على غرار العواصم الأوروبية، تعيش العاصمة البلجيكية تداعيات تورطها في الحرب الأوكرانية وتغذيتها للحرب ضد روسيا. فبعد فرنسا التي تهدّد إضرابات السكك الحديدة، على خلفية المطالبة برفع الأجور لتتناسب مع حجم التضخم، فترة أعيادها وتشلّ البلد، تصاعدت حدة الاحتجاجات في بلجيكا أيضاً ضد ارتفاع التكاليف المعيشية وفواتير أساسيات الحياة اليومية من كهرباء وتدفئة.
فقد احتشد حوالي 17 ألف متظاهر في الشوارع البلجيكية وبدعم من النقابات العمالية في البلد التي تمثل العديد من العاملين مطالبين بتحسين الأجور وظروف العمل للتعامل مع ارتفاع التضخم والفواتير الذي أصاب جميع الدول الأوروبية، كما لرفض قانون “هامش الأجور” منذ العام 1996 الذي يقيّد التفاوض حول الحد الأقصى لزيادة متوسط الأجور في البلد، بالإضافة الى محاولة لتعطيل ورفض قمة الاتحاد الأوروبي المنعقدة في بروكسل.
عرقلت هذه الاحتجاجات العمل في مطار بروكسل الذي ألغى الرحلات الجوية وأفادت الشرطة المحلية أن حركة المرور والنقل تعطّلت، وخاصة في أنظمة السكك الحديدية ومترو الأنفاق في العاصمة البلجيكية ومحيطها.
وقد نقل تقرير لوكالة “رويترز” قول أحد المتظاهرين “تعود إلى المنزل وتريد أن يكون منزلك دافئًا من أجل أطفالك، لا أحد يجب أن يضطر إلى إجراء حسابات على استخدام الطاقة”. فيما أرقام شهر تشرين الثاني / نوفمبر الماضي في التقرير نفسه، تشير الى ارتفاع التضخم في القارة الأوروبية بنسبة 10%، وفي بلجيكا تحديداً ارتفع 10.63%.
أمّا فاتورة الكهرباء، فيظهر مؤشر شركة ” ستاتيستا” (شركة ألمانية متخصصة في بيانات السوق والمستهلكين) معدلات ارتفاع سعر الميغاواط في الساعة منذ مطلع العام 2019 وصولاً الى شهر تشرين الأول / أكتوبر 2022، فقد ارتفع من 60.48 يورو الى 157.51 يورو، فيما كانت ذروة الارتفاع في شهر آب / أغسطس الماضي حين وصل سعر الميغاواط في الساعة الى 448.18 يورو!
قال رئيس الاتحاد العام للعمال البلجيكي (FGTB) تيري بودسون، إنه” يجب أن نوقف ارتفاع أسعار الطاقة، وليس الأجور، نظرًا لأن أوروبا لم تكن قادرة على منع ارتفاع أسعار الطاقة، فإن الأمر متروك لبلجيكا للقيام بذلك بسرعة وبسرعة كبيرة”، معتقداً أن ” الحكومة بحاجة إلى اتخاذ إجراءات صارمة لفترة طويلة”. وأكّد أن المعركة ستستمر لعام 2023، مشيراً الى مزيد من الاحتجاجات.
وهو سيناريو توقعه أيضاً وحذّر منه أعضاء الاتحاد، أن تنسحب مشاهد الاحتجاجات في جميع أنحاء أوروبا وليس فقط في بلجيكا، ما يهدّد الخدمات العامة في القارة.
كذلك اعتبر الأمين العام لاتحاد الموظفين والفنيين والمديرين (SECTA) ميشيل كابوني أن “الإجراءات التي اتخذتها الحكومة للتعامل مع ارتفاع تكاليف الطاقة ليست كافية، نظرًا لأن إطارها الزمني قصير جدًا”.
يرى المتظاهرون ونقابات العمّال البلجيكية أن “الحكومة الفيدرالية وسلطات الاتحاد الأوروبي في البلاد فشلت في مساعدة المواطنين بشكل كاف خلال أزمة غلاء المعيشة المتصاعدة”، ويطرحون علامات استفهام عن قدرة الاتحاد الأوروبي على تخصيص 20 مليار يورو على الأقل لأوكرانيا في عام 2023 في ظلّ الأزمة المعيشية!
وكان رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كروو قد التقى أواخر الشهر الماضي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف، وأعلن عن تقديم بلاده مزيداً من “المساعدات” الإنسانية والعسكرية. واللافت، وسط أزمة الطاقة التي يعاني منها الشعب البلجيكي، فقد صرّح زيلينسكي أن بروكسل ستدعم كييف بمولدات للطاقة! وكانت بلجيكا من بين الدول التي تدعم انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي.
Discussion about this post