قال موقع “المونيتور” الأميركي إن رحلة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الشرق الأوسط هذا الأسبوع ستحدد السياق لما قد يكون الجولة أو الجولات الأخيرة، من المحادثات غير المباشرة مع إيران للاتفاق على استئناف “خطة العمل الشاملة المشتركة” أي الاتفاق النووي الموقع بين إيران والدول الخمس الكبرى عام 2015.
وأضاف الموقع أن المحادثات غير المباشرة بشأن الاتفاق النووي الإيراني التي جرت في الدوحة بين المسؤولين الأميركيين والإيرانيين، بوساطة مبعوث الاتحاد الأوروبي لإيران إنريكي مورا، تُستكمل من خلال موقف دبلوماسي رادع للولايات المتحدة في الخليج، بدأ تنفيذه العام الماضي ويتم إضفاء الطابع الرسمي عليه من رحلة بايدن إلى المنطقة.
وأشار الموقع إلى أن الاستراتيجية الإقليمية تعتبر بمثابة تحول عن عام 2015، عندما شعر شركاء الولايات المتحدة في المنطقة بأنهم مهمشون بسبب الاتفاق النووي الذي تم التفاوض عليها بين إيران والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين. “لكن هذه المرة، شركاء الولايات المتحدة الإقليميون هم بالفعل شركاء في استراتيجية بايدن”.
وعدد الموقع هذه الأسباب كالتالي:
أولاً، أعادت إدارة بايدن ضبط علاقاتها المتوترة مع المملكة العربية السعودية. وقال “المونيتور” إنه لا يوجد “ردع” أو موقف عربي ذو مغزى تجاه إيران، أو خطة لإنهاء الحرب في اليمن، من دون المملكة بشكل آمن داخل المنظومة الأمنية الأميركية. فقد تم تكيّف فريق بايدن، ليس من دون احتكاك سياسي داخلي، مع حقائق الدبلوماسية والردع في الشرق الأوسط من خلال فتح صفحة جديدة مع السعودية.
ثانياً، اتخذ القادة العرب مبادراتهم الدبلوماسية الخاصة مع إيران، بالتوازي مع محادثات “خطة العمل الشاملة المشتركة” في الدوحة. فمثلاً:
بعد يومين من انتهاء الجولة الأولى من محادثات الدوحة، بحث وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني مع نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، المحادثات النووية والأمن الإقليمي في طهران. في اليوم التالي، التقى كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين علي باقري كاني بوزير الخارجية العماني سيد بدر بن حمد البوسعيدي في مسقط. في الشهر الماضي، قام رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي برحلات مكوكية من الرياض إلى طهران لتعزيز التقارب بين البلدين. وكان العراق قد استضاف خمس جولات من الاجتماعات بين مسؤولين إيرانيين وسعوديين في بغداد.
وأشار الموقع الأميركي إلى أن المحادثات الإيرانية السعودية التي توسط فيها العراق تكمل جهود المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ، للحفاظ على وقف إطلاق النار الذي توسطت لأجله الأمم المتحدة، وهو الآن في شهره الرابع. وقال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، في مؤتمر صحافي عقده مع الكاظمي في طهران في 26 حزيران / يونيو الماضي، إن “استمرار هذه الحرب غير مثمر ولن ينتج عن شيء سوى معاناة الشعب اليمني، لذا يجب إنهاء هذه الحرب بأسرع ما يمكن. وقد يكون وقف اطلاق النار خطوة نحو حل القضايا”. وهذا أقوى بيان تصدره إيران حتى الآن لدعم وقف إطلاق النار في اليمن، بحسب “المونيتور”.
ثالثاً: تعمل إدارة بايدن على تعزيز التنسيق الأمني بين “إسرائيل” والدول العربية، وهو دفعة مهمة لموقف رادع تقوده الولايات المتحدة ومكمل أساسي لأي دبلوماسية.
وقد ذكر المحلل الإسرائيلي بن كاسبيت أنه “في آذار / مارس الماضي، يقال إن لقاءات عقدت تحت رعاية الولايات المتحدة بين قادة الجيش الإسرائيلي والسعودية وحضرها ضباط رفيعو المستوى من مصر والأردن وقطر والبحرين والإمارات العربية المتحدة. وتأمل إسرائيل أن يكون بايدن سيعلن عن إطلاق هذا التحالف خلال زيارته، كما يُتوقع الإعلان عن أنباء عن إحراز تقدم في التطبيع الإسرائيلي مع السعودية”.
وأضاف كاسبيت أن “إسرائيل تأمل أن تسمع من بايدن أن فرص توقيع اتفاق نووي بين إيران والقوى العالمية ليست كبيرة، وأن تتلقى منه وعداً بأن العقوبات عن إيران لن ترفع بل سيتم تشديدها. فإسرائيل تطمح للتوصل إلى خطة عمل مشتركة مع الولايات المتحدة للرد على كل سيناريو محتمل، بما في ذلك مفاجأة إيرانية باتجاه التوصل إلى اتفاق” نووي جديد.
