اتهم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الخميس الولايات المتحدة، العدو اللدود للجمهورية الإسلامية، بالعمل على زعزعة استقرارها، وذلك في ظلّ احتجاجات تشهدها منذ زهاء شهر على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني.
جاء ذلك فيما تلقّى القضاة الإيرانيون تعليمات بعدم التساهل في الأحكام التي سيصدرونها بحق من يظهر أنهم “العناصر الأساسيون للشغب”، وفق ما أفاد الموقع الالكتروني للسلطة القضائية الخميس.
وأورد موقع “ميزان أونلاين” التابع للسلطة القضائية أنّ رئيسها غلام حسين محسني إجئي “أعطى توجيهاته للقضاة بتفادي تبسيط المسألة وإبداء تعاطف غير مبرر وإصدار عقوبات مخففة للعناصر الأساسيين لأعمال الشغب هذه”.
ورأى أنّ عقوبات مخفّفة بحق هؤلاء هي “ظلم بحق الشعب والمستقبل”.
الا أن رئيس السلطة القضائية شدد أيضاً على ضرورة إبداء ليونة بحق من يشاركون في الاحتجاجات من دون إثارة أعمال شغب.
وتوفيت الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني (22 عاما) في 16 أيلول/سبتمبر بعد ثلاثة أيام على توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس.
وأدى موتها إلى موجة احتجاجات في إيران ومسيرات تضامن في الخارج.
وكانت الشابات وطلاب الجامعات وطالبات المدارس في طليعة الاحتجاجات، وهتفوا بشعارات مناهضة للحكومة، وأضرموا النار في الحجاب، كما واجهوا قوات الأمن في الشوارع.
وتجمّع طلاب مرة أخرى الخميس في جامعة طهران، محتجين أمام حارس أمن صوّب بندقيته في اتجاههم، بحسب مقطع فيديو بُث على الإنترنت وتحققت منه وكالة فرانس برس.
وفي مكان آخر في العاصمة، وضعت السلطات ملصقًا كبيرًا يظهر نساء إيرانيات قُدّمن على أنهن مشهورات ويرتدين الحجاب، لكن سرعان ما أثار السخرية على وسائل التواصل الاجتماعي لأنه يظهر نساء غير معروفات، بهدف دعم وضع الحجاب.
وألقى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي باللوم مجدّداً على الولايات المتحدة خصم بلاده اللدود منذ الثورة الإسلامية في إيران في العام 1979.
وقال خلال قمة “مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا” (“سيكا”) في كازاخستان، “الآن بعد فشل الولايات المتحدة في العسكرة (ضد إيران) والعقوبات، لجأت واشنطن وحلفاؤها الى السياسة الفاشلة لزعزعة الاستقرار”.
– إضرابات –
وأثارت التظاهرات وهي الأكبر منذ احتجاجات 2019 على ارتفاع أسعار الوقود، مسيرات تضامن في الخارج في حين استهدفت عقوبات أميركية وأوروبية مسؤولين إيرانيين متورطين في حملة القمع.
وقتل 108 أشخاص على الأقل منذ 16 أيلول/سبتمبر واعتقل مئات آخرون، بحسب منظمات غير حكومية. وتم إطلاق الرصاص وقنابل الغاز المسيل للدموع مرة أخرى على المتظاهرين ليل الأربعاء الخميس في أصفهان (جنوب)، ومشهد (شمال شرق)، ورشت (شمال)، وساقز (مسقط رأس أميني) وطهران.
وأظهرت مقاطع فيديو جديدة مواجهات بين المتظاهرين والقوات الأمنية بينما كانت تسعى إلى اعتقال محتجّين، الأمر الذي أجبر أفراد الشرطة على الفرار في بعض الأحيان.
وفي مقطع فيديو تحقّقت منه وكالة فرانس برس، شوهدت نساء يتعرّضن للضرب والمطاردة من قبل قوات الأمن في رشت في محافظة غيلان.
وقالت منظمة حقوق الإنسان في إيران التي تتخذ من أوسلو مقرّاً إنّ عمّال صناعة الطاقة انضمّوا إلى إضرابات احتجاجية هذا الأسبوع في مصنع عسلويه للبتروكيميائيات في جنوب غرب البلاد وفي عبدان في الغرب.
وفي بوشهر في الجنوب، اعتقل 12 عاملاً بعد إضراب عن العمل، وفق ما ذكرت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (HRANA) الخميس.
وهزّت الاضطرابات خصوصاً مدينة سنندج عاصمة محافظة كردستان، المنطقة التي تتحدر منها أميني في غرب إيران، وكذلك زاهدان في محافظة سيستان بلوشستان جنوب شرق إيران، حيث اندلعت تظاهرات في 30 أيلول/سبتمبر في ظلّ تقارير عن اغتصاب أحد قادة الشرطة لمراهقة.
وأفادت منظمة حقوق الإنسان في إيران بمقتل أكثر من 94 شخصاً في زاهدان احدى المدن القليلة ذات الغالبية السنية، مشيرة إلى مقتل 20 من عناصر الأمن بينهم ستة في زاهدان.
– “اضطرابات” –
وفرضت إيران قيوداً على الوصول إلى الإنترنت وحظرت منصّات التواصل الاجتماعي بما في ذلك انستغرام وواتساب، في إطار حملتها القمعية الآخذة في الاتساع.
وقالت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (HRANA) إنّ “الاستخدام غير المنظّم للبنادق مع الخرطوش من قبل سلطات إنفاذ القانون أدى إلى إصابة العديد من المتظاهرين”، بمن فيهم كبار في السن ومراهقون وحتى أطفال.
وقالت المنظمة الحقوقية إنّ “عدد المعتقلين يُقدّر بـ5500 على الأقل”، منذ بدء التظاهرات.
Discussion about this post