بعد ثلاثة أيام من العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، بدأ باغتيال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي تيسير الجعبري، دخل وقف إطلاق النار الاثنين حيز التنفيذ، بعد أن نجحت الحركة طوال أيام العدوان بقصف مستوطنات “الغلاف” ومدن المركز الإسرائيلية بوتيرة متّزنة. وكما جرت العادة، رفع العدو سقف أهدافه، معلناً أنه سيقوم “بتصفية حركة الجهاد وجناحها العسكري”، وهو ما فشل في تحقيقه، إذ انهالت على مستوطناته صواريخ الجهاد قبل دقائق قليلة من بدء التهدئة، مؤكدة أنها لا تزال حاضرة بقوة لمواجهته في حال أي اعتداء، الأمر الذي أعلنه أمينها العام زياد نخالة، قائلاً إنه “بتنا اليوم أقوى، فرضنا شروطنا، وهي تثبيت وحدة الساحات، وإطلاق سراح خليل العواودة، والشيخ بسام السعدي”، مهدداً بعودة إطلاق النار “حال أخل الاحتلال بأي من بنود الاتفاق”.
التهدئة جاءت عقب اتصالات مصرية مكثفة رافقت أيام العدوان، مدفوعة برغبة اسرائيلية لايقاف الأمور عند هذا الحد، تجنباً للإطالة وبالتالي الدخول في مواجهة أوسع ستكون بلا شك أشدّ ايلاماً للكيان العاجز عن تحديد مآلاتها، وهو ما تقاطع مع تصريح للعميد احتياط في جيش الاحتلال تسفيكا فوغل، الذي قال إن “الإنجاز الوحيد للعملية هو أننا أزلنا التهديدات بتنفيذ هجوم مضاد للدروع، لكن للأسف لم نتمكن من إعادة الجنود الأسرى والمفقودين من غزة”. كما تجدر الإشارة إلى ما نقله موقع والا العبري عن مسؤولين إسرائيليين كبار أنه “لم نكن نقدّر أن اعتقال بسام السعدي في جنين سيؤدي إلى التصعيد، أدركنا أن الجهاد لن يهدأ، دون اتخاذ إجراءات كبيرة ضدنا وكان من المستحيل الاستمرار في إبقاء غلاف غزة تحت الحصار”. ووفقاً للمراسل السياسي الإسرائيلي باراك رافيد، فإن رئيس “الشاباك”، رونين بار، رأى أيضاً أن “العملية حقّقت أهدافها، وأنه يجب العمل على إنهائها قبل أيّ أخطاء قد تُورّط إسرائيل في عملية أوسع لا تريدها”.
العدو أقرّ، وفقاً لـ “القناة 12 العبرية” بإطلاق 990 صاروخًا بإتجاه مستوطناته ومدنه “اعترض نظام “القبة الحديدية” حوالي 380 منها”، حسب زعمه، مضيفاً، بحسب “القناة 14 عبرية أن”صفارات الإنذار فُعّلت أكثر من 360 مرة في جميع أنحاء البلاد، شهدت سديروت أكثر من 45 إنذارًا و43 إنذارًا في ناحال عوز”.
بدأت العائلات الغزية بلملمة جراحها بعد المجازر التي اقترفتها طائرات الاحتلال، والتي تعد انجازه الوحيد كما جرت العادة في كل عدوان، إذ بلغت حصيلة الأخير 44 شهيداً منهم 11 طفلاً و4 سيدات و360 إصابة بجراح مختلفة، وفقا لتقرير وزارة الصحة الفلسطينية.
كما أشارت قوات الاحتلال إلى إعادة فتح المعابر مع قطاع غزة، بدءًا من الساعة التاسعة صباحًا “ووفقًا لتقييم الوضع، سيتم إعادة فتح المعابر والعودة إلى حالة الروتين “الكاملة” وفقًا لتقييم الوضع والهدوء الأمني في المنطقة”، بحسب الاحتلال.
ونقل موقع “فلسطين اليوم” عن صحيفة هآرتس “الإسرائيلية” وصفها “العملية العسكرية الأخيرة في غزة ضد الجهاد الإسلامي بأنها فشل ذريع للسياسة الإسرائيلية في القطاع”، منددةً “بتكرار هذه العمليات العسكرية، وما ينجم عن ذلك من تعطيل لحياة الإسرائيليين”.
يرى الخبير في الشؤون الاسرائيلية علي حيدر، في مقال له في صحيفة الأخبار، أن “العامل المباشر الذي دفع العدو إلى شنّ عدوانه الأخير، تمثّل في تداعيات اعتداءاته في الضفة على مستوطنات “غلاف غزة”، لذا، فإن “إسرائيل” تهدف من الضربات التي وجّهتها بشكل أساسيّ إلى «الجهاد»، حتى الآن، إلى محاولة كبح نتائج معركة “سيف القدس”، والتي لا تزال تتوالى بفعل صمود المقاومة وتصاعد قدراتها. وهي محاولة ربّما ستتّخذ منعطفاً خطيراً، سيؤدي إلى اتّساع نطاق المواجهة، في حال قيام الصهاينة المتطرّفين باقتحام المسجد الأقصى في ذكرى “خراب الهيكل” في التاسع من آب، حيث سيفتح تطوّر كهذا الباب على دخول حركة “حماس” على خطّ المعركة”، وهو ما يتقاطع ربما مع الرسالة التي أرادت الجهاد ايصالها من الاسم الذي اطلقته على عمليتها “وحدة الساحات”، إضافة لما أعلنه الناطق باسم حماس فوزي برهوم أن “هذه جولة من جولات القتال ومحطة من محطات الصراع المتواصل والمحتدم مع الاحتلال والذي لن ينتهي إلا بزواله عن فلسطين”.
Discussion about this post