وقال “المونيتور” إنه في حين أن التعاون الدفاعي الجديد المدعوم من الولايات المتحدة بين “إسرائيل” ودول الخليج العربية كان خطوة كبيرة إلى الأمام، فمن غير المرجح أن تؤمن إدارة بايدن على الفور مستويات الالتزام التي قد تسعى إليها “إسرائيل” والدول العربية. حالياً، تدرس الولايات المتحدة كيف يمكنها دعم التعاون في مجال الدفاع الجوي ضد إيران كبداية لشراكة دفاعية إقليمية أوسع، حسبما صرح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي للصحافيين الخميس الماضي.
وأضاف الموقع أنه بينما تقدم الدبلوماسية المتوازنة / إستراتيجية الردع فرصة أفضل لسد الفجوات المتبقية بين الولايات المتحدة وإيران في “خطة العمل الشاملة المشتركة”، لا يزال هناك عدد من القضايا المألوفة، وإن كانت صعبة، والتي تحتاج إلى التفاوض بين الطرفين الإيراني والأميركي، عبر الاتحاد الأوروبي. ففي الأسبوع الماضي، وصف المبعوث الأميركي الخاص لإيران روبرت مالي المحادثات غير المباشرة في الدوحة بين المسؤولين الأميركيين والإيرانيين، التي أدارها مورا، بأنها “فرصة ضائعة”، زاعماً أن إيران دخلت المفاوضات بمجموعة جديدة من المطالب.
وغرّد أمير عبد اللهيان في 6 تموز / يوليو الجاري، بعد محادثاته مع الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية جوزيب بوريل، قائلاً: “إننا لا نزال مستعدين للتفاوض بشأن اتفاقية قوية ودائمة. يجب على الولايات المتحدة أن تقرر ما إذا كانت تريد اتفاقاً أو تصر على التمسك بمطالبها الأحادية”.
من جانبه، كتب بوريل على تويتر قائلاً إن “القرارات مطلوبة الآن. لا يزال الأمر ممكناً، لكن المساحة السياسية لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة قد تضيق قريباً”.
وقال “المونيتور” إن القضايا المعلقة للتوصل إلى اتفاق تبدو مزيجاً من القضايا الجديدة والقديمة، وربما لا تخرج في النهاية عن مجال التسوية التي تم تحقيقها بشق الأنفس. وأوضح أنه يبدو أن إيران تخلت عن شرطها السابق بشطب “حرس الثورة الإسلامية” من القائمة الأميركية للمنظمات الإرهابية الأجنبية. ومع ذلك، لا تزال هناك أسئلة حول ما إذا كانت العقوبات قد تنطبق على بعض الأعمال التجارية المرتبطة بـ”حرس الثورة” الإيراني في البنية التحتية والنقل، إذا كان هناك اتفاق.
وسعت إيران للحصول على ضمانات بأن إدارة بايدن ستلتزم بالاتفاق. بعد أن عانت من انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق في أيار / مايو 2018، تسعى طهران للحصول على تأكيدات بأن ذلك لن يتكرر مرة أخرى، على الأقل في عهد بايدن. يشعر القادة الإيرانيون بالقلق من رد الفعل العنيف وعواقب انسحاب واشنطن مجدداً. قد تشعر إيران بالقلق كذلك من أنه إذا تولى الجمهوريون الكونغرس في تشرين الثاني / نوفمبر المقبل، فقد يكون هناك تحدٍ من خلال “قانون مراجعة الاتفاق النووي الإيراني” (INARA)، على الرغم من أنه يبدو من غير المحتمل أن يتمكن الكونغرس من حشد الأصوات لرفض الاتفاق النووي.
ورأى “المونيتور” أنه “غالباً ما يكون الصراع وعدم الاستقرار سيئين للأعمال التجارية، وكذلك سيئين في النهاية للتطبيع والتكامل الإقليمي”. وقال إن احتمال وجود سلاح نووي إيراني، أو عودة إيران إلى موقف إقليمي أكثر حزماً، من شأنه أن يبقي الشرق الأوسط على حافة الصراع، وربما حتى في سباق تسلح نووي. هذا بالإضافة إلى خطوط الصدع الطويلة في اليمن ولبنان والعراق، فضلاً عن معالجة أزمة الغذاء العالمية التي تؤثر على العديد من دول الشرق الأوسط.
وأضاف أن أزمة الطاقة العالمية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا قد تشجع الولايات المتحدة على البقاء في المحادثات النووية مع إيران. وقال خبير الطاقة دانييل يرغين إن عودة إيران إلى سوق النفط ستؤدي إلى مليون – 1.5 مليون برميل يومياً إضافية من النفط، وهي كمية “كبيرة” في خضم الأزمة الحالية وشح الكميات.
وأشار الموقع إلى “أن الاتفاق النووي الإيراني من شأنه، أو ينبغي، أن يخفف من مخاطر الصراع، لا سيما عندما تكمله الدبلوماسية الإقليمية الجارية مع إيران، مع إدخال النفط الإيراني إلى السوق. فلا تزال هناك القضايا الصعبة التي لا يزال يتعين طرحها في الدوحة. فالدبلوماسية وحدها بالطبع ليست استراتيجية، بل مطلوب موقف رادع قوي للتعامل مع أي وجميع الحالات الطارئة. وتلك القطع تتساقط في أمكنتها بينما يتجه بايدن إلى الشرق الأوسط”.
Discussion about this post