يبدو أن القائد الأعلى للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر نجح في تنفيذ مخططه الرامي للسيطرة على ثروات الشعب الليبي من الذهب الأسود لضمان بقاءه في المشهد السياسي والعسكري لأطول فترة ممكنة. فبعدما تمكن من فرض قراراته على رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة في طرابلس، عبد الحميد الدبيبة، وتعيين أحد المُقربين له رئيساً للمؤسسة الوطنية للنفط، بدأت تتوارد أنباء حول نقل مقر المؤسسة إلى بنغازي.
هذه الأنباء جاءت على لسان رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة الذي جاء خلفاً لمصطفى صنع الله وفق بنود الصفقة المشبوهة التي إنعقدت بين خليفة حفتر وعبد الحميد الدبيبة برعاية من الإمارات العربية المتحدة، بهدف تمكين حفتر من النفط الليبي وعائداته وإفقار الشعب الليبي.
وبحسب ما قاله بن قدارة فمن المتوقع أن يتم نقل مقر المؤسسة الوطنية للنفط من العاصمة الليبية طرابلس إلى مدينة بنغازي، إثر التوتر الأمني في طرابلس والإشتباكات المستمرة بين الميليشيات التابعة للدبيبة وأخرى تابعة لرئيس حكومة الإستقرار المُكلف من البرلمان الليبي، فتحي باشاغا.
لكن ما قاله بن قدارة ليس السبب الرئيسي لعرض هذا المُقترح المشبوه، بل هو مخطط المشير خليفة حفتر منذ البداية، كونه يمر بأزمة مادية في الوقت الحالي بعدما إنقطع عنه الدعم المادي نتيجةً لفشله في دخول العاصمة طرابلس عام 2019. هذا الفشل الذي نتج عنه سقوط عدد من الضحايا المدنيين، وبعض أقاربهم نجح في رفع دعوة قضائية لمحاكمة خليفة حفتر ذو الجنسية الأمريكية.
حيث تقدم عدد من الأسر بدعوة قضائية في محكمة فيرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية ضد خليفة حفتر لما إرتكبه من جرائم تعذيب وقتل للمدنين الأبرياء. وتم النطق بالحكم وإلزام حفتر بدفع تعويضات مادية للأسر المُتضررة من عدوانه على طرابلس.
حفتر ولتوفير قيمة التعويضات التي لم يتم تحديدها بعد، قرر أن يستولي على ميزانية الجيش الوطني الليبي وقطع الرواتب عن ضباط ومنتسبي الجيش. حيث أنه وبحسب المصادر قامت حكومة الوحدة الوطنية بصرف 27 مليار دولار لتسديد ديون الجيش ورواتب الضباط، لكن حفتر قرر أن يحتفظ بالأموال لنفسه.
هذه الخطوة قلبت الموازين في شرق البلاد، حيث بدأ العديد من كِبار الضباط في الجيش الوطني الليبي يرفضون بقاء حفتر في منصبه، وهو ما تبين بعد إنعقاد إجتماع للجنة العسكرية المشتركة 5+5 في طرابلس جمع بين ضباط رفيعي المستوى من الشرق والغرب وتم طرح فكرة تعيين قائد أعلى جديد للجيش الوطني الليبي خلفاً لخليفة حفتر في الشرق والمضي نحو توحيد الجيش.
الخبير الإستراتيجي والمحلل السياسي، أحمد البريكي، يرى أنه في حال تم نقل مقر المؤسسة الوطنية للنفط إلى بنغازي، فإن الشعب الليبي سيفقد ما تبقى من ثروات، ولن يكون أمام الشعب سوى الإنصياع لأوامر حفتر وحاشيته ليُنصب نفسه رئيساً للبلاد دون إجراء أي إنتخابات رئاسية كما يطمح لها الشعب.
Discussion about this post