خلال المقابلة الأخيرة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، كان من بين الرسائل والإشارات الغامضة التي تخللتها، عرضُ واحد من الأجنحة للصاروخ الذي استهدف سفينة ساعر عام 2006. وقد لمّح السيد نصر الله إلى أن هناك رسالة ما من إحضارها، عندما قال بأن “الشباب أحضروها عمداً”.
وهذا ما دفع بالأستاذ غسان بن جدو، الى سؤال السيد نصر الله عن القدرات البحرية لحزب الله. فكان الردّ بأن الحزب يمتلك قدرات دفاعية هجومية كافية، قادرة على تحقيق الردع المطلوب، بحيث تمنع الكيان المؤقت من تحقيق أهدافه البحرية، وهي كافية أيضاً لتحقيق الأهداف المنشودة “يعني دفاع وهجوم وليس فقط دفاعاً”.
أما من ناحية المعلومات، فقد كشف السيد نصر الله أن المقاومة الإسلامية في لبنان تمتلك وسائل تمكنها من معرفة كل شيء له علاقة “بالحقل وكل شيء له علاقة بالسفينة وكل شيء له علاقة بحركة القوّة البحرية والسواعر وغير السواعر الموجودة في المنطقة، طبعاً بالتأكيد عندما ترسل مُسيّرة تزيد المعطيات وتتأكّد منها أكثر، لكن إذا احتجنا إلى ذلك سنرسل، لا مشكلة بالموضوع”.
لكن قبل العودة الى جزء الصاروخ وما يخفي إحضاره الى مقابلة من رسائل، فإنه من المفيد استعراض رواية كيان الاحتلال عن كيفية ضرب البارجة الحربية ساعر 5، لتتوضح الصورة عما يمكن استنتاجه من فرضيات، يمكننا الوصول اليها من خلال التحليل والتدقيق في المعطيات.
الرواية الإسرائيلية:
في يوم 14 تموز / يوليو من العام 2006، خلال حرب لبنان الثانية، وفي الساعة 8:42 مساءاً، أثناء تواجد المدمرة “حانيت” على بعد 16 كم قبالة سواحل بيروت، أصيبت في العمق بصاروخ مضاد للسفن من نوع C-802 (صاروخ صيني صنع في إيران أي الصاروخ المعروف باسم “نور”)، الذي أصاب مؤخرة المدمّرة وانفجر، ثم اندلع حريق في مسكن الجنود أسفل سطح مهبط طائرات الهليكوبتر، مما أدى إلى مقتل أربعة جنود وإلحاق أضرار جسيمة بالسفينة وتعطيل جزء كبير من أنظمتها الكهربائية.
في البداية، اعتقد جيش الاحتلال أن السفينة أصيبت بطائرة بدون طيار تم الاستيلاء عليها (من قبل حزب الله)، ولكن بعد تحقيق أولي تبين أنها صاروخ أطلقه الحزب. وأكدّت التحقيقات الأولية التي أجريت في الجيش الإسرائيلي يومها، أن أنظمة الحماية الآلية في السفينة من الصواريخ، لم يتم تفعيلها بسبب نقص المعلومات الاستخباراتية حول وجود صواريخ ساحلية في أيدي المقاومة، وخوفًا من أن تلحق أضرارًا غير مقصودة بطائرات سلاح الجو الإسرائيلي التي تعمل بالقرب منها. بل واللافت أن قائد البحرية الجنرال “ديفيد بن بشات” اعترف في ذلك الوقت بأن سيناريو من هذا النوع عبر إطلاق صواريخ من الساحل اللبناني كان “شيئاً في عالم الخيال وبعيد الاحتمال”.
وبعدما كانت هذه المدمرة مهددة بالغرق بشكل كبير، وبعد فقدانها القدرة على المناورة، بذل طاقم السفينة جهدًا كبيرًا لمنع حصول ذلك، وأصيب بعض قادتها بسبب استنشاق الدخان، وتم سحبها أخيرًا إلى ميناء أشدود.
من ناحية أخرى، صرّح المستشار السياسي لوزير الحرب الإسرائيلي وقتها “عامير بيريتس”، بأن نتيجة الهجوم على “حانيت” شديدة للغاية، وخسرت الصناعات الدفاعية للكيان عقودًا بمئات الملايين من الدولارات نتيجة لذلك.
رسائل وأسئلة جناح الصاروخ
وعليه من خلال التدقيق والتحليل في معطيات عملية المقاومة، وربطها فيما بينها، يمكننا افتراض الرسائل التالية، من إحضار جناح الصاروخ الى المقابلة:
_ على الإسرائيليين التفكير والإجابة عن كيفية إحضار حزب الله لهذا الجناح: فإن كان موجودا ً في نفس المكان الذي تم استهداف البارجة فيه، أي على بعد 16 كم من السواحل اللبنانية (ما يعني على عمق لا يقل عن 1463 متر 4800 قدم)، فهذا يكشف أن إحضارها كان عبر غواصة أو آلية غاطسة حتماً (فلا يمكن للإنسان الغطس على هكذا أعماق).
أما إن كان هذا الجناح قد أحضر من هذه المدمرة، فعندها ستكون رسالة المقاومة خطيرة جداً جداً بأبعاد استخباراتية أمنية، ويجب أن تدقّ ناقوس الخطر عند الكيان في كافة المستويات، انطلاقاً من مسار إرسال البارجة قبالة السواحل اللبنانية الى ميناء أشدود وما بعده.
_ أن جناح الصاروخ الذي يظهر عليه الصدأ، والموضوع في إطار (كالقطع الأثرية)، بات من ماضي قدرات حزب الله البحرية نسبة لما هو موجود حالياً. أي يؤكد على استعداد المقاومة وارادتها التامة، لتكرار هذا السيناريو من العمليات البحرية، بصواريخ أكثر تطوراً من “C-802– نور”.
Discussion about this post