أنهت القوات الروسية العملية المنظمة لإجلاء المواطنين من منطقة خيرسون الواقعة على الضفة اليمنى لنهر الدنيبر. ويوم 7 تشرين الثاني/نوفمبر، نقلت العبّارة الأخيرة ما تبقى من السكان، لتعلن إدارة المدينة إتمام عملية الإجلاء.
الضفة اليمنى من نهر الدنيبر في منطقة خيرسون باتت منطقة عمليات عسكرية بحتة. ولوحظت محاولات تقدم أوكرانية محدودة بهدف الاستطلاع، فيما كثفت القوات المدفعية الأوكرانية استهدافها مواقع القوات الروسية وخطوطها الدفاعية في المدينة التي تبدو ثابتة حتى الآن من دون تراجع (تحت ضغط النيران) باتجاه الضفة اليسرى للنهر.
القوات الأوكرانية وقعت في حيرة من أمرها، فهي تدرك أنها ستواجه دفاعات منظمة وثابتة إذا حاولت التقدم، ما سيكبدها خسائر فادحة من الناحية العسكرية. أما في حال عدم التقدم، فستواجه خسارة سياسية بعد الحشد والضخ الإعلامي غير المسبوق لهذه المعركة.
في تقييم موضوعي، يرى الخبراء العسكريون أنّ قوات الجانبين تواجه مخاطر واقعية في حال إقدام أي طرف على محاولة تغيير تموضعه والقيام بعملية تقدم.
ومن الممكن أن تحافظ القوات الروسية على مواقعها في المدينة، وتحصل على نصر من دون مخاطرة عبر الاستمرار في استهداف الحشود الأوكرانية بضربات سلاح الجو والصواريخ والمدفعية الثقيلة المكثفة، إلا أنّ التهديد يكمن في تمكّن القوات الأوكرانية من استهداف خطوط الدعم اللوجستي الروسية. بذلك، تصبح مجموعة القوات الروسية المرابطة في خيرسون شبه محاصرة. في هذه الحالة، تصبح عملية الإجلاء أصعب وأكثر كلفة.
ويبقى أحد المخاطر الرئيسية هو تدفق مياه الدنيبر في حال استهداف السدود الرئيسية مثل سد كاخوفكا، ما يمكن أن يحدث جرفاً مائياً شبيهاً بالتسونامي في المنطقة. وبذلك، نستنتج أن خيار الانسحاب من الضفة اليمنى لنهر الدنيبر متاح أمام القوات الروسية من دون تكبدها خسائر حالياً، لكن يترتب على القيادة العسكرية والسياسية في هذه الحال إيضاح قرار الانسحاب من دون قتال للشعب الروسي والرأي العام المطالب بالحسم والنصر، فالوضع معقد تكتيكياً، والأيام القليلة القادمة قد تجلي الضبابية المخيمة على أجواء اتجاه خيرسون أو “خيرسونغراد” التي شببها البعض بـ”أم المعارك” الروسية الأوكرانية أسوةً بستالينغراد.
وبالانتقال إلى محاور أوغليدار جنوب غربي الدونباس في جمهورية دونيتسك الشعبية التي تشهد خلال الأيام الماضية هدوءاً عملاتياً، تحاول القوات الأوكرانية شن هجمات صغيرة محدودة بفوارق زمنية متفاوتة، لإرغام القوات الروسية على التراجع من النقاط التي سيطرت عليها واتخذتها موطئ قدم لمزيد من التقدم.
القتال المتقطع يدور في منطقة بافلوفكا السكنية (بافلوفكا قرية صغيرة لا أهمية سياسية لها، إلا أنها نقطة عبور تسهل عملية التقدم الروسي) التي تسيطر القوات الروسية على معظم مساحتها. وبما أن القيادة العسكرية الروسية لم تعطِ أمراً بالانسحاب من تلك النقطة، فهذا يعني، في رأي الخبراء، التجهيز لاستئناف التقدم في اتجاه أوغليدار في وقت قريب، وإلا لا يوجد سبب آخر خلف التمسك بنقطة بافلوفكا.
وفي اتجاه مدينة دونيتسك، لم يسجل متغير كبير في تموضع قوات الجانبين وتقدمها، فالقوات الروسية تحاول باستمرار الضغط على المواقع الأوكرانية المتعددة لإرغامها على التراجع عبر شن عمليات هجومية محدودة لم تتطور إلى مستوى هجوم واسع حتى الآن.
ويُسجل نجاحٌ لدى القوات الروسية في محاور أرتيوموفسك-باخموت، فقد تقدمت قوات ” فاغنر” الخاصة من 3 محاور باتجاه البلدة. وفي شمال هذا الاتجاه في منطقة سيفيرسك، تقدمت قوات الجيش الروسي الثاني مدعومة من القوة الخاصة، ودخلت إلى بلدة بيلوغوروفكا، التي حاولت القوات الأوكرانية خلال معركة ليمان مهاجمة التشكيلات الروسية المنسحبة حينها من هذه النقطة (نقطة بيلوغوروفكا) وسجلت نجاحاً ملحوظاً.
اليوم، انقلبت الآية ودخلت القوات الروسية وقوات الـ”فاغنر” إلى بلدة بيلوغوروفكا، وباتت تستهدف القوات المعادية من نقطة الضعف نفسها. هذا التموضع يخوّل القوات الروسية تسهيل عملية تقدمها لاستعادة ليمان وشن هجوم مضاد في اتجاه إيزيوم -ليمان إن قررت ذلك.
وتستمر المعارك في اتجاه سفاتوفا جنوب غربي جمهورية لوغانسك الشعبية، فيما تحاول القوات الأوكرانية استطلاع مواقع القوات الروسية ودفاعاتها بالنار من دون تحقيق تقدم يذكر، كما أنَّ الجانبين لديهما خسائر ملحوظة. الوضع في هذا الاتجاه يسير بشكل أو بآخر باتجاه تثبيت مواقع وستاتيكو ميداني قد يستمر لأسابيع.
في سياق ترميم خطوط الدعم اللوجستي الحيوية، وصل القسم الأول من مقاطع جسر مضيق كيرتش في شبه جزيرة القرم إلى موقع التثبيت، وهو هيكل خرساني يزن أكثر من 300 طن تم نقله على منصة آلية محمولة. وقد أعلن نائب رئيس الحكومة الروسية مارات خوسنولين أنّ هذا القسم الكامل الامتداد بين نقطتي الجزء المقطوع وصل إلى موقع التثبيت.
Discussion about this post