يعود رئيس الموفد الأمريكي المفاوض عاموس هوكشتاين الى لبنان في 31 من الشهر الجاري و1 آب / أغسطس المقبل على بساط تهديدات المقاومة للمرة الثانية في فترة زمنية قصيرة. فالولايات المتحدة الأمريكية – الطرف في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية – ليست معنية بحصول الشعب اللبناني على حقوقه النفطية والغازية، وهي التي تحاصر البلد من خلال “فيتو” يمنع الاستفادة من الثروات ومن خلال قطع الطريق أمام العروض الخارجية حتى الغاز المصري الذي زعمت باستجراره منذ أكثر من سنة.
ينتظر الجانب اللبناني من هوكشتياين رداً خطياً على ما تم تداوله في زيارته الماضية منتصف شهر حزيران / يونيو الماضي. فيما أشارت مصادر موقع “الخنادق” أن رداً شفهياً سبق هوكشتاين الى بيروت وحمل شروطاً إسرائيلية تطمع بتطبيع العلاقات الاقتصادية اللبنانية مع الكيان المؤقت وتنتقص من حق لبنان في “البلوك 8”. وهي شروطٌ مرفوضة، بطبيعة الحال، من المقاومة المتعهّدة باستخدام جميع الخيارات حمايةً ودفاعاً عن مقدرات الشعب اللبناني.
بالنظر الى إجراءات الاحتلال، لا يبدو أن الرد الخطي سيكون منصفاً للبنان ومقبولاً من المقاومة، اذ أنه بناءً على تهديدات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير حين أعلن عن معادلة “ما بعد ما بعد كاريش”، وفي حواره بمناسبة أربعينية الحزب حين كشف أنه “لا يوجد هدف إسرائيلي في البحر أو في البر لا تطاله صواريخ المقاومة الدقيقة…وإذا بدأ استخراج النفط والغاز من كاريش في أيلول/ سبتمبر، قبل أن يأخذ لبنان حقه، فنحن ذاهبون إلى مشكل”، استنفر الاحتلال “قوته” البحرية وخطوطه السياسية.
فقد أفشت تسريبات إلى “القناة 12” العبرية أن “إسرائيل وجّهت (عقب المقابلة مع السيد نصر الله) عبر الولايات المتحدة وفرنسا، تحذيراً شديد اللهجة إلى لبنان ونصر الله، خشية أن يحاول القيام باستفزازات حول منصات الغاز”.
الاحتلال يستعد لوصول الصواريخ الدقيقة الى منصاته
أمّا على الصعيد العسكري، كشف الخبير العسكري الاسرائيلي، أمير بوخبوط، في تقرير نشره موقع “واللاه” العبري أنه “من أجل حماية الحفارات والمصالح الإسرائيلية في المجال البحري، تم إنشاء منتدى متعدد الأسلحة يضم وزارة الحرب وأسلحة البحرية والجو والجيش والاستخبارات استعدادا لاحتمال أن يحاول حزب الله القيام بعمل عسكري، أو استفزازات للإضرار بعملية ضخ الغاز، وقد خصص قائد شعبة الاستخبارات العسكرية -أمان- أهارون خاليفا الموارد اللازمة لمواجهة التهديدات البحرية وحماية المياه الاقتصادية”.
وبيّن الموقع أنه “في الأشهر الأخيرة أجريت عدة تدريبات في البحرية تحت قيادة رئيس العمليات البحرية العميد دانيال حجاري، حاكت تعرّض مختلف الوحدات لهجمات بصواريخ كروز وصواريخ دقيقة”، وأعلن أنه “من المقرر إجراء تمرين كبير آخر في الشهر المقبل سيحاكي سيناريوهات متطرفة في الساحة البحرية وسيتم إدخال تحسينات تكنولوجية فيه”.
تدحرج الى حرب على مستوى المنطقة؟
تحدّث الموقع أيضاً عن “استنفار واسع للبحرية الإسرائيلية على طول الساحل، وحتى في ميناء حيفا وأسدود”. فبعد المسيرات الثلاث التي حملت الرسائل الى الكيان، يرجّح أن يترجم الاعتراض على ما سيطرحه هوكشتيان قريباً أو استمرار الاحتلال باعتدائه على المساحة المتنازع عليها بردٍ من حزب الله، قد يؤدي بدوره الى رد إسرائيلي أيضاً. وعلى حجم هذه الردود قد تتدحرج المنطقة إما الى عمليات عسكرية موضعية أو الى حرب واسعة “ليس معلوماً أن تبقى بين هذين الجانبين (حزب الله والكيان)، هل يمكن أن تتطوّر إلى حرب على مستوى المنطقة؟ هل ستدخل قوى أخرى إلى هذه المعركة؟ هذا احتمال وارد وقوي جداً” حسب ما شدّد السيد نصر الله.
تابع بوخبوط أن “تأييد الشعب اللبناني لنصر الله سيعطيه دافع أكبر للتحرك عسكرياً ضد إسرائيل من أجل حقل كاريش”. وهو بالأساس ما انطلق منه السيد نصر الله في وضع الخيار العسكري على الطاولة حين قال “لولا ثقتي ببيئة المقاومة وجمهورها لما قلت ما قلته في الخطاب الأخير حول الذهاب إلى الحرب من أجل حقوق لبنان”.
الملاحة البحرية وقمح الاحتلال تحت التهديد أيضاً
في المقابل، ورغم استنفار الاحتلال خشية من التهديد فإنه معنيٌ بالتوصّل الى “اتفاق بحلول أيلول المقبل” حسب ما تشير “القناة 12” ويضغط الكيان بهذا الشأن على الولايات المتحدة. لأن نقطة تهديد مهمة أيضاً، يلفت اليها “واللاه” فيما لو تدحرجت الأمور الى ردود عسكرية فـ”الخوف في المؤسسة الأمنية ليس فقط الضرر الذي يلحق بالبحر حفارات الغاز ولكنها تضر بحرية الحركة البحرية لإسرائيل، اذ إن 99% من الواردات الإسرائيلية تتم عبر البحر. وتصل 5900 سفينة إلى الموانئ كل عام، ترسو 53% منها في ميناء حيفا، الذي أصبح مهددًا من قبل حزب الله. كذلك تصل 300000 مركبة إلى الموانئ البحرية في كل عام، ويتم استيراد 90% من القمح في إسرائيل على متن السفن وأكثر من ذلك”.
وصلت المنطقة الى مفترق طريقين، إمّا أن يسلك لبنان سكّة استخراج غازه من مساحته الاقتصادية الخالصة في مياه المتوسّط بعد ترسيم منصف لحدوده البحرية مع فلسطين المحتلة، وإمّا حرباً تلوح في الأفق.
Discussion about this post