على ما يبدو وصل تقشف الحياة اللبنانية إلى فرنسا بكل حرية وجرأة. صحيح انه لن يصل_ حتى الآن_ إلى مستوى التعتير اللبناني ولكن حتما سيخرق نمط حياة الفرنسي الأوروبي المعتاد على الرفاهية “الخدماتية”.
وإذا ما قورن التقشف بحياتنا الخدماتية لتراءت لنا الجنة _لولا الضرائب التي يدفعونها_، خاصة اننا اعتدنا العيش في الجحيم وفي دائرة النار_ مع أننا ندفع الضرائب بطرق النصب والغش، أكثر مما يدفع الفرنسي ضرائب لدولته.
منذ أكثر من شهر، ومن أجل تحضير الشعب الفرنسي ليتأقلم بسرعة مع متغيرات الحياة المقبلة، طلبت أجهزة الدولة الفرنسية من الإعلام العام والخاص اطلاق حملة إعلامية ناعمة تصيب في صميم التقشف الذي سيعتاده المواطن الفرنسي ما بعد رأس السنة.
أخذ الإعلام الفرنسي يسوق طلبات الدولة بالتقنين في كل الأمور الحياتية المعنية باستهلاك الطاقة، خاصة في ملف الكهرباء والغاز والبنزين. وطلب من القنوات التلفزيونية الأرضية أن يكون خطاب التقشف المقبل مباشرة.
وبالفعل فقد بدأت بذلك الشهر الماضي مع تمرير فرنسا عدة إجراءات تقشفية بهدف اعتياد المواطن عليها مع مطلع العام المقبل. ومن هذه الإجراءات:
– قطع الكهرباء في باريس لمدة ساعتين صباحاً وساعتين مساء، على ان ترتفع المدة مع بداية العام المقبل. وهنا نقارب الإجراء بمسار التقنين في لبنان قبل أن تظهر سمسرات زعامات لبنانية لشراء الموتيرات ومن بعدها الاشتراكات.
– توقيف إشارات المرور من أجل توفير الكهرباء في كثير من الطرقات.
– الطلب من المحلات الكبيرة والدكاكين والمولات عدم فتح الباب الرئيسي كهربائياً والاكتفاء بالأبواب اليدوية، كمساهمة في انطلاق التقنين الأكبر.
– قطع الهواتف الارضية في باريس خلال فترة التقنين الكهربائي، فيؤثر ذلك على انقطاع الإنترنت.
كل هذا حدث في باريس بعد الحرب الأوكرانية التي ساهمت بإشعالها بأوامر أميركية، وها هي أوكرانيا دمرت، وتشتت سكانها وشعوبها إلى دول أوروبية. وهذه أوروبا تعيش بدايات الحياة الصعبة، وهكذا حياة تصنع تحركات شعبية ضد الدولة والنظام، وما حدث في ألمانيا بداية لأعمال الشغب السياسي والشعبي رغم حجب الحقيقة في إعلام مستأجر. وأصبح العالم أجمع يدرك بعد التجربة أن تحركات الشعوب الاوروبية فيها من الفوضى والتخلف والسرقات والاجرام والقمع المتبادل بين المتظاهرين والدولة ما لم نجده في بلادنا حيث يتهموننا بتخلف العالم الثالث، والادلة كثيرة.
أوروبا مرغمة أن تكون تابعة وأداة لدولة الإرهاب أميركا، التي بدورها تبيع الغاز والوقود بأسعار خيالية إلى أوروبا بعد ان ارتضت أن تكون في الصفوف الأولى بالحرب الروسية الأميركية في اوكرانيا. والمفارقة انعكاس هذه الخطوة على الوضع الاقتصادي لكل من اميركا واوروبا. ففي حين تشهد الاولى داخلياً شبه استقرار اقتصادي، تقترب الثانية من “التعتير” كما حال الحياة في نار لبنان الصغير.
المسلمة الوحيدة ان فرنسا آخذة بالتقنين، وشارعها حتما لن يقبل بذلك سيما انه يدفع ضرائب جمة لينعم بالرفاهية، مهما جمّل الإعلام الحياة الكذبة، إذ يُشهد للإعلام الغربي تلفيقه الحقيقة، وتسويق سموم الكذب والدجل.
Discussion about this post