المطاف بالنظام العربى الرسمى الى تسليم قيادته رسميا الى عدو الامة التاريخى؟
· وهل ستقبل الدول المذكورة الانخراط فى تحالف عسكرى لحماية أمن (اسرائيل)؟
· وماذا سيكون مستقبل المنطقة والعواقب المترتبة فيما لو تم الاقدام على ذلك؟
· وماذا ستكون ردود فعل شعوب ومؤسسات هذه الدول على المدى القريب او البعيد، فى مواجهة هذا الاستسلام الكامل وهذا الانتحار التاريخى؟
· ومن ناحية أخرى بأى حق يصدر الكونجرس الامريكى قانونا لالزام الدول العربية او اى دولة اخرى بترتيبات واجراءات امنية هى من أخص خصائص استقلالها وسيادتها وشئونها الداخلية وامنها القومى؟
· وبأى دستور او قانون او اى منطق وطنى تقبل هذه الدول الخضوع لقوانين وتعليمات أجنبية؟
· وايهما أخطر على الامن القومى لدول مثل مصر والاردن؟ ايران ام (اسرائيل)؟
· واذا كان لايران اطماع اقليمية حقيقية تمس امن واستقلال وسيادة ومصالح الدول العربية، فهل نواجهها تحت مظلة المشروع الصهيونى، أم نتداعى لتأسيس واحياء المشروع القومى العربى فى مواجهتها وفى مواجهة اى مشروعات اقليمية منافسة او معادية اخرى.
· والى هذا الحين، ما هى المصالح السياسية والأمنية للدول العربية فى انفراد (اسرائيل) بالمنطقة بعد القضاء على المشروع الايرانى؟
· أفلم يكن العرب وكل دول العالم الثالث من أكثر المستفيدين من وجود نظام عالمى “ثنائى القطبية” قبل انهيار الاتحاد السوفيتى؟ فما وجه المنطق والمصلحة فى تسليم المنطقة لقوة اقليمية واحدة، خاصة اذا كانت هى ذلك الكيان العدوانى الاستيطانى العنصرى الارهابى؟
· مع أهمية الانتباه الى ان إيران كسبت تعاطف قطاعات واسعة من الراى العام العربى، من صورتها كقائدة التصدى والمواجهة والمقاومة للمشروع الامريكى الصهيونى فى المنطقة، فى الوقت الذى تتبارى فيه الدول العربية للالتحاق بهذا المشروع والالتحاف بالحماية الامريكية عبر البوابة الاسرائيلية؟
· ومن الاساس لماذا قبلت الدول العربية العزف على ذات اللحن الأمريكي الإسرائيلي الاوروبى القاضى بحظر السلاح النووى على جميع دول المنطقة فيما عدا (اسرائيل)، بدلا من الشروع فى بناء مشروعات نووية عربية لتعديل موازين القوة والردع فى مواجهة السلاح النووي الإسرائيلي.
· واذا كانت الولايات المتحدة تخطط لمغادرة المنطقة وتسليمها (لإسرائيل) للقيام بذات الدور التي كانت تضطلع به هى بعد الحرب العالمية الثانية، فهل تقبل المحميات الامريكية ان تتحول الى محميات اسرائيلية؟
· وقبل ذلك وبعده يأتى السؤال الأهم وهو: ماذا نحن فاعلون؟
Discussion about this post