عادت الصراعات المسلحة والإشتباكات الدامية من جديد لتتصدر عناوين الاخبار في ليبيا، بعد شهور من انسداد سياسي وحرب تصريحات بين الحكومتين المتنازعتين على السلطة، الإستقرار بقيادة فتحي باشاغا، والوحدة بقيادة عبد الحميد الدبيبة، والأسوأ من ذلك هو اليقين التام بأن انعدام الإستقرار يعود بشكل رئيس على سياسات البرلمان الليبي، الذي يقف على أبواب عزلة سياسية تامة.
وتُعتبر معضلة التشكيلات المسلحة التي لا تعد خارجة عن سلطة الدولة فقط بل ومهيمنة عليها، واحدة من أهم الأسباب التي أسهمت في تشكل الأزمة الليبية منذ بدايتها، والتي عطلت كل الجهود المحلية والدولية لحلها، خصوصاً مع ارتباطها مع كثير من أطراف الصراع السياسي، التي كثيراً ما استخدمتها للبقاء في السلطة أو للوصول إليها.
وهو ما يحدث حالياً في العاصمة طرابلس، فتشكيلات مسلحة موالية لفتحي باشاغا تصارع تشكيلات أخرى تابعة لعبد الحميد الدبيبة، ونتيجة هذا الصراع الذي لا طائل له يتلقاها المواطن الليبي، الذي يصارع أساسًا للبقاء ولتأمين قوت عيشه في أيام السلم.
ومجلس النواب الليبي، الذي يعتبر محورًا أساسيًا في الأزمة الليبية، كان فيما مضى قد سحب الثقة من حكومة الدبيبة، ولكن لم يستطع بذلك تنحيته عن السلطة، لتأتي بعدها ضربة فشل الانتخابات في 21 ديسمبر الماضي، وتزيد من شكوك المواطنين في قدرته على إجرائها، فانتظر المجلس بعدها شهرين وشكل حكومة جديدة بطريقة فرض الأمر الواقع، ولم ينجح في إدخالها طرابلس، ليقتنع بعدها الليبيون بأن رئيس البرلمان عقيلة صالح، لا يستطيع فرض قوانينه ولا سلطته التشريعية على حكومة هي نتاج ملتقى حوار في جنيف.
بالإضافة إلى ذلك، تجدر الإشارة إلى أن قرارات البرلمان أصبح بالإمكان الاعتراض عليها، ورفضها “قانونيًا”، بعد أن تم إعادة تفعيل الدائرة الدستورية العليا، وبحسب القانون الليبي، تفعيلها سينهي احتكار عقيلة صالح لعملية وضع القوانين وتنفيذها، ومنه جعل قرارت برلمانه بتشكيل حكومة الإستقرار “باطلاً”، كما انه سيسمح مستقبلًا لعبد الحميد الدبيبة بتقديم طعن ضد قرارات المجلس والمضي قدمًا نحو انتخابات برلمانية ومن بعدها انتخابات رئاسية بالشكل الذي يراه الدبيبة “مناسبًا”.
ويرى مراقبون بأن الإشتباكات المسلحة حدثت بسبب عجز رئيس مجلس النواب عن فرض نفوذه على الدبيبة، وخسارته أمامه في أكثر من ملف، مثل ملف الإنتخابات وتسليم السلطة، لينتهي به المطاف بمحاولة انتزاعها عسكريًا لحفظ ماء وجهه.
وتجدر الإشارة إلى أنه جرت مواجهات عنيفة مطلع الأسبوع الماضي في مناطق باب بن غشير وشارع الزاوية وعدد من الاحياء بالعاصمة طرابلس بين جماعات مسلحة تابعة لكلا الحكومتين. هذه الاشتباكات جرت بين عناصر الكتيبة 77 التي يقودها هيثم التاجوري وجهاز دعم الاستقرار بقيادة عبد الغني الككلي “غنيوة” حيث هاجمت مجموعات مسلحة تابعة للككلي مقر 77 من اجل السيطرة عليه وفعلا تم ذلك وفق ما أظهره فيديو لهيثم التاجوري وهو يسيطر على مقر تابع لجهاز الامن الداخلي الذي يقوده لطفي الحراري أحد أذرع الككلي في طرابلس.
لتشهد منطقة ورشفانة في جنوب غربي العاصمة الليبية طرابلس، مساء الجمعة، مواجهات بالأسلحة المتوسطة بين السرية الثالثة بقيادة رمزي اللفع الداعمة لرئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، و«الكتيبة 55» بقيادة معمر الضاوي الموالية لغريمه فتحي باشاغا رئيس حكومة «الاستقرار» الموازية.
Discussion about this post