لا شك بأن الضبابية تطغى على ملف النزاع البحري ومآلاته، بين المقاومة الإسلامية في لبنان والكيان المؤقت، والتي قد تنتهي الى الاشتباك العسكري بل وربما الى الحرب.
فبحسب الصحفي في جريدة “يديعوت أحرونوت”، يوسي يهوشع، فإن القوات الجوية والبحرية والاستخبارات في القيادة الشمالية في جيش الإحتلال، تستعد لأيام من المعركة ضد حزب الله في أعقاب التوترات المحيطة بمنصة الغاز، مضيفاً بأنه من الصعب التحكم في مستويات التوتر في المنطقة الشمالية، ومن السهل الانحدار إلى صراع واسع النطاق. وعليه فإن هكذا حرب فيما لو حصلت، ستقرّب الكيان من مواجهة أحد أسوأ الاحتمالات لديه: “احتلال حزب الله لمنطقة الجليل”.
فقادة جيش الاحتلال يدركون جيداً، بأن حزب الله قادر وحاضر لتنفيذ وعد أمينه العام السيد حسن نصر الله بالسيطرة على الجليل، حينما كان قد دعاهم للاستعداد الى ذلك في إحدى خطاباته السابقة.
كما أن خبراءه العسكريين يعتقدون بأن هذا الهدف كان أحد الدروس الرئيسية التي تعلمها الحزب من حرب لبنان الثانية، حيث قاد الشهيد القائد الحاج عماد مغنية حسب زعمهم جهود إنشاء قوات نخبوية “وحدة الرضوان”(آلاف المقاتلين النخبويين) تكون مهمتها الأساسية “غزو مناطق الجليل واحتلالها”، مستغلين في سبيل تحقيق ذلك المناطق التي يتفوق فيها الحزب طبوغرافياً، في مواجهة الدونية الطبوغرافية الإسرائيلية بالقرب من الحدود، بواسطة 5 ألوية يضم كل واحد منها حوالي 1000 مقاتل، يعملون في 5 قطاعات.
وهذا ما تؤكده العديد من المؤشرات لدى جيش الإحتلال:
1)تركيز مناورته الأخيرة (عربات النار) في الجزء الأول منها (حوالي 10 أيام تقريباً)، على تنفيذ قواته مهام دفاعية عن المنطقة الشمالية.
2)استحداث مواقع ونقاط وأنفاق واستخدام تكتيكات دفاعية لا سيما في إصبع الجليل، شبيهة بالتي كان يستخدمها حزب الله، للدفاع عن مناطقه خلال حرب تموز من العام 2006، حتى أن جنوده باتوا يستخدمون سيارات مدنية لتنفيذ دورياتهم التفقدية في المنطقة.
3)تدريب مستوطنيه وجنوده على كيفية إخلاء تلك المناطق بشكل كامل فور اندلاع الحرب، ضمن مساحة عدة كيلومترات.
السيناريو المفترض لـ”احتلال” حزب الله إصبع الجليل
بحسب دراسة أعدّها السكرتير العسكري السابق لرئيس وزراء الإحتلال بنيامين نتنياهو العميد د. شمعون شابيرا، والذي أعد كتاباً بعنوان “حزب الله بين إيران ولبنان”، فإن سيناريو احتلال حزب الله لمنطقة الجليل هو على الشكل التالي:
_اللواء الأول في وحدة الرضوان سيتولى السيطرة على مدينة نهاريا أو أجزاء منها، بعد عبور الحدود في منطقة روش هنكارا. ويدعون بأنه بحسب المعلومات المتوفرة لدى حزب الله، فإن الإجراءات الدفاعية في هذه المنطقة قليلة والمسافة قصيرة (7 كيلومترات) ولا توجد إجراءات عسكرية أو تضاريس خاصة تعيق هذا اللواء عن تحقيق أهدافه. في الوقت نفسه، ستصل قوة قوامها 150 مقاتلاً من اللواء الأول إلى نهاريا عبر البحر، باستخدام زوارق سريعة موجودة بالفعل في حوزة الحزب. وستكون المهمة الموكلة لهذه القوة هي أخذ أكبر عدد ممكن من الرهائن، لمنع “إسرائيل” من قصف قوات الحزب في هذا القطاع.
