انضمام المناطق الأربع الجديدة إلى روسيا، ستكون له نتائج سلبية أكثر منها إيجابية من حيث البحث عن حل للصراع مع أوكرانيا والغرب.
كتب أندريه كورتونوف، المدير العام للمجلس الروسي للشؤون الدولية، مقالاً في موقع المجلس، يتحدث فيه عن تداعيات انضمام المناطق الأربع الجديدة إلى روسيا، وكيف أن هذه المناطق تشكل كتلة اقتصادية كبيرة ستستفيد منها موسكو، لكن القرار يغلق إمكانية الحوار الروسي الأوكراني..
فيما يلي نص المقال كاملاً منقولاً إلى العربية:
أصبح يوم ال 30 من أيلول/سبتمبر 2022 يوماً تاريخياً في التقويم السياسي الروسي، بعد انضمام كل من دونيتسك ولوغانسك وزاباروجيا وخيرسون، نتيجة لاستفتاءات جرت في تلك المناطق، وصوت خلالها الأغلبية الساحقة من الناخبين للانضمام إلى الجغرافية الروسية.
كنز بشري واقتصادي
بلغ عدد سكان “المناطق الجديدة” في نهاية عام 2021 – بداية عام 2022 حوالى 7 ملايين نسمة. أما الآن، وحسب بعض التقديرات، فهم حوالى 5 ملايين. وتبلغ مساحتها الإجمالية حوالى 109 آلاف كيلومتر مربع، أما القيمة التقديرية لمعادن المنطقة، وفقاً لصحيفة “واشنطن بوست”، فتصل إلى 12.4 تريليون دولار.
فحوض الفحم في دونيتسك هو أكبر رواسب الفحم في أوروبا. وبلغت الإمكانات الاقتصادية للمناطق الأربع الجديدية – بحسب صحيفة فيدوموستي – 130 مليار دولار عام 2021، ما يمثل نحو 20% من الاقتصاد الأوكراني، أو 2.9% من الاقتصاد الروسي. أما المنطقة الأكبر والأكثر اكتظاظاً بالسكان هي منطقة دونيتسك، والتي حتى عام 2014، كانت المنطقة الصناعية الأكثر تطوراً في أوكرانيا، حيث وفرت 20% من الإنتاج الصناعي للبلاد.
أما بعد ضم المناطق الأربع، فقد أصبح بحر آزوف جسماً مائياً روسياً داخلياً، وبالتالي أصبح لروسيا ميناءين جديدين على البحر الأسود – خيرسون وسكادوفسك.
أما في ما يخص خيروسن وسكادوفسك، فقد تطورت الزراعة في هاتين المنطقتين بشكل هائل. ونظراً للظروف المناخية المواتية وخصوبة التربة، يتم الحصول هنا على محاصيل ضخمة من الحبوب والخضروات والمحاصيل البستانية.
لكن انضمام هذه المناطق الأربع، لسوء الحظ، ستكون له نتائج سلبية أكثر منها إيجابية من حيث البحث عن حل للصراع.
فمن الواضح أن قرار الانضمام سيغلق إمكانية الحوار السياسي بين كييف وموسكو في المستقبل المنظور، فضلاً عن الحوار السياسي عموماً بين روسيا والغرب.
فالقيادة الأوكرانية لن تتمكن من إجراء حوار حول هذه الظروف الجديدة، أي أنها لن تكون قادرة على الموافقة على أن أوكرانيا تفقد جزءاً كبيراً من أراضيها. وفي الواقع، هذا ما تحدث عنه الرئيس فولودمير زيلينسكي بالفعل، وكذلك القادة الغربيون.
لذلك، فإن أقصى ما يمكننا الرهان عليه الآن عليه هو المفاوضات حول قضايا تقنية معينة، كتمديد صفقة الحبوب، وتبادل أسرى الحرب، وربما مسألة ضمان أمن محطة الطاقة النووية في زابوروجيا. وبالتالي، فإن كل ما يتعلق بالتسوية الشاملة مؤجل في الوقت الحالي إلى مستقبل غير محدد.
علاوة على ذلك، ستحاول أوكرانيا، بدعم من الغرب، استعادة هذه الأراضي بطريقة ما. وليس لدى أوكرانيا الكثير من الوقت لذلك، لأنه بحلول نهاية الخريف أو أوائل الشتاء، قد يتأثر مسار الأعمال العسكرية بإجراءات التعبئة الجزئية التي يتم إطلاقها الآن في روسيا.
لكن لدى كييف الآن فرصة صغيرة جداً لتحويل مسار الصراع لصالحها، وهذا قد يعني تصعيداً، ومع تغير الوضع الجغرافي للمناطق الأربع، قد يصبح هذه التصعيد ممكناً ليس فقط من الجانب الأوكراني، ولكن أيضاً من الجانب الروسي.
بموازاة ذلك، ثمة خوف كبير في الغرب من أن روسيا، في ظل ظروف معينة، قد تفكر في استخدام أسلحة نووية تكتيكية. وهذا، بالطبع، أصبح الآن أحد القضايا المركزية التي تتجاوز الصراع الأوكراني، حيث أن السيناريوهات الأكثر سلبية ممكنة هنا، بما فيها حتى نشوب حرب نووية عالمية. ويبدو لي أن هذا ظرف يجب أن يؤخذ في الاعتبار أيضاً.
وبالطبع ، من المرجح أن يكون القرار الروسي بتغيير وضع الإقليم حافزاً آخر، إن لم يكن لزيادة حجم الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا، فعلى الأقل للمحافظة عليه. الآن ميزانية البنتاغون توفر 12 مليار دولار أخرى لهذا الغرض، وفي حالة تفاقم الصراع، أو التصعيد الجغرافي أو العامودي له، فمن المرجح أن المساعدة الغربية لأوكرانيا لن تبقى فحسب، بل قد تزداد
هذه هي العواقب الحتمية ليوم الـ 30 من أيلول/سبتمبر والتي سيتعين علينا مواجهتها في المستقبل القريب جداً
Discussion about this post