أعلن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، نفتالي بينيت، ورئيس الحكومة البديل، وزير الخارجية، يائير لابيد، عزمَهما حلَّ الكنيست والتوجه نحو انتخابات مبكّرة، هي الخامسة منذ شهر نيسان/أبريل 2019، الأمر الذي فاجأ الجميع في “إسرائيل”، على الرغم من أنّ سقوط الائتلاف الحكومي بينهما كان متوقَّعاً، بل محسوماً.
المفاجأة تمثّلت بالجهة التي أعلنت سقوط الحكومة، ليس أكثر. ومن المتوقَّع أن يتم التناوب فور إقرار قانون حلّ الكنيست بين بينيت ولابيد، فيتولى لابيد رئاسة الحكومة، ويحتفظ بمنصبه الحالي وزيراً للخارجية، بينما يتولى بينيت منصب رئيس الحكومة البديل، ويحتفظ بإدارة الملف الإيراني.
برّر بينيت قرار حل الكنيست بضمان استمرار تطبيق القانون الإسرائيلي على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، والذي ينتهي سريانه نهايةَ الشهر الحالي، على اعتبار أن حل الكنيست سيؤدي، وفق القوانين الإسرائيلية، إلى تمديد سريان القانون تلقائياً. وأشار بينيت إلى أنّ التقارير الأمنية تؤكد أنّ عدم تمديد هذا القانون يعني وقوع “ضرر أمني بالغ على مصالح إسرائيل، التي ستدخل في حالة من الفوضى الشاملة”.
بدوره، دعا لابيد إلى العودة إلى فكرة “إسرائيل الموحَّدة”، وأضاف أنه “حتى لو جرت انتخابات خلال أشهر، فهناك تحديات تواجه إسرائيل لا يمكن أن تنتظر”، لافتاً إلى أنه لن ينتظر حتى إجراء انتخابات جديدة، كي يبدأ “معالجة التحديات التي تواجهها إسرائيل بمجرد توليه منصب رئيس الحكومة الانتقالية”. وشدّد لابيد على أنه سيعالج غلاء المعيشة، وسيواجه إيران وحركة حماس وحزب الله، كما سيواجه “القوى التي تهدد بتحويل إسرائيل إلى “دولة” غير ديمقراطية”، قاصداً اليمين المتطرف في “إسرائيل”.
سبب حلّ الكنيست
انشغل المعلقون في “إسرائيل” في تقديم تحليلات للأسباب التي دفعت ببينيت إلى حلّ الكنيست. فأشارت صحيفة “هآرتس” إلى أنّ بينيت ولابيد، حين علما بأنّ التصويت على حلّ الكنيست، يوم غد الأربعاء، بناءً على طلب من حزب الليكود، هو أمر ممكن الحدوث، سارعا إلى إعلان حلّ الكنيست، ليمسكا بزمام الأمور، وينسفا إمكان إقامة حكومة انتقالية برئاسة نتنياهو.
وأضافت قناة “كان” التلفزيونية الإسرائيلية أنّ “قرار حل الكنيست اتُّخذ بعد أن تأكّد لرؤساء أحزاب الائتلاف أنه، في حال تم تمرير مشروع قانون حل الكنيست الذي قدَّمه الليكود في القراءة التمهيدية، فلن يتم توقيف العملية”.
وفي هذا السياق، نقلت قناة “كان” عن مقربين من بيينت قوله إنه لا يمكن الوثوق بنير أورباخ (عضو الكنيست المنشقّ عن حزب يمينا برئاسة بينيت). لذلك، قرّر القيام بخطوة استباقية، وإعلان حلّ الكنيست.
تخبُّط داخل حزب “يمينا” الذي يترأّسه بينيت
ولفتت تقارير إسرائيلية إلى أن حزب “يمينا”، الذي يترأّسه بينيت، يعيش مشكلة داخلية، فبينيت قرَّر السير في خيار حل الكنيست، في ظل فشله في حشد حزبه لدعم الائتلاف الحكومي، إذ، وفقاً لتقارير إسرائيلية، عقد بينيت اجتماعاً “صعباً” مع وزيرة الداخلية، أييليت شاكيد (قيادية في حزب “يمينا”)، من أجل البحث في إمكان حل الائتلاف الحكومي.
وفي إشارة إضافية إلى التخبط داخل حزب “يمينا”، صرّحت الرئيسة التنفيذية للحزب، ستيلا فاينشتاين، بحسب موقع “والاه” الإسرائيلي، بأنّ حزبها “لا يستبعد التحالف ضمن ائتلاف تُثمر عنه حكومة برئاسة رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو، بعد الانتخابات المقبلة”. وأضافت أن “السياسة في “دولة” إسرائيل، تعلّمنا أنه يمكن لأي شيء أن يتغير في أي لحظة”.
وبشأن مستقبل بينيت، نقلت “القناة الـ12” التلفزيونية الإسرائيلية، عن مقرّبين من بينيت، قولهم إن بينيت “يدرس إمكان اعتزاله الحياة السياسية فترةً محدَّدة”، وأنه يدرس أحد خيارين: إمّا الابتعاد عن المشهد السياسي فترةً زمنية محددة، وإمّا خوض الانتخابات المقبلة ضمن حزب “يمينا”، على الرَّغم من الخلافات الداخلية الكبيرة التي شقت صفوف الحزب منذ انضمامه إلى الائتلاف الحكومي الحالي.
