قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تعليقه على اتهام بلاده باستهداف خد أنابيب الغاز “نورد ستريم” أنه يجب البحث عن المستفيد من الحدث لنفهم من نفّذه. وقد أثار موقع “وورلد سوشاليست” العالمي التساؤل نفسه، ليجيب أن الولايات المتحدة هي المستفيد من تفجير هذا خط الغاز، شارحاً الأهداف التي سعت واشنطن الى تحقيقها عبر هذه العملية. فيما رأى الموقع أن اتهام موسكو ليس منطقياً.
المقال المترجم:
يوم الإثنين، أحدثت انفجارات قوية تحت الماء فجوات في خطي أنابيب نورد ستريم 1 و2، اللذين ينقلان الغاز الطبيعي الروسي تحت بحر البلطيق إلى ألمانيا. وتحولت عشرات المليارات من الدولارات في البنية التحتية الحيوية لتمويل الاقتصاد الروسي، وتزويد وتدفئة الاقتصاد الألماني والأوروبي، أصبحت الى خراب.
بينما تشن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي حربًا على روسيا في أوكرانيا فإن هذا الحدث يشير إلى تصعيد عسكري متهور، حيث صرح رئيس الوزراء الدنماركي ميت فريدريكسن أن الانفجارات كانت نتيجة عمل متعمد من قبل أطراف مجهولة. في حين قال عالم الزلازل السويدي بيورن لوند، “لا شك في أن هذا ليس زلزالًا”.
على الرغم من أن وسائل الإعلام الأوروبية اتهمت روسيا على الفور بقصف خطوط أنابيب نورد ستريم، إلا أن هذه الاتهامات تتداعى بسرعة.
حتى صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، التي عادة ما تكون مصدرًا للدعاية العدوانية المناهضة لروسيا، امتنعت عن إلقاء اللوم على موسكو في التفجير وأقرت بأنه “للوهلة الأولى، يبدو من غير المنطقي أن الكرملين سيضر بأصوله التي تقدر بمليارات الدولارات”.
أشار وزير الخارجية البولندي السابق راديك سيكورسكي الى أن واشنطن وراء التفجير، ونشر صورة لتدفق الغاز الطبيعي على موقع “تويتر” وعلّق “”شكرًا لك، الولايات المتحدة الأمريكية، الآن 20 مليار دولار من الخردة المعدنية تقع في قاع البحر، وهي تكلفة أخرى لروسيا لقرارها الإجرامي بغزو أوكرانيا”.
تفتقر الاتهامات بالتورط الروسي في التفجيرات إلى كل المصداقية وتنتقص من الجاني الأكثر احتمالاً: الولايات المتحدة. السؤال الأول الذي يجب أن يُطرح حول تفجير نورد ستريم هو: من المستفيد ومن لديه الدافع للقيام بذلك؟
لم يكن لدى روسيا دافع لتدمير خط أنابيب نورد ستريم. امتلكت شركة غازبروم الروسية نصف خط الأنابيب، إلى جانب المساهمين الألمان والفرنسيين والهولنديين، وكان خط الأنابيب في قلب خطط موسكو لإعادة بناء العلاقات الاقتصادية مع أوروبا، إذا انتهت الحرب مع الناتو في أوكرانيا. لم يكن لديها سبب لتفجير خط الأنابيب الخاص بها.
بالنسبة لواشنطن، قدم القصف فائدتين. أولاً، في خضم التصعيد العسكري لحلف شمال الأطلسي ضد روسيا في أوكرانيا، سيساعد ذلك في تأجيج المزيد من الدعاية الحربية المناهضة لروسيا. ثانيًا، من خلال جعل أوروبا أكثر اعتمادًا على واردات الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي لتحل محل الغاز الروسي، فإنها تتوافق مع هدف أمريكي رئيسي في حرب أوكرانيا منذ البداية: وضع أوروبا تحت سيطرة الولايات المتحدة بقوة أكبر. ظهرت هذه الأهداف بشكل متزايد إلى العلن في السنوات الأخيرة.
في 7 شباط/فبراير 2022، وبينما تصاعدت التهديدات الاقتصادية والعسكرية ضد الكرملين قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، دعا الرئيس الأمريكي جو بايدن المستشار الألماني أولاف شولتز إلى واشنطن لإجراء محادثات، وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع شولتز، تعهد بايدن بتدمير خط أنابيب نورد ستريم 2 قائلاً: “إذا قامت روسيا بالغزو، فلن يكون هناك نورد ستريم 2”. وعندما سُئل كيف سيفعل ذلك رفض بايدن الإجابة، وقال ببساطة: “أعدك؛ سنكون قادرين على القيام بذلك”.
وكان الرئيس السابق دونالد قد طالب برلين بإنهاء نورد ستريم 2 بعد أن دعا إلى تعزيز عسكري للاتحاد الأوروبي وسياسة دفاعية مستقلة عن الناتو. بينما دعت المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل إلى “القتال من أجل مستقبلنا بأنفسنا”، ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاتحاد الأوروبي إلى الاستعداد لمواجهة روسيا أو الصين أو أمريكا.
رفض مسؤولو الاتحاد الأوروبي دعوات ترامب لإنهاء خط “نورد ستريم 2″؛ حيث قال النائب الألماني رولف موتزينيتش إن هذه المطالب “تؤثر على الشركات الألمانية والأوروبية وتمثل تدخلًا في شؤوننا الداخلية. ويبدو أن الاتحاد الأوروبي وألمانيا ليسا شريكين متحالفين مع ترامب، لكنهما تابعان خارجيان”.
وفي حين أنهت برلين رسميًا دعمها لـ “نورد ستريم2” بعد الغزو الروسي، فإنها تعمل على إثارة مسألة تجديد علاقات الطاقة مع روسيا. فقد دعت المستشارة الألمانية السابقة ميركل الى “ما لا يمكن تصوره تمامًا في الوقت الحالي، أي كيف يمكن تعزيز العلاقات مع روسيا مرة أخرى”.
إن الهجوم على خط “نورد ستريم” لا يمثل – بشكل عام – عملًا من أعمال الانتحار الاقتصادي والسياسي من قِبَل روسيا، ولكنه إشارة أرسلتها واشنطن إلى “حلفائها” في الاتحاد الأوروبي، تخبرهم فيها بأنه “بإمكانهم إعادة العسكرة، ولكن سيتم تحديد السياسة الطاقية والعسكرية وفقًا لشروطها”، وتوضح هذه النزاعات الأخطار الهائلة التي تواجه حشود العمال والشباب بينما يتأرجح حلف الناتو وروسيا على حافة نزاع عالمي شامل.
Discussion about this post