كتب ميخائيل عوض، المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، والمقاوم لا يقع في ذات الكمين مرتين، الا في فلسطين وفي الصراع العربي الاسرائيلي.
فالمؤمن يقع في الجحر مرات والمقاوم في ذات الكمين مرارا..
اسرائيل اعتادت على التعامل مع مختلف اجيال وفصائل المقاومة والنظم والمنظمات منذ وعد بلفور، ولم تغير كثيرا من طرائقها ووسائطها لإضعافها وتصفيتا واو احتوائها، ونجحت دوما وليس في خطط اسرائيل اي جديد او ابداع لكن العيوب كلها في العرب ومقاوماتهم وتشكيلاتها وبناها…
خطط وتكتيكات اسرائيل درجت على؛
تصعيد التباينات في الفصائل واصطياد واحدة بخديعة الاخرين وتقديم المغريات والتنازلات الشكلية ثم تنقض على البقية. التفريق في الفصيل الواحد بين الراديكاليين والبراغماتين وتصفية الراديكاليين ولتمكين البراغماتيين من القيادة ثم اغرائهم بالحماية واغراقهم بالامتيازات واموال دول النفط وحضنها.
هكذا تعاملت مع فتح حتى احتوتها بالبراغماتي ابو مازن وصحبه، وحاولت مع حماس حتى مكنت البراغماتي خالد مشعل وصحبه، وهي الان تتعامل مع الجهاد، فتحيد حماس وتغريها، وتركز اغتيالاتها على قادة الميدان الجهاديين الراديكاليين، وتضرب مؤسسات الجهاد ومواقعها بقصد الاضعاف تمهيدا للتصفية واو تصعيد براغماتيين لقيادتها.
خرج اعلام محسوب على المقاومة تحدث عن ان الجهاد خدعت من الوسطاء واطمئنت لكلامهم المعسول والتزاماتهم، فأخذت على حين غرة ودفعت خيرة قادتها العسكريين في الميدان الراديكاليين. وهذه نقيصة لا تسجل ايجابا لقيادة الجهاد فكان يجب الا تخدع والا تنام على حرير الوسطاء ومناوراتهم.
استهدفت الجهاد عن سبق تخطيط وتصميم وتنسيق وتحضير للمسرح بما في ذلك اغراء حماس ومحاولة تحييدها ولتنأى بنفسها عن المعركة.
بادرت اسرائيل استباقيا وركزت حملتها على الجهاد في الضفة وفي ٤٨ وعندما لاحت بادرة ان تأخذها بالغدر ضربت في غزة وداست على التفاهمات والوعود والتهدئة ورقاب الوسطاء…
قررت الجهاد خوض الحرب وتحمل التبعية والمسؤولية فمن غير المنطقي ان تستسلم وترفع الراية بمجرد انها استهدفت وخدعت واستفردت.
لماذا الجهاد والان ؟؟ هناك احتمالين؛ في سياق الجهد لقطع اذرع ايران وتقليص دورها في فلسطين ومختلف الملفات العربية والإقليمية، فعملية غزة الاسرائيلية تتساوق مع استهداف اذرع ايران في سورية ومحاولاتها المحمومة في لبنان، وتسارع الاحداث التي تستهدف الحشد الشعبي في العراق وتبريد الحرب في اليمن بتمديد الهدن وربما تبذل جهود لاستمالة البراغماتيين في انصار الله والحوثيين.
والاحتمال الاخر وهو الارجح ويجب الاول؛ ان اسرائيل وامنها وحلفائها يعرفون ان ايران والمحور والفصائل يعدون العدة ويحضرون المسارح والشروط لإطلاق حرب تحرير القدس وتغيير اتجاهات الاحداث بين التشرينين. فبادرت اسرائيل الى ضربة استباقية لإجهاض التحضيرات وكسر الذراع الفلسطينية، لإجهاض فرصة الحرب، ولتمكين حماس البراغماتية من غزة والضفة فالهدنة مع حماس والتعايش لعقد تمت التحضيرات والتوافقات عليها وكثر الرعاة والراغبون القادرون على تامين حماس وحمايتها وتمكينها، مادامت تقبل التهدئة والهدنة الطويلة بحثا عن مكاسب واستقرار السلطة في غزة.
