معاناة المزارعين في غزة، جعلت الطفلان ملك (15 عاماً) وشقيقها إبراهيم (13 عاماً) يبتكران “مزارعاً آلياً”، ليقوم بعمل المزارعين، وحمايتهم بالتالي، من اعتداءات قوات الاحتلال وخاصة أولئك الذين تقع أراضيهم على مقربة من السياج الإسرائيلي الفاصل شرق قطاع غزة.
ويفرض الاحتلال منطقة عازلة بعمق مئات الأمتار وبطول نحو 40 كيلومتراً بمحاذاة السياج الإسرائيلي، ويحرم المزارعين من الوصول إلى أراضيهم.
تقول ملك إن “هذا الروبوت صُنع ليحل مشاكل المزارعين في زرع البذور، التي تتطلب الكثير من الوقت والجهد”، موضحةً أن “هناك الكثير من الأراضي الزراعية على حدود القطاع يُصعب الوصول إليها بسبب الظروف غير الآمنة”.
وتشرح ملك عن الروبوت، وتقول إنه “يتكون من مقدمة حفر التي تقوم بحفر التربة بالعمق والزاوية المطلوبين، ويتكون من قمع البذور التي يوضع فيه البذور المراد زرعها، بالإضافة إلى مسطرة الردم التي تقوم بردم التربة بعد حفر وزراعة البذور فيها”.
وتذكر الطفلة الفلسطينية أنها قامت هي وشقيقها “بتركيب حساس قياس مسافة لاكتشاف العوائق أمام الروبوت”، وجعلاه يعمل من خلال ألواح الطاقة الشمسية، مشيرةً إلى أن الروبوت يعمل من 6 لـ 8 ساعات خلال النهار، ومن 4 لـ 5 ساعات على البطارية التي تشحنها ألواح الطاقة الشمسية.
كما توضح أنه يتم إدخال المعلومات اللازمة لزراعة البذور عبر تطبيق هاتفي، قاما هي وشقيقها بتطويره، متصل بالروبوت، الذي تطلبت عملية صناعته نحو 3 شهور، إضافة إلى شهر من التجربة العملية.
وكان الدافع وراء ابتكار هذا الروبوت هو “الحصار الإسرائيلي الذي يمنع دخول المعدات والآلات للمزارعين”، بحسب ملك، التي تشير أيضاً إلى أن الصعوبات التي واجهاها خلال صنع الروبوت تجلّت في عدم توفر القطع اللازمة بسبب الحصار الإسرائيلي على غزة، فقاما هي وشقيقها باستبدال هذه القطع بقطع أخرى مما توفر في منزلهما.
قطاع الزراعة في غزة في دائرة الاستهداف الإسرائيلي
يقع قطاع الزراعة في دائرة استهداف الاحتلال الدائم، وقد سلك الاحتلال طرقاً عدة للاستيلاء على الأراضي الزراعية والتضييق على المواطن الفلسطيني؛ لحمله على الهجرة واضطراره إلى التخلي عن أرضه.
ومن بين هذه السياسات والسبل: مصادرة الأراضي، وبناء المستوطنات، وإنشاء جدار الفصل العنصري، وشق الطرق الالتفافية التي تلتهم الأراضي الزراعية الفلسطينية.
ويمثل النشاط الزراعي الركيزة الأمتن التي ترفد الاقتصاد الفلسطيني بأحد أهم موارد الناتج المحلي الإجمالي؛ إذ يساهم في تغطية جزء من الاستهلاك النهائي الغذائي، بالإضافة إلى مساهمته في توفير السلع والمواد الأولية التي تستخدم كمدخلات في العديد من الصناعات التحويلية، إضافة لكونه عنصراً مهما في الصادرات الفلسطينية.
يبلغ عدد العاملين في قطاع الزراعة عام 2021، بحسب تقرير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، الصادر في أيار 2022، نحو 59,600، منهم 44,000 من الضفة الغربية، و15,600 من قطاع غزة؛ بينما كان عدد العاملين في قطاع الزراعة في العام 2013 نحو 82,700، منهم 59,900 من الضفة الغربية، و22,800 من قطاع غزة.
وبحسب وزارة الزراعة الفلسطينية، بلغت خسائر القطاع الزراعي جراء العدوان المتكرر منذ العام 2006 على قطاع غزة بما يزيد عن 1.3 مليار دولار وتم تقديم مساعدات بما بنسبته 30% من إجمالي الضرر.
Discussion about this post