وجه المرجع الروحي الشيخ أبو يوسف أمين الصايغ كلمة لأهالي السويداء على أثر التطورات الأمنية التي يشهدها جبل العرب، جاء فيها:
“اللهمَّ يا نورَ الأنوار في كلِّ مثوًى ومكان
بنورِكَ نبتدئ، وبكَ يا معين نسترشدُ ونستعينُ ونهتدي. نسألُكَ أن تكحِّلَ بنور الحقِّ بصائرَنا، وأن تجعلَ إلى رضاكَ مصائرَنا.
إخواني المعروفيين الموحدين،
وشيوخَ عقلِ طائفةِ الموحدينَ الدروزِ في الجمهوريَّةِ العربيَّةِ السوريَّة الكرامَ الأفاضلَ،
إنَّ تاريخَ أيِّ شعبٍ قطارٌ يتوقفُ عندَ محطاتٍ مفصليةٍ، ليشهدَ انطلاقةً متجددةً أو ينعطفَ نحو هامِشِ الحياةِ. التاريخُ مرآةُ العِبَرِ فطوبى للمعتبرينَ، الذين يتَّعظونَ قبلَ فواتِ الأوانِ، بِمَن تقدَّمَ، وكيفَ دالَتْ الأيامُ منهُم، ويُدركونَ أنَّ الفوزَ والنجاحَ في جانَبِ الأخلاقِ ولا يكونانِ إلَّا حيثُ تكونُ هي.
أيُّها الإخوةُ الموحدون،
إنَّ الجبلَ لَفي خطرٍ وعندَ محطاتِ الفصل. ونحنُ نتابعُ باهتمامٍ وقلقٍ شديدين، الأحوالَ التي آلَ إليها جبلُ العرب، جبلُ سلطان باشا. ولا يَسَعُنا في هذا الصددِ إلَّا أنْ نؤكِّدَ على أهمِّيَّةِ وحدةِ أبناءِ الجبلِ وتضامُنِهِم في مواجَهَةِ الأعمالِ التخريبيَّةِ التي تستهدفُ الآمنينَ منْ أبناءِ الجبلِ الأشمِّ. ولْيكنِ الالتزامُ بالقيمِ والعاداتِ المعروفيَّةِ، والبعدُ عنِ المحرَّماتِ كُلِّ المحرَّماتِ هو المُراد. فنَواةُ الأخلاقِ إذا خاسَتْ في حقلٍ لا ينبت فيه غيرُ الأشواك.
إنَّ السويداءَ كانت وستبقى مَعْقِلَ العروبةِ النابضَ كرامة وعنفوانًا ونموذجًا للبيئةِ المدافِعةِ عنِ الأرضِ والعرض. ولَطالما تمسَّكَ أبناءُ جبلِ العربِ بأرضِهِم ووطنِهِم، وكانوا على مرِّ العصورِ مِثالًا للشجاعةِ والكرامةِ والعُنفوان، ومن غيرِ المسموحِ إطلاقًا التطاوُلُ على كراماتِ الناسِ وأمنِهِم واستقرارِهِم.
من هنا لابدَّ من قيام مؤسساتِ الدولةِ بواجباتِها تِجاهَ أبناءِ الجبل. فالدولةُ السوريَّةُ أمينةٌ والموحِّدونَ الدُّروزُ أمانةٌ، يَجدُرُ بالكبارِ الحفاظُ عليها. والأملُ أن تضعَ الدولةُ يدَها بيدِ أبناءِ جبلِ الكرامةِ، لوضعِ حدٍّ للممارساتِ الشاذَّةِ والأعمالِ الإجراميةِ التي تُرتكَبُ تحتَ مسمياتٍ مختلفةٍ. فالأزماتُ والمحنُ والمؤامراتُ تَعبُرُ مهما تعاظَمَت، ووحدَهُ الوطنُ يبقى حاضنًا للجميعِ عاجلًا كان أم آجلًا.
فالله الله إخواني الموحدين من شكٍّ يتداخلُ الجوانحَ، ومن غشٍ يمتلِكُ الجوارحَ. ولْيتقدَّمِ انتسابُكُمُ الوطنيُّ بحقٍّ على الانتسابِ إلى ما يتجاوزُ الأوطانَ، ويكونُ مَدعاةً للتقسيمِ والانفصالِ. ولا يخالَنَّ خائلٌ، إذا سقطَتْ مؤسسات الدولةِ، أنَّ يدًا عُليا تحمي الجبلَ أو سياجًا من الغيبِ يقيه العصف.
أيُّها المعروفيُّون، يا أحفادَ الهجريِّين، والجرابعة والحنّاويّين، أحفادَ سلطان باشا الأطرش. سطَّرَ السلفُ التاريخَ بحروفِ العزَّةِ والإباء. فهم أعجوبةُ الزمانِ، وأبطالَ الأنام. تَتَبَّعَ التاريخُ خُطاهُم، وكتبَ آثارَهُم، بواطِنُهُم موَّارةٌ بآلامِ الوطنِ، ودموعِ أجيالٍ، ومآسي أزمانٍ، لكنَّهم ما أُحبِطوا وما كانوا يومًا يائسين. اِستأنسوا بالتعايشِ الوطنيّ، وبتوحيدِ الله عزَّ وجلَّ. قلوبُهم فتحوا، ورايةُ القيمِ خفاقةً رفعوا.
أيَّتُها الضمائرُ الحيَّةُ،
هذا تاريخُكُم فاحفظوه كما حفِظَكُم. والتواني عواقبُهُ وخيمة. فعاجِلوا التحركَ لإعزازِ الجبلِ اليومَ قبلَ الغدِ.
وختم كلمته بالقول: لله المثلُ الأعلى: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم} صدق الله العظيم.
Discussion about this post