انخفضت الأسعار الفورية للغاز في أوروبا إلى أقل من 500 دولار لكل ألف متر مكعب، على الرغم من حقيقة أن السعر كان قد تجاوز الصيف الماضي حاجز الـ 2000 دولار.
يعود السبب في ذلك إلى الملء شبه الكامل لمرافق تخزين الغاز في أوروبا والطقس الدافئ بشكل غير طبيعي.
كذلك تمكنت أوروبا من خفض استهلاك الغاز بنسبة 7-9% جزئيا عن طريق التوقف عن الاستحمام، وجزئيا بإغلاق الشركات التي أصبحت غير مربحة بسبب ارتفاع أسعار الغاز الحالية.
نتيجة لذلك، تراكمت 35 ناقلة غاز مسال قبالة سواح أوروبا، والتي لا يوجد مكان لتفريغها بسبب نقص مرافق التخزين في أوروبا، ونتيجة لذلك تكرر هذا الأسبوع انخفاض أسعار النفط إلى ما دون الصفر خلال وباء “كوفيد-19″، وتحولت أسعار الغاز الطبيعي الأوروبي للتسليم في عقود الغد لفترة وجيزة إلى السالب، حتى اضطر بعض أصحاب الغاز إلى دفع 160 دولارا إضافيا لكل ألف متر مكعب لسحب الغاز منهم، حيث اضطروا للإفراج عن الناقلات بموجب عقود أخرى.
ومع ذلك، فمن السابق لأوانه أن تفرح أوروبا. فحظها ماض نحو النفاد، وستحتاج الولايات المتحدة الأمريكية في الشتاء إلى مزيد من الغاز، وستنخفض صادراتها. كما تخرج الصين الآن من إحدى حالات الإغلاق التي تمر بها الآن، وقد تجاوزت أسعار الغاز في آسيا بالفعل الأسعار الأوروبية، وقريبا جدا سيتم إرسال معظم ناقلات الغاز التي تقف قبالة السواحل الأوروبية الآن، إضافة إلى شحنات غاز جديدة، نحو آسيا، وسيكون هناك نقص في الغاز المسال بأوروبا.
إضافة إلى ذلك، فلن تكون الشركات التي اشترت الغاز في الصيف بأسعار تزيد عن 2000 دولار لكل ألف متر مكعب في عجلة من أمرها لبيعه، ويتم تداول العقود الآجلة للغاز لشهر نوفمبر بحوالي 1000 دولار لكل ألف متر مكعب، وهو السبب في أن عددا من الشركات تستخدم الناقلات للتخزين، على أمل بيع الغاز في الشتاء بأسعار تزيد عن 2000 دولار لكل ألف متر مكعب. أي أن وجود هذه الناقلات الـ 35 لن يضمن الغاز الرخيص في الشتاء.
علاوة على ذلك، سينتهي الطقس الدافئ، فهو الآن +18 في برلين، ومن المتوقع أن يصل إلى +14 خلال أسبوع، كذلك فمن المتوقع أن تتساقط الثلوج لأول مرة في 17 نوفمبر، وسينمو استهلاك الغاز بشكل كبير.
لن يكفي الغاز المخزّن في مرافق التخزين في أوروبا لأكثر من شهرين ونصف الشهر، ومع ذلك، فالحجم اليومي للغاز، على أي حال، والذي يمكن أخذه من التخزين في الشتاء محدود. عادة ما يتم استخدام مخازن الغاز فقط كمصادر إضافية أثناء أحمال الذروة، ولا يمكن أن تحل محل المصادر الرئيسية.
أي أنه، وعلى سبيل المثال، حتى لو كان هناك 100 متر مكعب في المخزن، فإن التخزين لا يمكن أن ينتج أكثر من 3 أمتار مكعبة في اليوم، وإذا كنت بحاجة إلى 20 مترا مكعبا، فسيكون العجز فيما تحتاجه دائما 17 مترا مكعبا، حتى لو كان إجمالي احتياطي الغاز في المخزن 5 أضعاف احتياجاتك.
قال رئيس شركة “غازبروم” الروسية أليكسي ميللر إنه في حالة الصقيع الشديد، ستفتقر أوروبا إلى ما يصل إلى 30% من الغاز المستهلك، ومن الممكن أن تتجمد مدن بأكملها.
بطبيعة الحال، تظهر مثل هذه الصورة مع الحفاظ على إمدادات الغاز من روسيا عند المستوى الحالي. ومع ذلك، فجر الأنغلو ساكسون خط أنابيب “السيل الشمالي” بالفعل، وكانوا يحاولون تفجير “السيل التركي”. وليس هناك يقين من أن خط الأنابيب الذي يمر عبر أوكرانيا لن يتم تدميره أيضا.
لا أفهم تماما إصرار بوتين على الاستمرار في تزويد أوروبا بالغاز، بينما يشن الغرب حربا لتدمير روسيا. ربما يكون هدف بوتين هو منع الحكومات الأوروبية من إلقاء اللوم على روسيا. أي منع حكومات أوروبا من توحيد الشعب ضد روسيا، وتجنب زعزعة الاستقرار لبلدانهم.
لكن جعل نتيجة الحرب تعتمد على ما إذا كان الشتاء في أوروبا باردا أم دافئا هو تهور.
آمل أن يتوقف توريد الغاز الروسي إلى أوروبا في الشتاء بطريقة أو بأخرى.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف
Discussion about this post