في مواقف لافتة ذات دلالات مهمة، كشفت المواقف الرسمية الروسية الأخيرة، بما يخص العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة – والذي واجهته المقاومة الفلسطينية – سرايا القدس بمعركة “وحدة الساحات” – عن عمق الخلاف بين موسكو والكيان المؤقت، بحيث دفع الكرملين الى تغيير موقفه المعتاد في مثل هكذا أحداث، من الحياد السلبي الى الحياد الإيجابي على أقل تقدير.
ويُقصد بموقف الحياد الإيجابي، تحميل الجهات الرسمية الروسية لكيان الاحتلال، مسؤولية التصعيد الأخير، واستخدمت في وسائلها الإعلامية الرسمية أيضاً كتلفزيون “أر تي – RT” ووكالة “سبوتنيك – Sputnik” للأخبار، مصطلحات “المقاومة الفلسطينية” و”العدوان الإسرائيلي على غزة”، بالإضافة الى تركيزها على إخفاقات جيش الاحتلال أو مجازره بحق المدنيين، ولم تنسى أيضاً الإشارة الى تضامن الدولة الأوكرانية مع الكيان في “عمليته العسكرية”.
أما على صعيد المواقف الرسمية، فقد أعربت على لسان المتحدثة باسم وزارة خارجيتها ماريا زاخاروفا عن “قلقها البالغ” لما يجري في فلسطين، موجهةً الاتهام بأن الضربات الجوية الإسرائيلية على قطاع غزة هي التي تسببت في تصعيد التوتر، مؤكدة تمسك موقف دولتها تجاه مبدأ “حل الدولتين”، داعيةً الجانبين إلى إبداء ما وصفته بأقصى درجات ضبط النفس. مضيفةً بأن بلادها تراقب بقلق بالغ تطور الأحداث التي يمكن أن تؤدي إلى استئناف المواجهة العسكرية على نطاق واسع، بالإضافة الى تفاقم تدهور الأوضاع الإنسانية المتردية أصلًا في غزة.
لكن السفارة الروسية في القاهرة، كانت أشد تعبيراً وهجوماً في مواقفها، حينما أكدت في بيان لها أن الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا اللتين تلتزمان باستمرار بسياسة المعايير المزدوجة، تدافعان تقليديا عن موقف “إسرائيل”. مضيفةً بأنهما تصدران أحيانا فقط بيانات روتينية حول دعم فلسطين وحل الدولتين، للحفاظ على صورتهما كحماة السلام على الصعيد العالمي. متابعةً بأنه مع ذلك، لا أحد يهتم حقا بمصير الفلسطينيين في “الديمقراطيات المزدهرة” التي تدعي أنها مراكز دفاع عن القيم الإنسانية واحترام المشاعر الإنسانية.
إسرائيل تطلق النار على صحفية “آر تي”
وفي تصرف يساهم في توتير العلاقات بين الجانبين، أطلق جيش الاحتلال المتواجد في الضفة الغربية النار على مراسلة “آر تي” العربية “يافا ستيتي” والفريق المرافق لها، خلال البث المباشر للقناة، بعدما قاموا بتصوير ضابط إسرائيلي يوجه سلاحه ضد الفلسطينيين المتظاهرين دعما لغزة.
لا شك بأن هذه الأحداث الأخيرة وما حصل خلالها من مواقف، واستمرار المواجهة الروسية للمعسكر الغربي بقيادة أمريكا، ومواقف إسرائيل المؤيدة والتابعة لواشنطن، ستزيد بالتأكيد من توتر العلاقة ما بين الكرملين وحكومة الاحتلال. وربما سيقرب ذلك روسيا أكثر فأكثر من حركات وقوى المقاومة مستقبلاً، بالإضافة الى وجود علاقات استراتيجية بينها وبين كل من الجمهورية الإسلامية في إيران وسوريا، ما يذكّر بمواقف الإتحاد السوفياتي التاريخية، حينما كان من أشد الداعمين لسوريا ومصر ومنظمة التحرير الفلسطينية وفصائل المقاومة اللبنانية.
Discussion about this post