كيف ستتعامل الجهاد؟ وهل تكون نموذجا يماثل المقاومة الاسلامية في لبنان فتشب عن الطوق؟؟
الحق يقال ان المقاومة اللبنانية لعقيدتها وخاصياتها ولطبيعة الساحة والمسرح لم تقع في الكمين مرتين ولا في ذات الجحر بل تشكلت نموذجا مختلفا وكل تكتيكات واستراتيجيات إسرائيل وحلفها لم تفلح معها ونجحت المقاومة بإفشال استراتيجية تصفية الراديكاليين لتامين البراغماتيين واسقاطها بالامتيازات والثروة وثقافة البقاء والاستثمار بما تحقق.
الجهاد في طبيعتها ومشروعها السياسي ونهجها اقرب الى نموذج المقاومة اللبنانية، والمنطقي انها قادرة على ادارة الاشتباك وتصعيد قادة اكثر راديكالية من الذين استشهدوا، فالجهاد لم تنخرط بالحياة السياسية الفلسطينية ورفضت المشاركة بالانتخابات او بالحكومات في غزة والضفة وحافظت على نفسها مقاومة نقية لا تستعجل الحكم والمكاسب.
اذن: يمكن ان نرجح ان تنجح الجهاد في التحول الى قيادة المقاومة الفلسطينية فالحروب تصعد قوى الميدان المقاومة وغير المساومة.
هكذا صعدت فتح وورثتها حماس والان وفي هذه الحرب الجهاد مؤهلة لوراثة قيادة المقاومة الفلسطينية غير المهادنة وغير المساومة وغير الباحثة عن سلطة ومكاسب.
والجهاد تملك كل عناصر القوة والتحشيد وثباتها وخوضها الحرب سيجعلها في موقع الادارة والتقرير، وتاليا كسب عطف وولاء الشعب ومجاهديه من كل الفئات والفصائل التي تتقاعس.
وللجهاد قوة اسناد هائلة القدرات؛ فايران ستوفر لها كل ما تريد وتحتاج بما ان الحرب تستهدف ايران، وسورية لن تبخل قط فالجهاد لم تغدر ولم تبصق في الصحن ولا خانت الخبز والملح والدم السوري وحزب الله يتعامل مع الجهاد انها توأمه على عكس حماس التي تحالف معها دون ان تتحول الى صنو وتوأم.
على ما تقدم : فحرب غزة اما م سيناريوهات واحتمالات ثلاثة؛
-ان تهزم الجهاد وتخسر الحرب وتاليا تنحسر وتتحول الى هياكل بلا فاعلية وبذلك تخسر ايران ومحور المقاومة احد اهم اركان فصائله، انه سيناريو مستبعد ولو له مؤشرات.
– سيناريو ان تتحول الحرب الى جولة، تخوضها الجهاد وتحقق مكاسب ولو بتضحيات فتصبح هي قيادة المقاومة والميدان وتنكشف حماس على براغماتيتها والتخلي عن الجهاد يعني عن المقاومة بحثا عن السلطة والتهدئة والتسويات، فينتهي بريقها ودورها والرهان عليها كما جرى مع فتح اوسلو التي صارت سلطة ابو مازن، وهذا احتمال وسيناريو راجح.
-ان تتحمل الجهاد كلفة ادارة حرب طويلة لإتمام مرحلة الاستعداد واستكمال التحضيرات لحرب التحرير الشامل وان تدير الحرب بتكتيكات ونفس طويل حتى تنهك إسرائيل المأزومة والمستعجلة لوقف الحرب والاستنزاف والتي بدأت للتو كعادتها بتحريك الوسطاء والحلفاء للضغط على الجهاد لوقف الاشتباك ويد اسرائيل العليا فيها.
ان ترفض الجهاد الوساطات والوسطاء لتصل بالحرب الى موعدها الاصلي تشرين وإسرائيل منهكة ومازومة وعاجزة عن عمل بري او توسيع مسارح الحرب وساحاتها وينجح محور المقاومة باستكمال عدد الحرب وعدتها فتتسع دائرتها وتتحول الى حرب التحرير وتحويل التحدي الى تحرير القدس…. فيصدق وعد الله على لسان السيد حسن نصرالله..
اننا في زمن فلسطين وتحريرها اقرب من الجفن الى العين.
Discussion about this post