لا تزال تداعيات أزمة الطاقة تتفاعل في دول الاتحاد الأوربي على خلفية العقوبات التي فرضها الاتحاد على روسيا، ويبدو أنها وصلت إلى حد تهديد الاتحاد في وحدته، الأمر الذي أكدته صحيفة “إل باييس” الإسبانية التي رأت في عددها الصادر اليوم الثلاثاء أنّ الاتحاد الأوروبي، وعلى خلفية أزمة الطاقة المتفاقمة، قد يواجه انقسامًا خطيرًا داخله، معتبرة أن “الشروخ الأولى” قد بدأت بالفعل في الظهور.
وجاء في مقال للصحيفة تحت عنوان “الاتحاد الأوروبي يهتز” أن ” بروكسل، على سبيل المثال، تخشى من أن تؤدي إجراءات الاتحاد “الاستثنائية”، مثل تقنين وخفض استهلاك الغاز إلى انقسامه”. في الوقت نفسه، بدأت “التشققات الأولى” تظهر بالفعل في مواجهة أزمة طاقة واقتصاد محتملة “مع عواقب غير متوقعة”، كما تحذّر الصحيفة.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ اقتراح خفض استهلاك الغاز في الاتحاد الأوروبي بنسبة 15٪ كشف عن انقسامات عميقة بين الدول الأعضاء البالغ عددها 27 دولة. ومع ذلك، فإن التناقضات في الأسابيع الأخيرة تتجاوز مجال الطاقة، وذلك لأنّ الاختلافات بين “الشمال” و”الجنوب” جلية أيضًا في مسائل السياسة المالية والنقدية.
وتخلص الصحيفة إلى أنه “للمرة الثالثة خلال ما يزيد قليلًا عن عقد من الزمان، يواجه الاتحاد الأوروبي أزمة وجودية ستختبر تماسك شركاء هذه الكتلة وقدرتهم على الحفاظ على فضاء اجتماعي واقتصادي ونقدي موحد، جرى تشييده بشق الأنفس على مر السنين”.
وكانت المفوضية الأوروبية قد اقترحت في 20 تموز/ يوليو الجاري لائحة جديدة بشأن الإجراءات المنسقة لخفض الطلب على الغاز، وهي تتضمن إدخال أهداف طوعية مبدئية لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لخفض الطلب على الغاز بنسبة 15٪ اعتبارًا من 1 آب/أغسطس 2022 إلى 31 آذار/ مارس 2023، وذلك يعادل 45 مليار متر مكعب من الغاز.
هذا ويتوجب أن تتم الموافقة على مقترحات المفوضية الأوروبية بهذا الشأن من قبل الأغلبية المؤهلة من دول الاتحاد الأوروبي في مجلس الاتحاد الأوروبي قبل أن تدخل حيز التنفيذ، فيما سيناقش وزراء الطاقة الاقتراح يوم الأربعاء في بروكسل.
مقترح المفوضية الأوروبية غير قابل للتحقيق
إلاّ أن وزير الخارجية الهنغاري بيتر سيارتو، رأى أن مقترح المفوضية الأوروبية غير قابل للتحقيق. وقال معلقًا على المقترح: “يقولون إنه يجب خفض استهلاك الغاز في أوروبا بنسبة 15%. حسنًا، ولكن ما معنى ذلك؟.. هل يجب على كل فرد تقليص الاستهلاك بنسبة 15%؟ أو على المستهلكين الصناعيين؟ أو أصحاب المنازل؟ أو قد يقول أحد إن هذا يعني أنه يجب تقليص استهلاك الإضاءة بهذه النسبة، أو التدفئة أو الطبخ؟ أو كيف سيكون ذلك؟”.
أضاف سيارتو: “هذا غير قابل للتحقيق، أعتقد أنه على المفوضية الأوروبية على الأرجح أن تبحث عن مصادر جديدة للغاز وعقد اتفاقيات جديدة، وهنا يطرح من جديد السؤال بشأن العقوبات التي سنضطر لمناقشة فاعليتها عاجلًا أم آجلًا”.
ولفت سيارتو إلى أن “الوضع الطارئ ليس في اقتصاد البلاد التي تفرض عليها العقوبات، بل لدينا، أي لدى الجانب الذي فرض تلك العقوبات”.
يُذكر أنّ الحكومة الهنغارية أعلنت حالة الطوارئ في مجال الطاقة، التي تفترض زيادة إنتاج الغاز في البلاد، إضافة إلى عدد من الإجراءات الأخرى.
Discussion about this post