“الدولار الجمركي” لن يطبّق على السلع الغذائيّة الأساسية ولن يمسّ بالناس مباشرة بل سيقتصر فقط على الكماليّات وغيرها”… هذه مقولة ردّدها كل المتعاطين بالشأن العام والواضح أنهم إنقضّوا على الناس قبل الأعياد وكأنّ ما يمرّون به لا يكفيهم.
لم يعد اللبناني يعرف بماذا يجب أن يفكّر أو “همّ شو لازم يحمل”، فالدولار الجمركي ارتفع حتى قبل ارتفاع الدولار المصرفي وفي الوقت عينه يحلّق صعوداً في السوق السوداء وقد تجاوز عتبة 41 الف ليرة، وهذا الأمر سيكون له إنعكاساته المباشرة على ارتفاع الأسعار إضافة الى ارتفاع الدولار الجمركي… والسؤال هنا: الى أيّ مستويات يُمكن أن تصل العملة الماسيّة الّتي ترهق الناس؟.
“وقح من يزيد الدولار الجمركي قبل الأعياد وقبل رفع دولار المصارف الى 15 الف ليرة”. الكلام لوزير الصناعة السابق فادي عبود، الذي يتقن فعلياً فنّ العمل في هكذا ملفّات، يشرح عبود في تغريداته كيف سيكون لرفع الدولار الجمركي إنعكاسه على السلع، مؤكدا أن “TVA هي ضريبة على المستهلك وليس على شركات التوزيع أو البائع بالمفرّق، وبالتالي 11% من سعر أي سلعة خاضعة لـTVA ستتضاعف 10 مرات ليس من سعر الاستيراد بل من سعر المفرق”.
يعطي عبود مثالاً حول معجون الأسنان، ويشير الى أن “سعره عند الاستيراد 1$ ويُدفع TVA 11% على 1500 ليرة. فيصبح على الرفّ ما بين 1.6 و2$ والـTVA ستكون 10 أضعاف، وبالتالي فإن الأسعار حكماً سترتفع”.
هذا لناحية الدولار الجمركي ولكن ما هو تأثير هذا الأمر على الكتلة النقدية وعلى ارتفاع سعر صرف الدولار؟ هنا يلفت الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة الى أننا “بتنا نحتاج جراء ارتفاع الدولار الجمركي الى 15 الف ليرة، الى العملة الوطنية أكثر لشراء نفس القطعة وهذه أصبح معناها أن التاجر لا يأخذ الا “كاش”، وحكما سيصبح هناك زيادة في الكتلة النقديّة وهذا الامر سيؤدّي الى التضخّم”.
“الاشكاليّة الكبرى لارتفاع سعر صرف الدولار متعلّقة بالفساد”. هذا ما يؤكده عجاقة لـ”النشرة”، مضيفاً: “لا أحد ينكر وجود الطلب على الدولار نتيجة خوف الناس من الأوضاع، ولكن العامل الأساس أيضا للارتفاع هو أن الطلب على الاستيراد كبير جداً”، متسائلا “الاسعار ترتفع والوضع غير جيّد، ولبنان يعيش على المساعدات، فلماذا لا يزال التاجر يطلب هذه الكمية لاستيرادها”؟ مؤكدا أن “هناك ما بين 6 و7 مليارات دولارات تُهرّب الى الخارج على شكل استيراد”.
عجاقة يلفت الى أن ارتفاع الدولار له علاقة ايضا بالعوامل التضخمية التي أدخلتها الموازنة والرسوم من خلال الضرائب ورفع أجور القطاع العام، وهؤلاء يدفعون الدولار الى التفلت بهذه الصورة. لكن المفاجأة تأتي عند الحديث عن المستويات التي يمكن أن تصل اليها العملة الخضراء، إذ يشدد عجاقة على أن “ثروات الغاز في البحر، ووجود احتياطي من الذهب، والاحتياطي بالعملات الأجنبية هذه كلها يجب أن تضع سقفاً للدولار اضافة الى وجود عامل الثقة”، معتبرا أن “ما يحصل في لبنان مخالف للقواعد الاقتصاديّة بالعالم، ففي بلد لديه كل هذه الثروات يفترض أن تكون عملته متينة ولكن هذا الانهيار والتفلّت سببه الفساد وبالتالي لا يمكن تحديد سقف له”.
Discussion about this post