عاد الأردن ليحرك المياه العربية الراكدة من أجل إيجاد حل للأزمة في سورية، وذلك عبر إعلان وزير الخارجية أيمن الصفدي أن بلاده تحشد لدعم إقليمي ودولي لعملية سياسية يقودها العرب في سبيل انهاء الحرب المستمرة منذ ١١ عاما. وعلى الرغم من أنها ليست المرة الأولى التي يبادر فيها الأردن لطرح هكذا مبادرات، فإن الظروف هذه المرة حتمت على هذا البلد المجاور للأزمة السورية، والنافخ في جمرها لسنوات طويلة، إعادة طرح الفكرة مجدداً مع نضوج العديد من العوامل الموضوعية التي قد تجعلها قابلة للحياة.
مبادرة لهذه الأسباب
مع عودة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي للحديث عن مبادرة أردنية في سورية، تتجاوز النتائج المحدودة التي سبق للأردن أن حققها عندما طرحت عمّان مبادرة العام ٢٠٢١ تجاه سورية أيضا، تحضر عوامل كثيرة ترى عمّان أن من شأنها تسريع وتيرة العملية السياسية، كإعادة رسم روسيا لسلم أولويات سياستها الخارجية نتيجة الصراع في أوكرانيا، وقناعة الأردن بأن الحرب فيها ستطول، الأمر الذي قد يجعل من موسكو وفق قناعة عمّان، أكثر رغبة في تسريع وتيرة العمل حين يتعلق الأمر بمبادرة سياسية يقودها العرب، كما أن هناك خشية أردنية من تسارع خطوات التقارب بين تركيا وسورية فتحصد تركيا ثمار هذا التقارب على حساب العرب، في حين أن المبادرة الأردنية في حال نجاحها ستجعل تركيا جزءًا من آلية العمل العربي والإقليمي تجاه دمشق، وليست قائدة له أو تعمل وفقاً لمصلحتها كما تحاول أن تفعل الآن.
وثمة في الأردن من يعتقد أن إيران اليوم باتت أكثر انشغالا بوضعها الداخلي بسبب الأزمة التي افتعلت مؤخراً، وهو منطق وإن كان يفتقد إلى الدقة في معاينة الموضوع على اعتبار أن إيران قد استطاعت تجاوز الكثير من المؤامرات عليها، وهي مؤامرات أكبر بكثير من الأزمة المفتعلة مؤخراً، فإنه وجد من يسوق له على اعتبار أن ذلك قد يخفف من زخم الدعم الإيراني الكبير لدمشق، ويسهم في تمرير المبادرة الأردنية دون عقبات كثيرة.
ثمة مصلحة أردنية
وفي حديثه الخاص بموقع “العهد” الإخباري يرى الدكتور الفلسطيني الباحث في الإعلام عوض أبو دقة أن تصريح الأردن على لسان وزير خارجيته أيمن الصفدي، بأنهم يحشدون “لدعم إقليمي ودولي لعملية سياسية يقودها العرب”، في سبيل إنهاء الأزمة السورية، يأتي لاعتبارات ودوافع عديدة، منها المتغيرات التي يشهدها وسيشهدها العالم، لا سيما في ظل الحرب بين روسيا وحلف “الناتو” بزعامة أمريكا على الأرض الأوكرانية.
ورأى الإعلامي الفلسطيني المقيم في دمشق في حديثه لموقعنا أن “موسكو ستحسم هذا الصراع لصالحها، وسيترتب على ذلك معطيات دولية جديدة، لذلك تحاول أطراف عربية رسمية أن تلعب أدواراً تُظهرها وكأنها لا تدور في الفلك الأمريكي والغربي في الوقت الراهن، وهو ما تقوم به السعودية – على سبيل المثال – حيث قامت بتخفيض إنتاجها للنفط، كما أن استعادة دمشق لعافيتها، رغم الحصار الاقتصادي الجائر عليها، يجعل مصلحة عمّان أن تتقارب معها، وتعمل على حل الأزمة فيها”.
وأضاف أبو دقة أن الدولة السورية أثبتت على مدار 11 عاماً قدرةً عاليةً على الصمود والمواجهة، وهي تجابه بحكمة ومسؤولية عالية ما يُحاك ضدها من مؤامرات ومخططات للنيل من دورها وموقعيتها، وخاصةً دعمها المبدئي للقضية الفلسطينية.
وشدد أبو دقة على ان “انفتاح العلاقة الأردنية على سورية لا ينفك عن الانفتاح الإماراتي، وكذلك البحريني، وأن هدف هذه العلاقات هو استمالة وجذب دمشق لمحور “الاعتدال” كما يسمونه”.
وفي ختام حديثه لموقعنا أكد أبو دقة أن “سورية تعاقب اليوم وعوقبت على مدار 11 عاماً على محاسنها، فهي لم تفرط بأرض الجولان المحتل، ودافعت بأصالة عن حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته، والغرب الذي حرك ويُحرك أدواته وأبواقه لتخريب سورية وإضعاف جيشها، هو ذاته من يرفع شعار الديمقراطية، ومناهضة القمع، والتعدي على حقوق الإنسان، وفي ذات الوقت يدعم 29 دولة ديكتاتورية – وفق مقاييس الأمم المتحدة – من أصل 31”.
المصدر: موقع العهد الإخباري
Discussion about this post