وصل رئيس الموفد الأمريكي المفاوض لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة عاموس هوكشتاين الى لبنان عائداً من “تل أبيب” “على خلفية تهديدات السيد نصر الله” وفق ما عنون موقع “والاه العبري” تقريره الذي لخّص جولة هوكشتاين مع مسؤولي كيان الاحتلال. فقد اجتمع بفريق التفاوض ومستشار الأمن القومي إيال هولتا فيما التقى في بيروت أولاً مع نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، تبعه لقاء مع رئيس الجمهورية ميشال عون ثمّ انتقل الى “عين التينة” للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
“قانا”: مكمن لا حقل!
لا تشير الأجواء الى أن هوكشتاين يحمل طرحاً جديداً أو متغيراً في الملف على الرغم من أن الموقع أشار الى أن هوكشتاين بحث في “تل ابيب” عن “حلول للقضايا التي لا تزال مفتوحة”. وبدورها ذكرت الكاتبة الإسرائيلية الخبيرة بالشؤون العربية، سمدار بيري، آخر ما قد يحمل موقف الاحتلال بشأن خيارات الترسيم، اذ كتبت في مقالها بصحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية أن “حقل كاريش سيذهب لإسرائيل بينما حقل قانا للسيادة اللبنانية”، لافتاً الى أن “هوكشتاين يبقي عن قصد الأمور في الظل، ومؤخرا فقط، كشف أنه تحدث في أثينا مع مسؤولين إسرائيليين كبار كي يغلق تفاصيل أخيرة لتفعيل شركة تنقيب النفط “إنرجيان” اليونانية – القبرصية، كما اتخذ خطوة مشابهة مع شركة “توتال” الفرنسية، من أجل تفعيل الحقل اللبناني”.
في المقابل، أكّدت مصادر مطلعة على ملف ترسيم الحدود البحرية لموقع “الخنادق” أن منح الاحتلال للبنان “قانا مقابل كاريش” لا يضمن حقوق البلد في البحر الأبيض المتوسط، “اذ إنّ “قانا” ليس حقلاً مؤكداً بل ما زال يُعدّ مكمناً من المتوقع أن يشمل الغاز والنفط لكنّ لا شيء ثبت بعد”.
“اسرائيل” لن ترسّم!
تابعت الكاتبة في “يديعوت أحرنوت” أن “صفقة تفعيل حقول النفط، تأجلت لما بعد انتخابات الكنيست الإسرائيلي في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، وبعد نهاية ولاية من ست سنوات للرئيس اللبناني ميشيل عون”. مشيرةً الى أن “إسرائيل ستنشر بيانا عن حقل “كاريش”، والمسؤول اليوناني عن “إنرجيان” سيصدر بيانا عن الانتظار حتى إنهاء ترسيم الحدود البحرية بين الطرفين، والتزام واضح وصريح من كل الأطراف للحفاظ على الأمن والهدوء في منطقة حقول النفط؛ واللبنانيون سيصمتون”.
لكنّ المصادر نفسها تقول بأن كيان الاحتلال لن يعترف بحق لبنان في البحر الأبيض المتوسط وهو غير معنيّ بالتوصّل الى “اتفاق” ترسيم حدود فعلي بسبب التخبّط السياسي وضعف الحكومة الحالية على الرغم من الضغوطات الأمريكية المستمرة التي استدعت تدخل الرئيس الأمريكي جو بايدن “شخصياً” فقد كشف موقع “واللاه” عن اتصال هاتفي بين بايدن ورئيس حكومة الاحتلال لابيد الأسبوع الماضي أكد خلاله الرئيس الأمريكي أنه “مهتم بالتوصل إلى اتفاق خلال أسابيع قليلة”. وأشارت المصادر أيضاً الى أن ملف الترسيم قد انتقل في الفترة الأخيرة من وزير طاقة الاحتلال الى رئاسة الحكومة، الى شخص يائير لابيد، نظراً لأهميته بالنسبة للاحتلال، وما يشكّله له من قلق.
كذلك، تسلّم أوساط الاحتلال بأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ودول الأطراف باتت قاب قوسين أو أدنى من توقيع الاتفاق النووي وفي هذا السياق يرى المراقبون أن الكيان يقلق من حصول محور المقاومة “انجازين” متزامنين في الساحة الإيرانية وفي الساحة اللبنانية.
أمور شائكة في الترسيم
نقل “واللاه” عن المسؤول الإسرائيلي مشارك في المفاوضات مع هوكشتاين قوله “نريد أن نضمن أن الجزء من الحدود البحرية القريب من الساحل لن يتغير وكذلك أن تحصل إسرائيل على حقوقها الاقتصادية في احتياطيات الغاز المحتملة في المنطقة المتنازع عليها”. وفي هذا الإطار بيّنت المصادر أن النقطة البرية التي رُسّمت على أساسها الخطوط الحالية لم تراعِ الانطلاق من نقطة رأس الناقورة تحديداً، “النتوء”، وبالتالي فإن الترسيم لا يتوافق مع الآليات المحددة بموجب القوانين الدولية.
بالإضافة الى ذلك، لفتت المصادر الى مسألة مهمة قد تعني استحالة التوصّل الى اتفاق ترسيم فـ “إسرائيل ليست من بين الموقعين على اتفاقية قانون البحار”! وهي الاتفاقية الدولية التي نتجت عن مؤتمر الأمم المتحدة الثالث لقانون البحار (UNCLOS III) الذي انعقد خلال سنوات 1973-1982. وفُتح باب التوقيع على الاتفاقية في 10 ديسمبر 1982، ودخل حيز التنفيذ في 16 نوفمبر 1994 وقد صادقت على الاتفاقية 168 دولة.
حزب الله جديّ في الخيار العسكري
المقاومة في لبنان معنية في الملف أيضاً وهي لم تغيّر قرارها في حماية ثروة لبنان النفطية والغازية والدفاع عنها أمام الاعتداءات الإسرائيلية واضعةً الخيار العسكري ورسائل التحذير العسكرية على الطاولة. وهو ما أشارت اليه “يديعوت أحرنوت” فـ “الشريك الإضافي في القضية، حزب الله، لا يتابع فقط كل التفاصيل بل يهدد باستغلال الأيام المتبقية حتى الإعلان لتنفيذ عملية في كاريش. ونقلت قناة “كان العبرية” أن “الإدارة الأمريكية تلقت معلومات تفيد بأن حزب الله في حالة جهوزية كاملة…وأن تهديدات نصر الله جدية وحقيقة إذا لم يتم التوصل إلى تفاهمات بشأن ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان”.
وعلى وقع تهديدات المقاومة يرى مراقبو الاحتلال أن الجمهور اليهودي عالق في الدوامة المفرغة اذ تساءلت الصحيفة: “من نصدق؛ نصر الله الذي يهدد بمفاجأة سيئة لإسرائيل قبل التنفيذ، أم وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس، الذي يحذر اللبنانيين لكنه يقصد حزب الله، أم عاموس هوكشتاين الذي يبقي الأوراق قريبة من الصدر ويهتم بالإعلان وهو متفائل جدا؟”.
المصدر: الخنادق
Discussion about this post