اقتحمت أمس قوات الاحتلال مدينة جنين حيث تصدّت لها “كتيبة جنين” ودارت اشتباكات عنيفة أدت الى استشهاد الشاب ضرار الكفريني فيما تمكن المجاهدون من توجيه “الضربات المكثفة ضد قوات وآليات الاحتلال” محققين “الإصابات المباشرة” حسب المصادر الفلسطينية.
اعتدت قوات الاحتلال خلال الاقتحام على أحد أبرز قادة حركة الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية الشيخ بسام السعدي واعتقلته من منزله. على إثرها أعلنت “سرايا القدس الاستنفار ورفع الجاهزية لدى مجاهديها، والوحدات القتالية العاملة “تلبيةً لنداء الواجب أمام العدوان الغادر الذي تعرض له القيادي الكبير الشيخ بسام السعدي وعائلته قبل قليل في جنين”. وتوعّدت في بيان نعي الشهيد أن “الاحتلال سيدفع ثمن حماقاته وإجرامه بحق القائد الكبير الشيخ بسام السعدي”.
السعدي الذي وصفته السرايا بـ “أحد رموز الشعب الفلسطيني” كان قد اعتقل عدّة مرات في سجون الاحتلال حيث أمضى أكثر من 15 عاماً على خلفية نشاطاته في الحركة. وقدّم في سبيل المقاومة ولديه عبد الكريم وإبراهيم اللذان استشهدا أثناء معركة المخيم عام 2002 في صفوف سرايا القدس. كذلك اعتقل أولاده الآخرين (عز الدين، فتحي، ويحيى) بالإضافة الى زوجته (نوال سليمان) لمدّة 3 سنوات. والسعودي أيضاً من كوادر الحركة الذين تم استبعادهم أوائل التسعينات الى “مرج الزهور” في لبنان.
قلق في غلاف غزّة: الاحتلال يخشى التصعيد
تعامل الاحتلال مع التهديد بإجراءان، الأول كان نشر صورة للشيخ تظهر أنه بخير ووضعه الصحي مستقر لتخفيف حدّة التهديدات من غزّة. أمّا الثاني فكان اتخاذه إجراءات أمنية مشدّدة مع توقع وصول الصواريخ من غزّة وفقاً لمعادلة تلاحم الجبهات التي كرّستها المقاومة منذ معركة “سيف القدس”.
رأى مراسل صحيفة “يديعوت أحرنوت” إليوؤر ليفي، أنه: “عندما يقوم الجيش الإسرائيلي باعتقال صاخب لشخص مثل بسام السعدي داخل جنين، خلال أيام عصيبة، ومع مقتل فلسطيني في تبادل لإطلاق النار في نفس الحادث، يجب توجيه العيون أيضاً إلى قطاع غزة”.
فاجتمع رئيس حكومة الاحتلال يائير لابيد، ورئيسها السابق نفتالي بينت لتقييم الوضع الأمني بمشاركة وزير الحرب بيني غانتس، ومستشار الأمن القومي أيال حولتا، ورئيس هيئة أركان الجيش أفيف كوخافي، ورئيس الشاباك رونين بار، والسكرتير العسكري لرئيس الحكومة أفي غيل، وغيرهم من المسؤولين.
“بعد تقييم الوضع بسبب مخاوف من نيران القناصة والصواريخ المضادة من غزة، بعد اعتقال السعدي في الضفة” أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال عن “إغلاق الطرق والمحاور على طول المنطقة القريبة من حدود قطاع غزة، بالإضافة إلى ذلك، تقرر إغلاق شاطئ زيكيم، ووقف حركة القطارات بين عسقلان وسديروت، وإغلاق معبر إيرز”.
يدرك الاحتلال جدّية تهديد سرايا القدس التي لم تترك أي اعتداء للاحتلال يمرّ دون وضع الثمن المناسب على الطاولة وقد خَبِر الاحتلال السرايا خلال فترة محاولاته اقتحام مخيم جنين لاعتقال منفذي العمليات الفردية في الدّاخل المحتل خاصة أواخر العام الماضي كما خلال إمعانه في إهمال إضراب المعتقلين الإداريين حين أجبر على التراجع وإطلاق سراحهم.
في هذا السياق أوصى مدير معهد دراسات الأمن القومي (INSS) اللواء احتياط تامير هايمان – المستوطنين بـ “الانصياع فورا لتعليمات الجيش الإسرائيلي في غلاف غزة، إذ أن الجهاد الإسلامي لديه قدرة عالية على تفعيل النيران المباشرة (القنص والنيران المضادة للدروع) كما فعل ذلك في حارس الأسوار”.
من ناحية الإجراءات العسكرية، أشارت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية الى رفع جيش الاحتلال لمستوى التأهب في منظومات القبة الحديدية في الجنوب للحالة القصوى. وقد علّق الصحفي الاسرائيلي ألموغ بوكير حول هذا الأمر بالقول “إن التأهب الذي نشهده هذا الصباح في غلاف غزة هو ضمن الدروس المستفادة من عملية حارس الأسوار، بحيث يتم عزل المنطقة لتقليص الأهداف المتاحة للتنظيمات في القطاع – لكن إلى متى سوف يستمر هذا التأهب؟ غير واضح، يمكن أن يستمر لساعات ويمكن لأيام”. كذلك أوضحت صحيفة “معاريف” أن الوضع “سيستمر خلال الأيام القادمة أيضاً بسبب الخشية من إطلاق صواريخ موجهة من غزة”.
أوضح “ضابط كبير” (حسب ما وصف الاعلام العبري) في قوات الاحتلال “أنّ الإجراءات الاحترازية تهدف إلى عدم التصعيد في غزة” فيما قال المراسل العسكري لإذاعة الجيش أن هناك “استنفاراً غير عادي في منطقة غلاف غزة، بحجمٍ لم نشهد مثله منذ عملية حارس الأسوار”.
هذا ما نقله أيضاً شاهد عيان هو صاحب مقهى في أحد مستوطنات غلاف غزة “للقناة 13” العبرية عن الوضع الحالي قائلاً “إن التوتر ملحوظ بشدة، هناك انخفاض كبير في عدد الزبائن، إنهم يفهمون أنه يوم متوتر، وبالتالي يخافون من التحرك – ربما لن يحدث شيء، لكن التجول في يوم كهذا أقل متعة، هناك إحساسًا بأن شيئًا ما يمكن أن يحدث في أي لحظة”. ووصف آخر من مستوطنة “كفار عزة ” (التي تقع بين مستوطنتي “نتيفوت” و”سديروت”) الوضع “وكأننا في الطريق إلى حرب، وجدنا على طول الطرق حواجز ومركبات للجيش، المستوطنون يخشون أن يتطور الوضع الأمني، وبالتالي يسألون أنفسهم ما إذا كان ينبغي إلغاء الفعاليات والأحداث”.
إن حالة الارباك والقلق التي عصفت بمستويات الاحتلال السياسية والأمنية والعسكرية تظهر عدم قدرته على تحمّل صاروخٍ من غزّة أو تطور الأمور نحو التصعيد لعدّة أسباب تضعضع الجبهة الداخلية والمشاكل السياسية الحالية وانتقاد “الجمهور” لأداء المسؤولين. فاتخذت الوساطة المصرية في الساعات الماضية الدور لـ “منع التصعيد في الجنوب” حسب ما ذكر مراسل صحيفة “هآرتس” جاك خوري.
Discussion about this post