حلّ الكنيست سيؤخّر تعيين خلف لكوخافي
وأفاد موقع “واينت” الإسرائيلي بأنّ حلّ الكنيست ستكون له تداعيات جلية على مساعي وزير الأمن الإسرائيلي، بني غانتس، لتعيين رئيس جديد لهيئة الأركان العامة في الجيش الإسرائيلي، خلفاً للفريق أفيف كوخافي، الذي يُنهي ولايته في شهر كانون الثاني/يناير من العام المُقبل.
وأضاف الموقع أن غانتس “سيواجه صعوبة في إكمال عملية اختيار رئيس أركان جديد للجيش الإسرائيلي. لذلك، سيعقد سلسلة من الاجتماعات مع الأوساط القانونية المعنية،ـ من أجل فحص الخيارات الممكنة، والتي يدخل ضمنها إمكانُ تمديد ولاية كوخافي، فترةً قصيرة، إلى حين الانتهاء من انتخاب كنيست جديد، وتشكيل حكومة مستقرة”.
لابيد سيستقبل بايدن.. وليس بينيت
بعد أن كان منتظَراً أن يُعقَد لقاء بين الرئيس الأميركي، جو بايدن، ورئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي الحالي، نفتالي بينيت، خلال الزيارة المُرتقبة لبايدن لـ”إسرائيل” منتصف شهر تموز/يوليو المقبل، تبدَّلت الأحوال، بحيث إنّ اللقاء المنتظر سيجمع بايدن ولابيد.
وفي هذا السياق، قدَّرت وزارة خارجية الاحتلال الإسرائيلي، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة “إسرائيل هيوم”، أنّه لن يكون هناك تغيير بشأن الزيارة، باستثناء أنّ لابيد هو من سيستقبل الرئيس الأميركي كرئيس حكومة، عوضاً من بينيت.
وتأكيداً لتقديرات الوزارة، أكّد السفير الأميركي لدى “إسرائيل”، توماس نيدس، في تصريحات أدلى بها لوسائل إعلام إسرائيلية، أنّ “زيارة بايدن، المقرَّرة في 13 تموز/يوليو المقبل لإسرائيل، لا تزال قائمة، وستجري كما خُطِّط بشأنها”، مضيفاً أنّ بايدن “سيأتي إلى هنا من أجل مواطني إسرائيل”.
لابيد أمام تحديات أمنية واقتصادية
مع اقتراب موعد توليه منصب رئاسة الحكومة، تحدّثت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن التحديات التي تنتظر لابيد في منصبه الجديد. وفي هذا السياق، كتبت صحيفة “إسرائيل هيوم” أنّ لابيد سيدخل مكتب رئيس الحكومة، الأسبوع المقبل، وهو ناضج ومتمرّس سياسياً، بعد أن تعلّم من أخطائه وأخطاء الآخرين، وبعد أن تلقّى ما لا يُحصى من الضربات.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ رئاسة الحكومة هي مستوى آخر، لا يشبه المناصب التي تولاها لابيد سابقاً. وأضافت أنّه “سيواجه تحديات على المستويين الأمني والاقتصادي”.
وفي مقارنةٍ بين لابيد وبينيت، رأت الصحيفة أنّ “لابيد أكثر تمثيلًا من بينيت، وأكثر تمرُّساً في السياسة منه، إلّا أن بينيت يفهم أكثر في الأمن، ويقرأ الخريطة السياسية بصورة أفضل، كما أنه أكثر فهماً من لابيد فيما يتعلق بالاقتصاد”.
وبشأن المدة المتوقَّع أن يُمضيها لابيد رئيساً للحكومة، قالت صحيفة “هآرتس” إنّ التوقعات لحكومة لابيد تتراوح بين 4 و6 أشهر على الأقل. ولفتت الصحيفة إلى أنّه “في حال لم تُثمر الانتخابات المقبلة نتيجة حاسمة، فقد يجد لابيد نفسه في منصب رئاسة الحكومة أشهراً كثيرة بعد الانتخابات”.
استطلاع رأي: لا أغلبية لأي من المعسكرين في الانتخابات المقبلة
مع إعلان التوجه نحو حل الكنيست، أظهر استطلاع رأي نُشره “راديو 103 أف أم”، اليوم الثلاثاء، أنه لا إمكان لأيّ من المعسكرين في “إسرائيل” في تشكيل الحكومة بعد الانتخابات المقبلة، بحيث أظهر الاستطلاع حصول ما يُسمى “المعسكر القومي”، المؤيد لنتنياهو، على 59 مقعداً، موزعة كالتالي: الليكود (36 مقعداً)، الصهيونية الدينية (10 مقاعد)، شاس (7 مقاعد)، ويهدوت هتوراه (6 مقاعد).
أمّا ما يسمى معسكرَ “التغيير”، فحصل، بحسب الاستطلاع، على 55 مقعداً توزَّعت كالتالي: يوجد مستقبل (20 مقعداً)، أزرق – أبيض (8 مقاعد)، العمل (7 مقاعد)، “يمينا” (7 مقاعد)، “إسرائيل بيتنا” (5 مقاعد)، أمل جديد (4 مقاعد)، القائمة الموحدة (4 مقاعد). أمّا حزب ميرتس فلم يتمكن من تجاوز نسبة الحسم.
وبالإضافة إلى المعسكرين، نالت القائمة العربية المشتركة، غير المنتمية إلى أي من المعسكرين، 6 مقاعد.
Discussion about this post