_اللواء الثاني سيتولى مستوطنة شلومي، التي يبلغ عدد مستوطنيها حوالي 6500 شخص، وتقع على بعد 300 متر من الحدود. وسيكون الهدف من هذه العملية، قطع طرق المساعدة لجيش الاحتلال، وإجباره على نقل التعزيزات من الشرق إلى مناطق في الجليل الأعلى، حيث يتواجد عدد كبير من القوات العسكرية.
_يتولى اللواء الثالث مهمة الوصول إلى مستوطنة كرمائيل، والاستيلاء على المناطق التي تقع في جنوبها، لمنع حركة المرور من مدينة عكا إلى مدينة صفد.
_اللواء الرابع سيتولى السيطرة على منطقة مستوطنات: المالكية، راموت نفتالي، وبيتاح، لمنع الجيش الإسرائيلي من إطلاق النار من هذه المناطق باتجاه جنوب لبنان.
_اللواء الخامس سيكون بمثابة احتياطي استراتيجي يتم تكليفه بمهام خاصة.
_ ستكون الأنفاق مخصصة لنقل قوات تصل إلى عدة مئات من المقاتلين، وليس لغرض اختطاف الجنود أو المستوطنين.
_ وفي مقال للكاتب “دانيال سلامة” نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، فإنه من المتوقع أيضاً بحسب زعمه أن تساهم إيران في إمداد الحزب بآلاف المقاتلين لا سيما العراقيين منهم كحركة النجباء.
_ بحسب دراسة نشرتها المجلة العسكرية “سيستمز- معرشوت”، قدم المقدم.ن في شعبة المخابرات- أمان (لم تنشر المجلة اسمه الكامل) سيناريو آخراً، يتضمن خطة عملياتية لاحتلال الجليل، ويقدم فيه وصفاً لتضاريس الجليل ومدنه الرئيسية والأهداف المحتملة للهجوم (قاعدة التنصت، قواعد القوات الجوية، المصافي في حيفا، أخذ المستوطنين كرهائن،….). مضيفاً بأن الصحف اللبنانية أوردت في العام 2011، أن حزب الله أجرى مناورةً لتحقيق ذلك، شارك فيها 10 آلاف مقاتل. مبيناً أن الحزب اكتسب خبرة كبيرة في المعارك في سوريا، الأمر الذي جعله قادراً على تشغيل أطر قتالية أكبر وتقربه من تبني مفاهيم هجومية: فبدلاً من الرد على المبادرة الإسرائيلية و “تحمل الضربة”، تدفعه للقيام بمبادرة هجومية، وغارات برية وهجوم أكثر تنوعًا على أهداف في أراضي فلسطين المحتلة. محذراً من أنه سيكون لذلك عواقب وخيمة على الكيان، وأنه يتعين على الجيش الإسرائيلي أن يأخذ في حسبانه احتمال أن يحاول الحزب تقصير مدة أي حرب، من خلال إثبات الحقائق على الأرض، وكذلك الاستعداد لاحتمال أن يختار الحزب فتح الصراع بهجوم مفاجئ، قد يكون محاولة لإنهاء الحرب قبل أن تبدأ عملياً.
ما بعد الجليل؟!
لذلك إذا ما وضعنا أمامنا المعادلة التي تتعلق بالقوة الصاروخية للمقاومة التي تم تفعيلها في حرب تموز عام 2006: حيفا وما بعد حيفا وما بعد ما بعد حيفا، وزدنا عليها المعادلة البحرية الأخيرة: كاريش وما بعد كاريش وما بعد ما بعد كاريش، فإن من الطبيعي وضع احتمال أن تكون المعادلة الجديدة في المرحلة المقبلة: الجليل وما بعد الجليل!!
Discussion about this post