بعد مرور أكثر من 4 أشهر على فرض العقوبات الأميركية- الغربية على روسيا، أثيرت تساؤلات حول ما إذا كانت هذه العقوبات فعالة حقاً. وهنا، تقول الصحفية في مجلة “سبكتاتور” البريطانية، كيت أندروز، انه “عندما تعهد بايدن برد اقتصاديٍّ انتقاميٍّ ضد روسيا في فبراير/شباط الماضي، قدّم مهلة زمنية لمدة شهر واحد لمعرفة آثار العقوبات. وعندما انتهى ذلك الشهر، اضطر إلى تغيير نهجه، حيث قال: العقوبات لم تنجح في ردع العدوان الروسي أبدًا. لذلك سوف نتبع نفس النهج للفترة المتبقية من هذا العام بأكمله، وهذا ما سيوقفه”.
في البداية، كان تأثير العقوبات التي فرض جزء كبير منها بشكل متزامن، قصيراً. لكن على ما يبدو فإنه قد تمدد منذ شهر أيار/ مايو الفائت. حيث أعطى البنك المركزي الروسي الأولوية في تحقيق استقرار سعر صرف الروبل بعد الحزمة الأولى من العقوبات المفروضة. وعلى الرغم من أنه قد اتخفض بأكثر من 40% مقابل الدولار في الأيام الأولى للعملية العسكرية في أوكرانيا، إلا انه عاد للارتفاع بحلول أواخر شهر نيسان/ ابريل، إلى ان عاد بحلول حزيران/ يونيو الماضي معدل السيولة إلى المستوى الذي كان فيه قبل العملية العسكرية.
ويتنبّأ خبراء اقتصاديون تحدثوا إلى المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية والدولية CSIS، ان “ينكمش الناتج المحلي الإجمالي لروسيا بنحو 10% هذا العام وبنسبة 1.5% العام المقبل”. وأشاروا إلى ان موسكو لم تبلغ عن بياناتها التجارية منذ شهر كانون الثاني/ يناير، لكن بالنسبة للفائض بالحساب الجاري الرئيسي لديها والذي يشمل تجارة السلع والخدمات الروسية بالإضافة إلى الدخل، وصل إلى مستوى قياسي بلغ 110 مليارات دولار في الفترة الممتدة من كانون الثاني/ يناير إلى شهر/ مايو. وهذا يعكس زيادة قيمة الصادرات السلعية مقترنة بانخفاض الواردات”.
جمّدت العقوبات معظم الأصول الروسية في الخارج، وعلى الرغم من ذلك، تواصل موسكو تلقي العائدات من صادراتها الطاقوية. وبحسب المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية والدولية، فقد شكلت عائدات النفط والغاز 47% من الإيرادات الفيدرالية الروسية في الفترة الممتدة من كانون الثاني/ يناير إلى أيار/ مايو”. غير أن عائدات النفط والغاز ارتفعت بنسبة 80%”.
ويقول المركز في التقرير الذي أعده الباحث، جيرارد ديبيبو، ان موسكو “لا تزال تكسب ما يقرب من مليار دولار يوميًّا من عائدات صادراتها من النفط والغاز، نصفها تقريبًا يتدفق مباشرة إلى خزائن موسكو. وبالمقارنة، تشير البيانات المالية الروسية إلى أن موسكو أنفقت 325 مليون دولار يوميًّا من النفقات العسكرية في أبريل، وهي أحدث البيانات المتاحة”.
من ناحية أخرى، فإن العائدات النفطية تخفف من حاجة موسكو للاستفادة من الموارد المحلية للحصول على الإيرادات، بحسب ما يشير ديبيبو، الذي يشير إلى ان “انخفاض صادرات الطاقة لن يكون قاتلًا للموقف المالي لموسكو، حيث كانت الميزانية العمومية للحكومة الروسية قوية عند خوض الحرب؛ إذ بلغ الدين العام 284 مليار دولار، أو 16% فقط من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2021”.
وعلى الرغم من الضجيج الذي رافق تخلف موسكو عن سداد ديونها المستحقة، بالتوازي مع منعها من الاقتراض في الأسواق الدولية، إلا انها لم تقدم على الاقتراض حتى قبل العملية العسكرية. وبينما يمتلك صندوق الثروة الوطني، (الذي يتلقى العائدات الفائضة من النفط والغاز، ما يقرب من 200 مليار دولار من الأصول، نصفها في أصول قابلة للاستخدام بالروبل، أو الرنمينبي، أو الذهب)، فإن لدى الحكومة الروسية ديون لا تتجاوز الـ 62 مليار، أقل من ثلثها مستحق بالعملة الأجنبية.
Discussion about this post