يقول العلم العسكري أنه لا يمكن كسب حرب دون الحسم البري، وهو ما افتقده جيش الاحتلال في حروبه الأخيرة اذ انه اعتمد على سلاحه الجوي فقط وغيّب قواته البرية نتيجة تجربته الفاشلة مع الفصائل الفلسطينية في “سيف القدس” خاصةً ومع حزب الله في لبنان عام 1982 وعام 2006 حيث وقع ضباطه وجنوده في كمائن المقاومة.
في هذا السياق يرى الجنرال الاحتياط بجيش الاحتلال يتسحاق بريك أن “الجيش فقد الروح القتالية والقدرة على المبادرة، وتحولنا لجيش ضعيف، يختبئ خلف جدران وأعمدة أسمنتية، وبات اعتمادنا الوحيد على سلاح الجو، بسبب الخشية من تداعيات استخدام الجيش البري”
النص المترجم
الجولات القتالية أمام حماس والجهاد في غزة ستؤدي إلى تراجع إسرائيل للوراء وستفقدها القدرة على القيام بمناورة برية أو العمل على عدة جبهات، عدا عن الأضرار الاقتصادية والاجتماعية لسكان اسرائيل على المدى البعيد، خصوصًا في ظل تقلص فترات الهدوء بين الجولات القتالية.
القيادة السياسية والعسكرية تنازلت عن الجيش البري، خشية دفع الثمن، ولتفادي وقوع خسائر بشرية. إن هذه الحقيقة أدت إلى شعور حماس والجهاد بأنهما أمام جيش ضعيف، لا يمتلك الجرأة على العمل البري، وهو ما رفع معنوياتهم ودافعيتهم للعمل.
لقد أصبحت دولة إسرائيل تبني الجدران والعوائق الأرضية والأعمدة الأسمنتية بمليارات الشواكل، كما أصبح سلاح الجو هو الوكيل الحصري للعمل العسكري، لكن سلاح الجو لا يستطيع تحقيق الانتصار في الحرب لوحده؛ وخير دليل على ذلك الجولات القتالية أمام غزة وعملية “حارس الأسوار” التي قصف فيها البنى التحتية والأنفاق والطرق والمنازل بقنابل ذكية؛ لكنه لم يتمكن من وقف أو حتى تقليص كثافة إطلاق الصواريخ من غزة.
لقد أطلقت حماس 400 صاروخ يوميًا، وبلغ عدد الصواريخ التي أطلقتها على مدار عشرة أيام أكثر من 4300 صاروخ، وبلغت التكلفة المباشرة 16 مليار شيكل، عدا عن الأضرار الاجتماعية والاقتصادية.
فيما يتعلّق بخطة “الخداع الاستراتيجي” التي أعدّها الجيش الإسرائيلي على مدار سنوات، فإن قيادة الجيش لم تمتلك الجرأة على إدخال قوات من الجيش البري لعدة أمتار داخل غزة لإنجاح الخطة وإيهام حماس ببدء المناورة البرية وإقناعهم إدخال آلاف المقاتلين للأنفاق تمهيدًا لتوجيه ضربة ساحقة تؤدي إلى مقتل المئات منهم.
لقد خسرنا في معركة الوعي خلال جميع الجولات القتالية وفقدنا الروح القتالية والدافعية، والقدرة على المبادرة، وتحولنا لجيش ضعيف، يختبئ خلف جدران وأعمدة أسمنتية، وبات اعتمادنا الوحيد على سلاح الجو، بسبب الخشية من تداعيات استخدام الجيش البري.
عدم ثقة القيادة العليا بالجيش البري، وهروب الضباط المميزين من صفوفه واقتصار نشاطاته على الأمن الجاري، وتقليص التدريبات أفقده القدرة على القيام بمناورة برية والحرب على عدة جبهات؛ بل إنه فقد معنى الانتصار وقوة الردع بشكل كامل.
لو أنّ القيادتين السياسية والعسكرية تبنّتا هذه الرؤية خلال الحروب الماضية لما قامت لنا قائمة، ولو استمرت القيادة السياسية في تبني هذه السياسة، فلن يكتب لنا البقاء هنا.
Discussion about this post