في ظل ما تعيشه ليبيا من تطورات على الصعيد السياسي ومحاولات الولايات المتحدة الأمريكية الضغط على الأطراف السياسية المتصارعة للعمل بمبادرة المبعوث الأممي الى ليبيا عبدالله باتيلي التي تفتقر الى كثير من المؤهلات لإنجاحها، تستمر واشنطن في تنفيذ سياستها الإقتصادية الرامية الى امتصاص ونهب ثروات البلاد على أكمل وجه.
فبدءاً من العام 2018 قال رئيس مجلس إدارة مؤسسة النفط الليبية السابق مصطفى صنع الله إن خسائر قطاع النفط في ليبيا بسبب التهريب والسرقة بلغت 750 مليون دولار سنوياً. فيما يتهم برلمانيون المؤسسات الليبية بتنفيذ استراتيجية الغرب والولايات المتحدة بشكل خاص في ليبيا بالتستر ودعم المليشيات التي تعمل على سرقة ثروات الشعب لصالح العواصم الأوروبية وواشنطن.
وسبق وأن أفاد مختصون نفطيون بأن عمليات سرقة النفط الليبي علنية وعبر ميليشيات وشبكات يديرها نحو 500 شخص. حيث أن نفس الآلية التي اتبعتها واشنطن في العراق وسوريا تكررت في ليبيا، وأن ما يؤكد ذلك هو بقاء الأشخاص الذي يسيطرون على مؤسسات الدولة ومنها المؤسسة الوطنية للنفط والمصرف المركزي على رأس عملهم لفترات طويلة جداً.
وفي السياق، أعلنت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط عن توقيع عقد مع ائتلاف شركات أمريكية لإنشاء مصفاة نفط جنوبي البلاد. حيث ستقوم الشركة الأمريكية بالأعمال الهندسية الأولية لوحدات التكرير وبمنح تراخيص تقنية للوحدات المرخصة، بزعم توفير الوقود اللازم للمنطقة ولتغذية محطة الكهرباء المزمع إنشاؤها بمدينة سبها بقدرة 300 ميجاوات لتغطية احتياجات المنطقة من الطاقة الكهربائية.
كما أن أوروبا تعول على ليبيا بشكل كبير لتعويض النقص لديها في النفط والغاز جراء الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ 24 فبراير/ شباط 2022. حيث قال رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة، إنه يتمتع بالدعم مما سمح بإعادة الإنتاج النفطي إلى 1.2 مليون برميل في اليوم، وأن هدفه رفع الإنتاج إلى مليوني برميل في اليوم على مدى ثلاث إلى خمس سنوات.
وتعهد بجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي، مشيراً إلى صفقة بقيمة ثمانية مليارات دولار جرى توقيعها في يناير مع شركة «إيني» الإيطالية لتطوير حقل غاز بحري، والتي لاقت معارضة شريحة واسعة من السياسيين الليبيين، وكشف عن إنشاء المؤسسة الوطنية للنفط إدارة منفصلة للتركيز على إنتاج الغاز بهدف تصدير المزيد من الموارد إلى الدول الأوروبية التي تسعى لاستبدال الإمدادات من روسيا.
وسبق وأن كتب الكاتب الليبي علي الفارسي المتخصص بمجال الطاقة في مقال له أنه عندما كانت ليبيا تحتفل بالتأميم، لم تقف إدارة الولايات المتحدة مكتوفة الأيدي، وانتزعت مصالحها في مجال الطاقة، والتأميم ليس ناقصاً، لكنه يسير وفقًا للخطة الأميركية في الشرق الأوسط، والتغيير في رأس الهرم بالبيت الأبيض لم يشمل تغيير أفكار أميركا عن الطاقة.
وتابع بأن الولايات المتحدة الأميركية تعدّ شريكًا مستدامًا في الشرق الأوسط وليبيا، وتملك حصصًا بمناطق الشرق والوسط الليبيين، وسوف تشرف على تطوير مناطق استكشاف بالشراكة مع شركات أوروبية فرضت وجودها، وسوف تتجه نحو التركيز علي الاستكشافات الكبيرة البرية بأحواض غدامس ومرزق وسرت، وهي المناطق التي تحتاج تطويرًا كبيرًا وعمليات استكشاف أكبر.
يُشار الى أن السفارة الأمريكية سبق وأن طرحت خطة للإشراف على عائدات النفط الليبي عبر وكالة التنمية الأمريكية، رفضتها ليبيا، إلا أن واشنطن من خلال عملائها المخلصين في ليبيا، تستمر في نهب موارد البلاد، وجميع ما يصرح به مسؤولوها عن ضرورة إجراء إنتخابات وإيجاد حل سياسي للأزمة التي تعصف بالبلاد منذ 2011، هو غطاء براق لما تنفذه من مخططات خبيثة للسيطرة على الموارد.
Discussion about this post