أن فسح المكون العسكري المجال للأحزاب المدنية وأفضى لهم الساحة السياسية لتبادل الأراء والأفكار والإتفاق على حكومة تكنوقراط لتسيير ما تبقى من الفترة الإنتقالية، اشتدت حدة الصراعات والإنشقاقات بين مختلف الأحزاب الفاعلة في المشهد السياسي السوداني والتي يعتبر المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير طرفا فيها وهو الذي يشهد في حد ذاته انقسامات وتصدعات داخله بسبب تناحر الأحزاب المنتمية له حول تسلم السلطة، حيث بدأ كل حزب من المجلس يطمح بأن يكون هو السيد في الحكومة الجديدة، وبدأ البعض من هذه الأحزاب والقيادات بعقد لقاءات سرية مع سفراء وسياسيين أوروبين وأمريكيين، الذين بات من الواضح أنهم هم من يسيرون اللعبة السياسية السودانية من بعيد.
ولعل من بين أهم الإجتماعات السرية التي عقدت مؤخرا هو إجتماع رئيس حزب الأمة السوداني مبارك الفاضل المهدي مع السفير البريطاني جايلز ليفر، حيث تم فيه الإتفاق على تمويل ودعم حزب الأمة السوداني بما قد يدفعه لإعتلاء منصة الحكم في السودان، وذلك حسب رأي الخبراء السياسيين البريطانيين للإمكانيات السياسية الكبيرة التي يتمتع بها مبارك الفاضل، والتي تنعدم في باقي قيادات أحزاب المجلس المركزي، علي غرار خالد يوسف الذي كان علي وشك الخروج من المشهد السياسي السوداني بعدما تقدمت بعض قيادات الأحزاب الأخرى لقحت بطلب لطرده من المجلس المركزي ومن حزب المؤتمر السوداني.
وعلى خلفية الحملة الإعلامية الشرسة التي تعرض لها خالد يوسف والتي شنها عليه رفاقه في الدرب، فمن المثير للدهشة أن نجد شخصا مثل فولكر بيرتس رئيس بعثة اليونيتامس في السودان يقوم مقام هيئة الدفاع عن خالد، فقد قدم طلبا رسميا بإيقاف ومسح كل المنشورات التي تحمل موضوع طرد خالد من المجلس المركزي وهو ما أثار حيرة الصحفيين السودانيين، حيث اعتبروا أن الأمر يتعدى مهام البعثة في السودان، وأن البعثة تعمل بشكل واضح وعلني الآن على دعم قحت للوصول لهرم السلطة مدعومة في ذلك بدول غربية كبريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا.
من الواضح للجميع أن الدول الغربية التي ذكرناها تسعى بأي وسيلة لإيجاد أرضية خصبة تساعدها على التحكم في مقاليد الحكم في السودان، وقد أدت الإنشقاقات التي حدثت داخل المجلس المركزي إلى تسهيل العملية علي هذه الدول، فقد تم إيجاد ثغرة لشراء السودان والتحكم في السلطة فيه، وهذه السياسة انتهجتها هذه الدول من قبل في كثير من الدول العربية واعتمدت في ذلك على أمرين اثنين هما : تحطيم المؤسسة العسكرية المناهضة لسياستها ودعم وتمويل المعارضة السياسية في البلاد وتقديمها على أنها البديل الأمثل للحكم العسكري من أجل التأثير في الشعب لتبنيها والسير من خلفها، وبالتالي تنصيبها على رأس الحكومة وتمرير مخططاتها الخبيثة في الدولة.
Discussion about this post